مقتل «مصور الثورة» في بابا عمرو

رامي السيد تنقل بين المشافي الميدانية ليصور الجرحى

TT

لم يتوقع الناشط السوري رامي السيد الذي قام بتوثيق مشاهد القتل والدمار داخل حي بابا عمرو في حمص عبر كاميراته ذات الإمكانيات البسيطة، أن يتحول هو نفسه إلى مادة للتوثيق وموضوعا لشريط فيديو يُظهر جثته الهامدة، تم بثه أمس على موقع «يوتيوب».. كما أكدت الهيئة العامة للثورة السورية مقتل رامي السيد، أحد أهم الناشطين الإعلاميين في حمص، مشيرة إلى أنه توفي بسبب إصابته البالغة جراء القصف المتواصل.

الناشط الشاب رامي (26 عاما ووالد لطفلة عمرها سنة ونصف)، انضم إلى الحراك الشعبي المعارض لنظام بشار الأسد منذ البداية، حمل كاميراته وراح يصور عمليات القتل والتعذيب والسلب والنهب التي تمارسها قوات الأمن التابعة للنظام السوري.. وحين حوصرت حمص، وتحديدا حي بابا عمرو الذي يقيم فيه الناشط، في الرابع من الشهر الجاري، أصبحت مهمة رامي، كما يقول أحد الناشطين المقربين منه، أكثر خطورة؛ فقد «صار يتنقل بين المشافي الميدانية ليصور الجرحى، ويدخل بين أنقاض المباني المتهدمة ليصور الجثث المتفحمة».

وقد بثت الكثير من الفضائيات أشرطة فيديو قام رامي السيد بتصويرها داخل حي بابا عمرو، تبين آثار القصف العنيف وتشرح بصوت رامي نفسه معاناة أهالي الحي، والحالة الإنسانية المزرية التي يعيشونها إزاء عمليات الجيش السوري التابع للأسد المرابط على مشارف بابا عمرو. كما كان للسيد دور كبير في عمليات البث المباشر التي تنقل على شاشات الفضائيات، وتظهر حجم المظاهرات المعارضة التي كانت تخرج في الحي قبل محاصرته بالمدرعات العسكرية.

ويقول الناشط المقرب من السيد، إن رامي الذي كانوا يطلقون عليه لقب «مصور الثورة في بابا عمرو»، لم يقتل وهو يقوم بالتصوير.. ولكنه كان يحاول إنقاذ عائلة فرت من القصف من أحد شوارع الحي إلى شارع آخر؛ غير أن قذيفة استهدفت السيارة التي تقل العائلة وقتلت رامي على الفور، مخلفة الكثير من الجرحى.

وكان ناشطون معارضون قد نشروا على موقع «يوتيوب» شريط فيديو يظهر جثة رامي السيد، مشيرين في الشريط إلى أن زميلهم «قتل لأنه يصور الحقائق كما هي»، وأن «الثورة ستخرج ألف رامي ولن تتوقف».

واعتمد الناشطون السوريون، منذ بداية الثورة ضد نظام الأسد، على أفلام مصورة بكاميرات الهواتف الجوالة وبعض الكاميرات غير المحترفة، لبث ما يجري داخل سوريا، حيث تحول المتظاهرون السوريون إلى مصورين صحافيين مهمتهم نقل الصورة وتوثيق الحدث.. وباتت كاميرات الهواتف الجوالة شريكا أساسيا في الانتفاضة السورية؛ خاصة بعد منع النظام السوري للصحافيين ووسائل الإعلام العربية والأجنبية من الدخول إلى سوريا وتغطية الأحداث ومعرفة ما يجري.

وقالت منظمات حقوقية سورية إن مصوري المظاهرات في سوريا باتوا «هدفا لرصاص الأمن»، وأشاروا إلى اعتقال المئات من الشبان بسبب تصويرهم المظاهرات والنشاطات المناوئة للنظام، حيث طالت الاعتقالات كل من يحمل هاتفا جوالا في تلك اللحظة، وأحيانا دون التمييز إن كان هاتفه يشمل كاميرا أم لا.. وحذرت المنظمات من أن قوات الأمن تستهدفهم بشكل متعمد، وأكدت أن السلطات الأمنية السورية تحاول وقف تدفق الأدلة المتمثلة في لقطات فيديو توثق استهدافهم عمدا للمحتجين.

وكان ناشطون حقوقيون سوريون قد أشاروا في منتصف العام الماضي إلى أنهم جمعوا مقاطع فيديو خطيرة ستكون «ثروة معلوماتية» لو وصل الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية، كما أكدوا وجود «مئات الأفلام التي تصور وجوه قَتَلة المتظاهرين المدنيين، وتوثق حوادث القتل بالكامل».