حزب طالباني يسحب قواته الأمنية من مدينة السليمانية

صحافيون يعتصمون أمام مقر مكتبه السياسي

TT

بعد نشر الآلاف من عناصر القوى الأمنية التابعة لسلطات الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني في مركز مدينة السليمانية، تحسبا من تجدد الاضطرابات في الذكرى السنوية الأولى لانطلاق التظاهرات الشعبية العارمة التي شهدتها ساحة السراي العام الماضي، أعلن وكيل وزارة الداخلية في حكومة إقليم كردستان جلال كريم انسحاب جميع تلك القوات إلى مواقعها السابقة بعد عودة الأمن والهدوء إلى المدينة.

وقال كريم إن «السلطات المحلية، استجابة منها لمطالب المعارضة والمثقفين وأصحاب المحلات التجارية في مركز المدينة، أمرت بسحب جميع تلك القوات وإنهاء المظاهر المسلحة تماما في أنحاء المدينة كافة بعد عودة الهدوء إليها»، مؤكدا أن «أمر الانسحاب صدر عن وزارة الداخلية في حكومة الإقليم». وبحسب المصادر المحلية «فإن انسحابا تدريجيا جرى في المدينة خلال الأيام الثلاثة المنصرمة، وأنهت تلك القوات انسحابها الكامل يوم أمس الأربعاء».

وكانت حالة من التوتر الشديد قد خيمت على مدينة السليمانية مع حلول الذكرى السنوية الأولى لاندلاع التظاهرات الشعبية بالمدينة، وحاول مراسلو الكثير من القنوات الإعلامية الحضور إلى ساحة السراي مركز تظاهرات العام الماضي لتغطية الأحداث المستجدة، خاصة بعد ظهور دعوات على شبكة التواصل الاجتماعي لتجديد التظاهرات في الذكرى السنوية، ولكن السلطات الأمنية شنت حملة اعتقالات ضد العديد من الصحافيين واعتدت على آخرين بكسر كاميراتهم وتوجيه الإهانات لهم، ولذلك قررت مجموعة من الصحافيين الاعتصام أمس أمام المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني للإعراب عن احتجاجهم على سوء المعاملة التي يتلقونها من السلطات الأمنية في مثل هذه المناسبات وتكرار الاعتداءات عليهم أثناء قيامهم بواجباتهم الإعلامية.

وتحدث رحمن غريب رئيس مركز الميترو للدفاع عن الصحافيين، وهو أحد الصحافيين الأربعة الذين تم اعتقالهم في يوم الذكرى السنوية وتعرض إلى ضرب مبرح من قبل عناصر الأمن بالمدينة، إلى «الشرق الأوسط»، قائلا «لقد قررنا أن ننظم اعتصامنا أمام مقر المكتب السياسي للاتحاد الوطني للإعراب عن احتجاجاتنا تجاه سوء المعاملة التي يتعرض لها الصحافيون في جميع أرجاء كردستان، ويشارك في الاعتصام عدد كبير من صحافيي الصحف المستقلة والعاملين بالقنوات الإعلامية غير الحكومية». وحول أسباب اختيار مقر المكتب السياسي للاعتصام، قال غريب «نحن نعلم بأن هناك انقساما إداريا على مستوى حكومة الإقليم، فأربيل خاضعة لسيطرة ونفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يترأسه رئيس الإقليم مسعود بارزاني، والسليمانية تحت نفوذ الاتحاد الوطني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني، ولذلك نريد أن نختصر الطريق، فبدلا من أن نذهب إلى الاعتصام أمام البرلمان، قررنا الاعتصام هنا لتوجيه رسالة إلى السلطة التي تتحكم بالمحافظة والمتمثلة بالاتحاد الوطني، ولنقول لهم بأن الانتهاكات الفظيعة التي يرتكبها عناصر الأمن والسلطات الأمنية التابعة لهذا الحزب لا تستقيم مع مبادئ الاشتراكية الديمقراطية التي يعتبر الاتحاد الوطني أنه ينتمي إليها، وهي مبادئ معروفة تنادي باحترام الحريات بكل جوانبها الإنسانية والإعلامية وحرية التعبير، وأن ما تعرضنا له من الاعتداءات والانتهاكات في الشارع، وتوجيه الإهانات وضرب الصحافيين يتناقض تماما مع تلك المبادئ الأساسية، ويبدو أن السلطات بكردستان ترى ضرب الصحافيين واعتقالهم وإهانتهم أهون عليها من إجراء الإصلاحات التي ينادي بها جموع الشعب». وأضاف «إن اعتصامنا اليوم أمام مقر المكتب السياسي للاتحاد الوطني لا يعني إعفاء الطرف الآخر وهو الحزب الديمقراطي ومنطقة نفوذه من ارتكاب نفس الانتهاكات ضد الصحافيين، وقد وثقنا الكثير منها في تقاريرنا الصحافية التي نشرناها عبر مركز الميترو للدفاع عن الصحافيين». وأشار غريب، الذي تم اعتقاله من قبل قوات أمن الاتحاد الوطني وأطلق سراحه بضغط من رئيس الحكومة برهم صالح وهيرو أحمد عقيلة الرئيس العراقي ومسؤولة مركز تنظيمات الاتحاد الوطني بالسليمانية، إلى أن «معظم أفراد القوات الأمنية التي استقدمها الاتحاد الوطني لنشرها داخل مدينة السليمانية كانوا من مناطق ومدن أخرى وهم غير معروفين بالنسبة للسكان المحليين، ويبدو أنه كانت هناك أغراض معينة باللجوء إلى هؤلاء، فرغم أنني كنت أرتدي قميصا تم توزيعه من قبل وزارة الداخلية على الصحافيين لتمييزهم عن المتظاهرين في مثل هذه المناسبات، وعليه كتابة واضحة وكبيرة بأنني صحافي، مع ذلك فقد ضربوني وأهانونني، وعليه فإننا باعتصامنا هذا نريد أن نوقف كل تلك الانتهاكات الخطيرة ضد الصحافيين الذين يقومون بواجباتهم في خدمة الشعب، ويؤدون رسالة نبيلة يفترض أن يحترموا لا أن يهانوا، كما يجب على السلطات ألا تزج بالصحافيين في صراعاتها مع الآخرين، لأن هؤلاء يؤدون عملا مهنيا بعيدا عن الانتماءات أو الإملاءات الحزبية».

من جانبه أكد كمال رؤوف رئيس تحرير صحيفة «هاولاتي» المستقلة الواسعة الانتشار بكردستان أن «هذا الاعتصام هدفه هو إبلاغ رسالة واضحة إلى سلطات الاتحاد الوطني مفادها أن وضع الصحافيين في السليمانية يتجه إلى معترك خطير جدا، لأن هناك انتهاكات واضحة ومتكررة ضد الصحافيين، والكل يتهرب من مسؤوليته تجاهها، ونحن نشعر بتراجع كبير من السلطات فيما يتعلق بمعايير المجتمع المدني واحترام حقوق الصحافيين، حتى أصبح متعذرا على الصحافي أن يذهب إلى أي مكان لأداء عمله وخصوصا الأماكن العامة، وتجمعنا أمام المكتب السياسي لإبلاغهم بوقف تلك الانتهاكات لأنهم يديرون شؤون المحافظة، وإذا لم نتلق منهم استجابة لمطالبنا فستكون لنا خيارات أخرى حسب القانون».