معركة «تأسيسية الدستور» تطفو على سطح المشهد السياسي المصري

مع انتهاء انتخابات مجلس الشورى وقرب الاستحقاق الرئاسي

محمد مرسي و تهاني الجبالي
TT

مع انتهاء المرحلة الثانية والأخيرة لانتخابات مجلس الشورى المصري وإعلان نتائجها الرسمية والنهائية غدا (السبت)، تبدأ القوى السياسية المصرية الاستعداد لمعركة جديدة تتعلق باختيار الجمعية التأسيسية التي يناط بها كتابة الدستور الجديد. حيث أبدى عدد من القوى المدنية والليبرالية مخاوفها من أن تنعكس سيطرة التيارات الإسلامية الواضحة على البرلمان على شكل الجمعية وأعضائها، ومن ثم على صياغة الدستور الجديد للبلاد، رغم إعلان جماعة الإخوان المسلمين، أكبر فصيل سياسي مصري، أن الجمعية التأسيسية ستكون متوازنة ومعبرة عن كل تيارات المجتمع، وأن 60 في المائة من أعضائها سيكونون من خارج البرلمان.

ووفقا للإعلان الدستوري المعمول به حاليا في البلاد، يناط بمجلس الشورى، بالاشتراك مع مجلس الشعب، اختيار الجمعية المكلفة بوضع دستور جديد. وجرت جولة الإعادة في انتخابات الشورى أول من أمس، على المقاعد الفردية في 13 محافظة. وقال حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، إن اللجان القضائية المشرفة على انتخابات مجلس الشورى أعلنت فوز 20 مرشحا للحزب من إجمالي 23 مرشحا خاضوا هذه الجولة للمنافسة على 26 مقعدا. وكانت النتائج الأولية للقوائم قد أشارت إلى فوز حزب الحرية والعدالة أيضا بنحو 45 في المائة من المقاعد، يليه حزب النور السلفي بـ25 في المائة، بينما حصلت بقية الأحزاب على النسبة الباقية.

وقالت جماعة الإخوان المسلمين إنها لن تحتكر وضع الدستور الجديد، وإنه سيكون توافقيا بين جميع القوى، بحيث يضعه الشعب المصري بكل فئاته. وقال الدكتور محمد مرسي، رئيس حزب الحرية والعدالة، في تصريحات له أمس على موقع الحزب، إن «الجمعية التأسيسية يجب أن تكون متوازنة على أن يضع البرلمان معاييرها، وإن وجهة نظر الحزب هي أن تكون متنوعة في الانتماء السياسي، وأن تشمل 40 في المائة من داخل البرلمان، و60 في المائة من خارجه».

وقد وافقت لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب أمس على اقتراح بمشروع قانون قدمه محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، لاختيار لجنة الدستور، وقررت إحالته للجنة الشؤون الدستورية لدراسته. وقال السادات إنه راعى في مشروعه حتمية تمثيل كل أطياف المجتمع والمصريين في الخارج وممثلي كل الهيئات في لجنة الدستور لتخرج معبرة عن كل طوائف الشعب، مشيرا إلى أن المشروع ينص على حق الأعضاء المنتخبين من مجلسي الشعب والشورى فقط في اختيار أعضاء لجنة الدستور، وأن يكون اختيارهم بالاقتراع السري المباشر، وترك المجال مفتوحا أمام الراغبين في المشاركة لتقديم أوراقهم للجنة برلمانية مختصة.

لكن المستشارة تهاني الجبالي، نائبة رئيس المحكمة الدستورية العليا، أكدت أن النص الدستوري أكد على ضرورة أن ينتخب البرلمان أعضاء لجنة الدستور، ولم يذكر أكثر من ذلك، وبالتالي ما يحكم هذه المسألة هو الضوابط والنصوص الدستورية المتعارف عليها في الفقه الدستوري وليس التوازنات السياسية داخل البرلمان، مشيرة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الهيئات التأسيسية لا بد دائما أن تعكس كل الأطياف السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية والدينية، ويكون بها تمثيل للمرأة والشباب والفئات الضعيفة، وهذه معايير لا يجوز لأحد أن يفرط فيها أو يهدرها.

وقالت الجبالي «لو شكلت على غير هذا الأساس ستصبح لجنة معيبة، وقد تترتب على ذلك أخطار كبيرة جدا خاصة أن الحس الثوري ما زال قائما في الشارع، وبالتالي فإن البرلمان الآن أمام محك، فإما أن يحترم العرف الدستوري في إقامة الهيئات التأسيسية، أو تتم مخالفتها ومواجهة الشارع». وأوضحت الجبالي أن «الدساتير ليست محل غلبة سياسية، بل تكون دائما توافقية»، كما رفضت أن يكون في اللجنة أي من أعضاء البرلمان، وقالت إنه «يجب تشكيل اللجنة من الخارج بالكامل، لأنه هذا الوضع هو الأسلم، وحتى تتحول إلى لجنة مستقلة بعيدة عن أي مؤثرات، إضافة إلى تجنبها شبح بطلان مجلس الشعب»، مضيفة «مسار مجلس الشعب متعلق بمسار المؤسسة التشريعية، وقد يحل في وقت قريب، وحينها ستصبح لجنة الدستور التي شكلها البرلمان معيبة.. وبالتالي الأسلم أن تكون مستقلة عن البرلمان وتكون معبرة عن شكل من أشكل المصلحة الوطنية».

وطالبت حركة 6 أبريل في بيان أصدرته أمس بعدم الاستعجال في صياغة الدستور بناء على لجنة يختارها البرلمان الذي قالت إنه «يعاني الآن من تساؤلات وتهديدات حول دستوريته». وقال منسقها العام أحمد ماهر «يجب ألا تشكل لجنة صياغة الدستور إلا بعد الفصل في صحة ودستورية وضع البرلمان لكي لا نعاني في المستقبل من أي طعون في صياغة الدستور».