إسرائيل تخطط لتحويل مطار قلنديا لمنطقة صناعية.. ومتطرفون يحاولون اقتحام الأقصى

اتفق على أن يكون مطارا دوليا للدولة الفلسطينية بموجب اتفاق أوسلو

مستوطنة شيلو بين نابلس ورام الله، التي قررت الحكومة الإسرائيلية بناء نحو 700 وحدة سكنية فيها، أمس (أ.ب)
TT

واصل يهود متطرفون، أمس، محاولة اقتحام الحرم القدسي الشريف الذي يضم بين جنباته المسجد الأقصى المبارك (أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين) وقبة الصخرة المشرفة، لليوم الثالث على التوالي، وهو ما فجر مواجهات عنيفة بين مرابطين داخل الحرم القدسي من جهة، والمتطرفين وقوات إسرائيلية من جهة ثانية.

وحاول اليهود المتطرفون اقتحام الأقصى 3 مرات أمس، بعد محاولات مماثلة في اليومين الماضيين إثر دعوات من جماعات متطرفة تطلق على نفسها اسم «للصعود لجبل الهيكل» المزعوم الذي يدعي اليهود أن الأقصى مقام في مكانه.

وفال حاتم عبد القادر، وزير القدس السابق، لـ«الشرق الأوسط»: «لم ينجح سوى العشرات في الدخول متسللين بين مئات الأجانب، لقد استغلوا السياحة الدينية وهرّبوا المتطرفين إلى داخل ساحات الأقصى لكن المرابطين تصدوا لهم وردوهم»، معتبرا ما يدور في ساحات الأقصى منعطفا خطيرا، إذ «لم تعد محاولات الاقتحام مقتصرة على المناسبات الدينية اليهودية، ولم تعد قصرا على المتطرفين، وإنما يشارك فيها كل مكونات المجتمع الإسرائيلي وفي مقدمتها الائتلاف الحاكم».

وأضاف عبد القادر أن «هذا مؤشر نحو توجه سياسي جديد.. إنهم يريدون نقل المعركة إلى داخل الأقصى واختبار ردود الفعل العربية والفلسطينية».

وأردف قائلا «هذه الاقتحامات الصغيرة قد تكون اقتحامات تجريبية لاقتحام أوسع، وأنا أتهم إسرائيل رسميا بالإعداد لاقتحام واسع النطاق للأقصى لفرض أمر واقع جديد داخل المسجد بتقسيم ساحاته على غرار ما حصل في الحرم الإبراهيمي».

وانتقد عبد القادر ردود الفعل الفلسطينية والعربية والإسلامية الضعيفة، قائلا «إنها تشجع الإسرائيليين على ما هو أبعد من اقتحام الأقصى». وجدد الدعوة إلى النفير إلى الأقصى، مشيرا إلى أنها دعوة يومية متجددة بطبيعة الحال.

ومن غير المعروف متى ستتوقف الجماعات اليهودية عن محاولة اقتحام الأقصى في المدى القريب، وأول من أمس، جدد متطرفون النداء في شوارع القدس لتنفيذ اقتحامات يومية، وجمع تبرعات لبناء «الهيكل المزعوم».

من جهتها، أدانت الرئاسة الفلسطينية عمليات الاقتحام المتواصلة للمسجد الأقصى المبارك. واعتبر الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة في تصريح صحافي أمس، أن «هذا تصعيد خطير واستفزازي، ويكمل سلسلة الهجمات التي يقوم بها المتطرفون على المقدسات من مساجد وكنائس، وستكون لها عواقب وخيمة لا تحمد عقباها». وحمل أبو ردينة الإسرائيليين مسؤولية هذا التصعيد، وطالب المجتمع الدولي بالتدخل لإجبار السلطات الإسرائيلية لوقف هذه الأعمال الاستفزازية التي تمس حرية العبادة.

وبينما تشعل جبهة الأقصى، فتح الإسرائيليون جبهة أخرى مع السلطة وهي جبهة مطار قلنديا القريب من القدس. وقالت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، أمس، إن لجنة التنظيم والبناء التابعة للمجلس البلدي اليهودي للقدس المحتلة قامت مؤخرا بتسجيل الأرض المقام عليها المطار كأرض تابعة للبلدية وللدولة في دائرة أراضي إسرائيل، وذلك بعد طلب من مصلحة المطارات المدنية التي كانت استولت على المطار مع احتلال القدس، وقدمت الطلب للبلدية بتسجيل الأرض.

وكان وزير المواصلات الإسرائيلي يسرائيل كاتس، قد شكل لجنة خاصة في مايو (أيار) 2010 ضم ممثلين عن وزارة المواصلات، وبلدية القدس، ودائرة أراضي إسرائيل، بمشاركة سلطة هيئة المطارات المدنية، وذلك لبحث كيفية نقل المنطقة المقام عليها مطار قلنديا الواقع بين شمال القدس الشرقية والمحتلة وجنوب مدينة رام الله، إلى بلدية القدس، وتقرر فعلا تحويل المنطقة إلى منطقة بلدية، إيذانا بإقامة منطقة صناعية هناك.

وأغضبت الخطوات الجديدة، الفلسطينيين، الذين كانوا يخططون لتحويل المطار الذي أنشأته سلطات الانتداب البريطانية عام 1920. وأصبح المطار الرسمي للضفة الغربية في ظل الحكم الأردني (1951 - 1967)، قبل أن تسيطر عليه إسرائيل بعد نكسة 1967 واستخدامه كمطار عسكري قبل أن تقدم على إغلاقه مع بداية الانتفاضة الثانية. وقال الناطق باسم الحكومة الفلسطينية، غسان الخطيب، «إنه ليس من حق إسرائيل أو بلدية الاحتلال في القدس إجراء أي تعديل على الوضع القائم حاليا وفق القانون الدولي».

واعتبرت مسؤولة حركة «سلام الآن» الإسرائيلية، حجيت عفرون، هذه الخطة محاولة تخريب جديدة على عملية السلام هدفها منع إقامة دولة فلسطينية. وقالت «إن تحويل المطار إلى منطقة صناعية سيقضي كليا على فرصة إقامة دولتين للشعبين». وأضافت «لا يهمني على اسم من سيتم تسجيل الأرض لكنها يجب أن تحول إلى السلطة الفلسطينية».

ولكن رئيس بلدية القدس، نير بركات، حاول «الموازنة» بينه وبين مشروع آخر أعلنه أمس مع الوزير كاتس، ادعى فيه إقرار خطة لتعبيد 50 شارعا داخل القدس الشرقية على مدى السنوات الخمس المقبلة، بتكلفة 500 مليون شيقل (نحو 100 مليون يورو)، سيتحملها الاتحاد الأوروبي وذلك من أجل تحسين نوعية حياة الفلسطينيين الذين يعيشون فيها. وقال بركات إن البرنامج «سيتيح تحسين نوعية الحياة والخدمات البلدية في أحياء القطاع الشرقي للمدينة»، الذي يعيش فيه نحو 270 ألف فلسطيني.

يذكر أنه وحسب اتفاقيات أوسلو، تم إعداد مطار قلنديا ليكون مطارا دوليا للدولة الفلسطينية العتيدة. ورغم ذلك ظل المطار محل خلاف بين الطرفين، وكان على طاولة البحث خلال المفاوضات حول التسوية الدائمة عام 2000، في محاولة للتوصل إلى حل وسط ينص على إقامة مطار دولي يخدم الإسرائيليين والفلسطينيين ولكن لم يخرج هذا التفاهم لحيز التنفيذ. ومع اندلاع الانتفاضة الثانية في 28 سبتمبر (أيلول) 2000 أغلقت سلطات الاحتلال المطار في وجه الطائرات، ولكنها استغلت أبنيته لإنشاء مصنع تابع للصناعات الجوية التابعة للجيش الإسرائيلي.

وأعيد فتح ملف المطار في المفاوضات الني جرت بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، عام 2008. وأعربت وزيرة الخارجية السابقة، تسيبي ليفني، في حينها، لرئيس الحكومة الفلسطينية، سلام فياض، عن التزام الحكومة بهذا الاتفاق.

لكن وقبل نحو السنتين، قرر وزير المواصلات، يسرائيل كاتس، تشكيل لجنة خاصة للبحث في إمكانية تحويل المطار إلى سلطة بلدية القدس الغربية. وتبين أن البلدية تخطط لجعله منطقة صناعية حديثة، وربما أحياء سكنية.

وجدير بالذكر أن هذه الخطة لن تصبح قابلة للتنفيذ إلا بعد مصادقة الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو عليها. ويتوقع أن تطلق السلطة الفلسطينية حملة ضغوط دولية متوقعة عليه، في حال انتشار النبأ عن الخطة التوسعية الاحتلالية.