لقب «مادموزيل» يهجر اللغة الفرنسية الرسمية

بعد أن أمرت الحكومة بإلغائه من المخاطبات والسجلات ليحل محله «آنسة» أو «مدام»

TT

من دون قبلة على اليد أو دمعة الوداع، ودعت الحكومة الفرنسية هذا الأسبوع لقب «مادموزيل» من تعاملاتها الرسمية.

وفي مذكرة موجهة إلى مسؤولي الدولة في شتى أنحاء فرنسا، أمر رئيس وزراء فرنسا فرانسوا فيون بإلغاء اللقب، الذي يعبر عن «فتاة شابة»، ويساوي «آنسة»، من المخاطبات والسجلات. وكتب فيون: «استخدام لفظة (مادموزيل) يعطي إشارة لا مبرر أو ضرورة لها على الحالة العائلية للسيدة، في الوقت الذي يتغير فيه لفظ (مسيو) عن مدلوله».

استخدام لفظة «مادموزيل» أو «مدام» أو «مسيو» شائع الانتشار في كل المجالات في فرنسا؛ من فتح حساب مصرفي، إلى التسوق عبر الإنترنت، أو دفع الضرائب.. على سبيل المثال.

ويأتي قرار فيون، الذي وقعه الثلاثاء الماضي، بعد حملة قوية استمرت لعدة أشهر قادتها اثنتان من المنظمات النسائية: «أوسي لو فيمينيزم» و«لي تشيني دو غراد» (الحراس). كما أيدته «روزيلين باتشيلوت - ناركوين» التي يأتي بين مهام عملها مسائل «التماسك الاجتماعي».

وقالت المنظمة النسائية على موقع إلكتروني مشترك: «أنت لم تتساءل على الإطلاق لماذا لم نصف رجلا أعزب بأنه (موندمسيو) أو حتى (شاب بكر)؟ الأمر لا يثير الدهشة، فهذا النوع من التمييز موجه ضد النساء فقط».

وعبرت مغالي دي هاس، المتحدثة باسم «أوسي لو فيمينيزم» عن أملها في أن تتمكن المؤسسات الخاصة هي الأخرى بمرور الوقت من التخلي عن لقب «مادموزيل» وأن يخرج المصطلح من الاستخدام الشعبي.

يذكر أن تفاصيل اللغة الفرنسية تخضع لرقابة ومناقشة من قبل مؤسسة «أكاديمي فرانسي»، التي عادة ما تعمل وفق جدول زمني يتناسب مع وقارها، والتي ينبغي أن تقدم تعليقا هي الأخرى. ولم تبتهج كل النساء الفرنسيات بأخبار التغيير، بالنظر إلى التقليد الطويل والازدراء الواسع لحركات نسائية وصفت بأنها تفتقر إلى التقدير الملائم للمتع التي تعطيها الاختلافات بين الجنسين.

وتشير دي هاس إلى أنه عادة ما يطلق لقب «جون أوم» على «الأشخاص في العشرينات من العمر، وليس (مسيو)». واقترحت تمييزا مماثلا بين «الشابة» (جون فيم) والسيدة الأكبر (مدام)، ومن ثم، يمكن تجنب مصطلح «مادموزيل» الذي يضيف إلى مفاهيم استبعاد النساء.

وبحسب المركز الوطني الفرنسي للمصادر النصية والمجتمعية، فقد بدأ استخدام مصطلحات «مادموزيل» و«ديموزيل» في تسعينات القرن السابع عشر للإشارة إلى المرأة غير المتزوجة. وقد دخل مصطلح «مادموزيل» إلى الاستخدام الرسمي في ظل حكم نابليون الأول، منشئ القانون المدني الفرنسي، لكنها دخلت الاستخدام الأوسع فقط في القرن العشرين، بحسب لورانس واكي، مؤلفة كتاب صدر مؤخرا حول الموضوع.

وتقول واكي إن المؤرخين لا يعلمون الكثير عن أصل المصطلح، وهو أمر لم يكن مفاجئا لأنه يشير إلى المرأة، «فهو يبدو على الدوام تفاصيل ثانوية، خاصة أن أغلبية المؤرخين من الرجال».

وتقول واكي إنها كانت سعيدة للغاية بعلمها باختفاء مصطلح «مادموزيل» من الصيغ الرسمية، لكنها أضافت بنوع من الحزن: «لا أستطيع أن أصدق حقا أننا ما زلنا في هذه المرحلة».

وقد استنكرت بعض النساء الجدية التي تعاملت بها المنظمات النسائية مع قضية «مادموزيل» غير مباليات بما وصفته دي هاس بـ«العنف الرمزي» للعالم.

وقالت جولييت بينيتي، 61 عاما، عاملة سابقة في مصنع وهي تنفث دخان سيجارة على رصيف خارج باريس: «أجد ذلك مخزيا، فالآنسة لها مكانتها». وقالت: «إنه إطراء. أنا عادة ما أصف النساء بـ(الآنسات). إنه لأمر مبهج، فهي تجعل الشخص يشعر بأنه أصغر».

وأكدت أوليفيا كاتان، مؤسسة ورئيسة منظمة «بارولي دي فيم» (كلمات النساء)، وهي منظمة دفاعية، أن «الخطوة محبطة، بالنظر إلى التمييز العميق في الرواتب والصدارة في السياسة والشركات». وقالت: «نحن نعتقد أن هذا الإجراء مجرد إلهاء لتحاشي الحديث عن القضايا الأكثر أهمية، فهناك حاجة ملحة في مناطق أخرى».

وكانت الدول الناطقة باللغة الإنجليزية قد وضعت بعد عقود من المناقشات الثقافية لفظة «Ms» بدلا من «Mrs» للسيدة والمتزوجة، و«Miss» للشابة. وفي ألمانيا لم يعد لفظ «فراو (سيدة شابة) » مستخدما بصورة رسمية. وفي إيطاليا، لا تستخدم ألقاب التكريم عادة في الوثائق الرسمية. وفي إقليم الكويبك الكندي الناطق باللغة الفرنسية، يستخدم لفظ «مدام» مع الجميع، عدا الفتيات الصغيرات أو النساء اللاتي يصررن على استخدام لقب آنسة. وقال فيون في المذكرة إنه سيتم استبدال لقب العائلة قبل الزواج واسم الأب أو الأسرة، واستعمال «شخص متزوج»، في الوثائق الرسمية بفرنسا. وأملا في تجنب الإهدار، طلب فيون أن يتم العمل بالاستمارات القديمة حتى ينفد المخزون. ولم تنشر أي تقديرات رسمية يوم الأربعاء حول توقيت نفاد هذا المخزون، لكن هناك مخاوف من جانب البعض من أن تطول الفترة نتيجة حب الدولة الفرنسية للأعمال الورقية البيروقراطية، حيث يدل العدد الحالي من الاستمارات على أنه قد يستمر لبعض الوقت.

* خدمة «نيويورك تايمز»