المعارضة تنتظر أن يعترف مؤتمر «أصدقاء سوريا» بالمجلس الوطني

الغنوشي لـ «الشرق الأوسط»: شرف لتونس أن تؤوي مؤتمرا لنصرة شعب عظيم ثائر على ديكتاتورية متوحشة

احدى متظاهرات منطقة داريا السورية تحمل لافتة تؤكد فيها على استمرار التظاهر ما دام المتظاهرون معتقلين لدى سلطات النظام السوري (رويترز)
TT

تتطلع المعارضة السورية بمختلف أطيافها وممثليها في مؤتمر «أصدقاء سوريا» الذي يعقد في تونس اليوم إلى الاعتراف بـ«المجلس الوطني السوري» رسميا، واتفقت مصادر من المعارضة والدبلوماسيين في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» في تونس على أنهم يتوقعون هذا الإعلان، وأنه أهم خطوة ستنتج عن هذا المؤتمر إلى جانب خطوات تدعم العمل الإغاثي للشعب السوري، وبحث الوسائل الملائمة لدعم الجيش الحر.

وقال راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة الفائز في الانتخابات التونسية، إنه يتوقع أن ينتج عن مؤتمر «أصدقاء سوريا» الذي تحتضنه تونس اليوم «سحب الشرعية من النظام القمعي الأسدي، وتقديم الدعم السياسي والمعنوي للشعب السوري العظيم». وحول ما يتوقعه من رد فعل من النظام السوري بعد الإعلان عن نتائج المؤتمر قال الغنوشي لـ«الشرق الأوسط» التي التقته أمس في تونس، إنه يرى أن الأسد «لا يوجد لديه خيار غير المضي في الطريق المسدود، أو التفاوض على ملجأ آمن له، لو كان عاقلا».

وحول المبادرة التونسية لتوحيد صفوف المعارضة السورية قال الغنوشي إن الرئيس التونسي، المنصف المرزوقي، يجتمع (أمس) مع عدد من ممثلي المعارضة السورية «في محاولة لتوحيد صفها، حتى تتمكن من الجلوس على الكرسي الوحيد المخصص لسوريا».

وبين الغنوشي أن تونس تلعب دور المضيف لهذا المؤتمر بتوافق «عربي - تركي - فرنسي لما تتمتع به الثورة التونسية من مكانة دولية جعلتها محل إجماع الأطراف، التي تنافست حول الظفر بشرف إيواء المؤتمر»، وأضاف: «وهذا شرف لتونس أن تؤوي مؤتمرا لنصرة شعب عظيم ثائر على ديكتاتورية متوحشة، ويبذل كل يوم مئات الضحايا بين شهداء وجرحى».

وقال الغنوشي لـ«الشرق الأوسط» إن تونس ستترأس هذا المؤتمر من خلال ترأس وزير خارجيتها، رفيق عبد السلام، له، وينوب عن الرئيس الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، و«تركيا وفرنسا قد يكونان من النواب أيضا».

وأضاف الغنوشي أن تونس من الممكن أن تلعب دورا مهما في المنطقة العربية مستقبلا باعتبارها الشرارة الأولى للربيع العربي، و«لا عجب أن تتحول لمركز منير ينافس جنيف، وفيينا ومراكز أخرى في العالم».

من جانبه، قال الدكتور عبد الله التركماني، عضو بالمجلس الوطني السوري ونائب رئيس مكتب التخطيط والاستراتيجيات التابع للمجلس ومن المشاركين بالمؤتمر، إن أطياف المعارضة، تحت مظلة المجلس الوطني، إضافة إلى أعضائه، وهناك مجموعة من المعارضين المستقلين ومنتمين لجماعات معارضة وناشطين؛ نحو 50 عضوا سيمثلون المعارضة السورية. وقال التركماني الذي التقته «الشرق الأوسط» أمس في تونس إنه يتوقع الاعتراف بالمجلس الوطني، وقال: «ننتظر أن تبادر بعض الدول العربية بالاعتراف بالمجلس الوطني».

وأوضح أن «أهم شيء إيصال الأدوية والغذاء لحمص وإدلب والأطباء ومعالجة الجرحى، وهذا يتطلب إيجاد ممرات آمنة لبعثات الصليب الدولي هذه المهمة الملحة». كما قال إن «أغلب الدول المشاركة أقرت بعدم شرعية النظام، ومن الطبيعي البحث عن شرعية أخرى، والمطروح أن يعترفوا بأن المجلس السوري هو الشرعية المؤقتة، والشرعية الدائمة ستأتي بعد التغيير وانتخابات ديمقراطية».

واعتبر عضو المجلس أنه من المهم أيضا «إيجاد صندوق إغاثة دائم لدعم الشعب السوري، وإيجاد هيئة لمتابعة تنفيذ القرارات التي ستتخذ؛ هيئة متابعة للقرارات». وأضاف: «رغم الطابع السلمي العام، لا شك أن ظاهرة الجيش الحر تستوجب التوقف، هؤلاء رفضوا إطلاق النار من أجل حماية المدنيين، هم جزء من الثورة، ونطلب تأمين ملاذات آمنة لهم وللمدنيين الهاربين من جحيم القنابل، ونرى أن الملاذات الآمنة يمكن أن تكون مثلا في تركيا، أو لبنان والأردن»، و«نرى ضرورة دعم الجيش السوري الحر بالأسلحة المناسبة ليتمكن من الدفاع عن المدنيين وصد هجمات سلطة الاستبداد، من أجل غايات دفاعية. النظام يدفع في اتجاه الحرب الأهلية ويحاول اللعب بالأقليات في مواجهة القضية السورية.. تاريخ سوريا المعاصر يشير إلى تعايش سلمي ولم يكن هناك أي بوادر، لكن النظام يدفع في هذا الاتجاه».

وعن المعارضة والخلافات داخلها قال: «المعارضة مبدئيا والأطراف الرئيسية منها أغلبها موجود في المجلس الذي أخذ شرعيته من التنسيقيات في الداخل، ويحوي التيارات الفكرية والسياسية بمختلف شرائحها، وتوجد أطراف أخرى ونطمح لتوحيدها على أساس برنامج التغيير»، وأضاف: «أي طرف تركبه بعض الأوهام مثل إمكانية التحاور مع النظام هو مرفوض، الآن البحث كيف نهيئ لمرحلة انتقالية من الاستبداد للديمقراطية يمكن أن يشارك فيها حتى رجال النظام الذين لم تتلوث أيديهم بدماء الشعب وسرقة أمواله».

وقال تركماني إن المؤتمر سيكون «نكسة كبيرة للشعب السوري إذا لم يستجب لنداءات الاستغاثة من بابا عمرو والمناطق المنكوبة، فبقدر ما يسرع في الاستجابة بقدر ما يرفع من معنوياته، ونحن نعول على العامل الذاتي، قوى الثورة والحراك الشعبي، المؤتمر من العوامل المساعدة المرحب بها. المهم التنفيذ، وتشكيل هيئة تتابع مقررات المؤتمر».

وأوضح أنه «عندما يصبح المجلس عنوانا للشرعية هذا سيساعد على زيادة خنق النظام، وسيصبح هناك عنوان للشعب السوري، ونحن نعتقد أن لقاءات كثير من قيادات خارجية هو اعتراف ضمني نأمل أن يكون اعترافا علنيا»، مضيفا: «في رأينا النظام في مرحلة خيار شمشون؛ علي وعلى أعدائي، مع ضغط دبلوماسي وسياسي وميداني من خلال وصول المظاهرات لقلب دمشق وحلب».

وقال: «نتوقع مزيدا من تصعيد الجرائم ضد شعبنا، ومنذ بداية الثورة إلى الآن اختار الأسد الحل الأمني، ووصل به الأمر إلى استعمال راجمات الصواريخ ضد المدنيين في حمص وإدلب وغيرهما من المدن».

من جهته، قال عبيدة فارس، عضو المجلس الوطني السوري، إن مؤتمر أصدقاء سوريا يشكل خطوة مهمة، في إطار أخذ المجتمع الدولي لدوره في وقف المجازر التي تجري في سوريا، و«هو الدور الذي كان محدودا للغاية منذ بداية الثورة، واقتصر على بيانات التنديد وقرارات الإدانة، وهو الأمر الذي شجّع النظام على ارتكاب المزيد من الجرائم ضد الإنسانية».

وأضاف فارس لـ«الشرق الأوسط»: «إن الموقف السابق من المجتمع الدولي موقف مخز، نظرا لأنه يمثل حالة غير مسبوقة من التلكؤ في التعامل مع جرائم حرب يتم ارتكابها أمام سمع العالم وبصره، وبطريقة وحشية غير مسبوقة، كما شكّل هذا الموقف انتكاسة خطيرة لموقع الأمم المتحدة والجامعة العربية، اللتين فقدتا الكثير من سمعتهما بسبب عجزهما عن وقف الجرائم التي تحدث في سوريا».

كما تحدث فارس خلال اتصال أجرته معه «الشرق الأوسط» عن أن «المجلس الوطني، كما هو الحراك في داخل سوريا، يتطلع إلى أن يقوم مؤتمر أصدقاء سوريا بإجراءات حقيقية وفورية لوقف الجرائم، وخاصة ما يجري في بابا عمرو، وأن ينتهي إلى قرارات حازمة، عملية لا قولية، تعيد الأمل للسوريين. من أجل دعم المجلس الوطني السوري، والاعتراف به كممثل شرعي عن الشعب السوري، ومساعدته ليغدو قويا وفعالا بما يكفي لقيادة عملية الانتقال نحو الديمقراطية».

وبين عضو المجلس الوطني أنه «حتى يثبت المؤتمر جديته في دعم سوريا الجديدة، فلا بد من الاعتراف بالمجلس الوطني السوري، كممثل لهذا الحراك، من أجل وقف حالة التشرذم في المعارضة السورية، التي تسبب بها البطء الدولي في التعامل مع المجلس الوطني، نتيجة لتوازنات إقليمية كانت سائدة في الأشهر الماضية. إن الاعتراف بالمجلس الوطني يمكن أن يجعل منه عنوانا للحراك السياسي للمعارضة، ويساعد على تدفق المعونات الدولية لإغاثة السوريين». وعن أهم الخطوات المأمولة من المؤتمر، قال فارس: «أن يتم تشديد العقوبات على النظام، من أجل سد المنافذ الموجودة لتحويل الأموال والأسلحة التي تغذي حملة القمع التي يقودها نظام الأسد، وبشكل يلاحق الحسابات البنكية لرجال النظام وعائلاتهم في الدول العربية والأوروبية، ويضمن متابعة تدفق الأموال من دمشق إلى دول أخرى، وخاصة من بيروت».

وأضاف: «كما نتطلع إلى البدء الفور بحملة لإرسال المساعدات الإنسانية، من خلال ممرات إنسانية طارئة إلى المناطق المنكوبة في سوريا».. و«تتطلع قوى الحراك الثوري إلى أن تقوم الدول المشاركة في المؤتمر بالضغط الجاد على حلفاء النظام السوري، في روسيا وإيران وحلفائهم في لبنان، من أجل وقف الإمدادات المستمرة للنظام، سواء تلك التي تصل عبر الجو أو البحر أو البر»، بحسب قوله.