مؤتمر أصدقاء سوريا: إدانة لانتهاكات النظام السوري.. ودعوة لمحاسبة مرتكبي الجرائم

كلينتون للأسد: ستدفعون ثمنا باهظا.. وأيديكم ستتخضب بمزيد من الدماء

كلينتون تصافح داود أوغلو بحضور وزيري الخارجية البريطاني والإماراتي (أ.ب)
TT

بينما شهدت سوريا، أمس، يوما داميا سقط خلاله نحو 100 قتيل، عُقد في تونس مؤتمر أصدقاء سوريا لفرض مزيد من الضغوط على نظام الرئيس السوري بشار الأسد لوقف العنف وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المدن السورية، خصوصا حمص. ووجهت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تحذيرا شديد اللهجة للرئيس السوري، قائلة إنه سيدفع الثمن باهظا بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، وإن إدارة الأسد ستتخضب أيديها بمزيد من الدماء إذا لم توافق على الطلب الدولي بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية العاجلة.

وقالت كلينتون، في اجتماع مجموعة أصدقاء سوريا في تونس: «إذا رفض نظام الأسد السماح بوصول هذه المساعدات المنقذة للحياة إلى المدنيين ستتخضب أيديهم بمزيد من الدماء». وأضافت: «وكذلك الأمر بالنسبة للدول التي لا تزال توفر الحماية والسلاح للنظام. ندعو الدول التي تورد الأسلحة لقتل المدنيين للتوقف عن ذلك فورا».

وتابعت، موجهة حديثها للأسد: «ستدفع ثمنا باهظا لتجاهل إرادة المجتمع الدولي وانتهاك حقوق الإنسان ضد شعبك».

وانضمت كلينتون إلى وزراء خارجية أكثر من 50 دولة في تونس للمشاركة في الاجتماع. وقالت: «إننا جميعا بحاجة إلى نظرة فاحصة لما يمكن أن نقوم به من جهد إضافي. لقد حان الوقت لجميع الموجودين هنا لفرض حظر للسفر على كبار المسؤولين في النظام مثلما فعلت جامعة الدول العربية وتجميد أصولهم ومقاطعة النفط السوري ووقف الاستثمارات الجديدة والنظر في إغلاق السفارات والقنصليات». وتابعت: «بالنسبة للدول التي فرضت عقوبات بالفعل يجب علينا تطبيقها بحذافيرها».

واجتمعت الوزيرة الأميركية مع ثلاثة من زعماء المجلس الوطني السوري المعارض على هامش المؤتمر في إظهار لدعم واشنطن لجماعة المعارضة الرئيسية، كما قدمت 10 ملايين دولار لدعم المساعدة الإنسانية في سوريا.

وقالت بسمة قضماني، العضو بالمجلس، لصحافي أميركي، عقب الاجتماع مع كلينتون: إن المقابلة سارت على ما يرام. وأضافت أنها كانت «رائعة وإيجابية للغاية. سألت الوزيرة عما نشعر أننا نحتاجه من هذا المؤتمر وعما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة لمساعدة المجلس الوطني السوري».

بدوره، دعا الرئيس التونسي، المنصف المرزوقي، خلال افتتاح المؤتمر، إلى تشكيل «قوة عربية لحفظ السلم والأمن في سوريا» ترافق الجهود الدبلوماسية، متحدثا عن إمكانية لجوء الأسد والمقربين منه في روسيا.

وقال المرزوقي، في المؤتمر الذي قاطعته روسيا والصين: «إن الظرف الحالي يفرض ضرورة (تشكيل) قوة عربية لحفظ السلم والأمن ترافق المجهودات الدبلوماسية لإقناع الرئيس السوري بالتخلي عن الحكم».

وأيدت قطر فكرة إرسال قوة «عربية ودولية» لحفظ السلام في سوريا، كما دعا الرئيس التونسي، أمس، في كلمته أمام المشاركين في مؤتمر أصدقاء سوريا.

وقال وزير الخارجية القطري، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني: «نتطلع إلى أن يكون اجتماع أصدقاء سوريا بداية لوقف العنف ولا يكون ذلك إلا بتشكيل قوة عربية دولية لحفظ الأمن وفتح ممرات إنسانية آمنة لإيصال المساعدات إلى سوريا وتنفيذ قرارات الجامعة العربية، التي تم اعتمادها بتاريخ 22 يناير (كانون الثاني)» الماضي.

كما طالب المرزوقي بمنح الأسد وعائلته وأركان حكمه «حصانة قضائية»، متحدثا عن إمكانية اللجوء في روسيا. وقال إن المطلوب «البحث عن حل سياسي وتمكين الرئيس السوري وعائلته وأركان حكمه من حصانة قضائية ومكان لجوء يمكن لروسيا أن توفره».

ويفترض أن يبحث المشاركون في المؤتمر سبل إيصال مساعدات إنسانية والبدء بالاعتراف بالمعارضة السورية ودعم عملية انتقالية ديمقراطية.

بدوره، وجَّه وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه نداء إلى السلطات السورية كي تسمح بإجلاء الصحافيين الأجانب العالقين في حمص، وعلى الأخص الفرنسية إديت بوفييه، التي أصيبت وينبغي إجلاؤها «في أسرع وقت ممكن». وأعلن جوبيه للصحافيين في تونس أن المؤتمر حول سوريا سيدعو إلى تشديد العقوبات بما يؤدي إلى حمل نظام دمشق «على الانصياع».

وقال الوزير الفرنسي إن المؤتمر سيوجه «دعوة إلى تشديد العقوبات بما يؤدي إلى حمل النظام (السوري) على الانصياع»، متحدثا خصوصا عن تجميد أرصدة البنك المركزي السوري.

ومن أبرز النتائج التي أسفر عنها المؤتمر دعم خطة المبادرة العربية بتنحي الأسد ونقل صلاحياته إلى نائبه، وإدانة الانتهاكات التي يرتكبها النظام السوري ومحاسبة مرتكبي الجرائم والحيلولة دون إفلات المسؤولين من العقاب. كما دعا إلى الاعتراف بالمجلس الوطني كممثل للسوريين الساعين للتغيير، وأن تجتمع المجموعة الدولية (أصدقاء سوريا) مرة كل شهر لبحث تطور الوضع، وتأسيس صندوق للدعم المالي والإغاثي للشعب السوري بقيادة الأمم المتحدة، وإرسال مبعوث أممي إلى سوريا، هو كوفي عنان.

إلى ذلك، دعا وزير خارجية تركيا، أحمد داود أوغلو، العالم لإيجاد سبل لحرمان الحكومة السورية «من الوسائل التي تتيح لها ارتكاب فظائع ضد الشعب السوري».

وقال داود أوغلو، في كلمة أمام اجتماع أصدقاء سوريا: «علينا البحث عن سبل ووسائل تتيح فرض حظر سلاح على النظام»، وتابع أوغلو أن عددا كبيرا من الدول المشاركة في اجتماع تونس، وبينها تركيا، اتخذت بالفعل هذه الإجراءات، لكن ينبغي بذل مزيد من الجهود في هذا المجال.

في وقت لاحق، أبلغ داود أوغلو الصحافيين بأن التركيز الدولي منصب الآن على إيجاد حل دبلوماسي للعنف في سوريا، لكن إذا فشل هذا المسعى فسيتعين بحث اتخاذ خطوات أخرى. وتابع: إن هذه الخطوات يمكن أن تشمل خطة للجامعة العربية لإقامة ممرات للإغاثة الإنسانية تصل بين المناطق السورية التي تشهد اضطرابات والدول المجاورة، وقد تتم حمايتها بقوة عسكرية.

وقال داود أوغلو: «في الوقت الراهن نحن نكثف جهودنا الدبلوماسية، لكن إذا لم يحقق ذلك كله نتيجة، بالطبع يمكن وضع الممرات الإنسانية التي اقترحتها الجامعة العربية في السابق على جدول الأعمال، إلا أننا نأمل ألا يكون ذلك ضروريا».