مقابر ميدان التحرير ترفع شعار «شهيد تحت الطلب»

حفرها المعتصمون تأكيدا على استمرارية الثورة وفقدهم الثقة في «العسكري»

TT

بمطرقة خشبية وأدوات صلبة، حفر عدد من معتصمي ميدان التحرير، أيقونة الثورة بالعاصمة المصرية، قبورهم بأيديهم، في محاولة لإيقاظ الشعب المصري من غفلته، على حد تعبيرهم، والتأكيد على أن الشهداء يعودون من جديد وأن الثورة مستمرة، خاصة بعد أن فقد المعتصمون الثقة في الحكومة والمجلس العسكري الذي يحكم الفترة الانتقالية في البلاد.

المقابر التي أخذت شكل «لحود» أكسبت صينية الميدان ملامح «الجبانات»، فنحو 10 قبور يتراوح طولها وعرضها ما بين 180 و100 سم، حفرت في الأرض الطينية وسط الميدان والخيام حتى يراها الزوار، وفي أحد أركان الصينية التي تضم عددا كبيرا من خيام المعتصمين، حفرت 3 قبور رمزية متجاورة علق أصحابها أكفانهم عليها وكتبوا عليها «شهيد تحت الطلب»، وفي منتصف الصينية توجد 7 قبور أخرى حفرها المعتصمون من قبل لدفن رموز النظام السابق وقت إجراء بعض المحاكمات الرمزية لهم بساحة الميدان.

ويرى أصحاب تلك القبور أن لجوءهم لمثل هذه الفكرة لم يكن من منطلق فقدان الأمل، حيث أكدوا على أن الثورة مستمرة، ولكن البلاد بعد أن قسمت بين مجلس عسكري وتيار ديني، أصبحت لا تنظر إلى الثورة وأصبح الجهاد المشروع هو خدمة مصالح المجلس ومصالح التيارات والأحزاب، ولم يعد أحد يهتم بأهداف الثورة بل يقوم النظام الحالي بتشويه الثورة وذلك بالتعاون مع رموز النظام السابق.

يقول سويلم خميس (56 عاما)، أحد المعتصمين، وكان يعمل فني ديكورات سابقا بالقوات المسلحة، «حفرت قبري عشان أقول للناس إننا مستمرون في ثورتنا في الميدان، والشيء الذي سيفرق بيني وبين الميدان هو الموت ما لم تتحقق المطالب، لن نفقد الأمل، وأتمنى أن أموت في الميدان». وأوضح خميس أنه «يوم 10 مارس (آذار) المقبل لو تقدم أول مرشح للرئاسة بأوراقه وقبلت هنعلق الاعتصام»، مشيرا إلى أن الإدارة السيئة من قبل المجلس العسكري للبلاد أفقدتنا الثقة فيه.

أما محمد عاطف، ويعمل نجار موبيليا من مصابي «جمعة الغضب»، فيعلق على حفرة قبره قائلا: «حبيت أوصل رسالة للكل أن الميدان فيه ثوار، وأعداء الثورة أرسلوا لنا بلطجية من أجل تشويهها، العالم كله كان يتحدث عن نزاهة الثورة المصرية، الميدان أصبح به ثوار وبلطجية، ووزارة الداخلية هي من زرعت البلطجية في الميدان لتشويه الثورة».

وأشار عاطف إلى أن قبره الذي حفره في صينية الميدان، هو تعبير عن أن الشهداء يعودون من جديد، مشيرا إلى أن دم الشهيد ما زال على الأرض.

وفيما يتعلق بالدافع الذي جعل عاطف يحفر قبره قال: «مفيش شيء تحقق من أهداف الثورة، أصبحت قرارات البلد لصالح المجلس العسكري والبرلمان»، كما أنني أردت أن أذكر المصريين بنومة الشهيد الذي دفع حياته لأجل الثورة لأجل البلد والناس، أردت أن أقول للناس فوقوا من غفلة النوم».

ويقول حسن الخواجة (46 عاما) موظف سابق بالسياحة: القبور ترمز إلى ارتباط الإنسان بالمكان الذي سيدفن فيه، ولو كان لدينا ثقة بالمجلس العسكري لكنا رحلنا عن الميدان وانتظرنا تحقيق المطالب.