هنية يحيي الشعب السوري «البطل» من فوق منبر الأزهر

مصر تهتف لنصرة الأقصى.. والبلتاجي: مستعدون لتقديم ملايين من أبنائنا لتحرير القدس ودمشق

إسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة، القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مرفوعا على أكتاف عشرات من المصريين بعد خروجه من الجامع الأزهر أمس (إ.ب.أ)
TT

هتف آلاف المصريين في الجامع الأزهر وباحته أمس لنصرة الثورة السورية والمسجد الأقصى، بينما استضاف منبر الأزهر إسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة، القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والتي تعد جزءا من التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين.

وتعد هذه هي المرة الأولى التي يخطب فيها قيادي بحركة حماس في حشد جماهيري في القاهرة التي استضافت توقيع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس، اتفاقية المصالحة التي أنهت أربع سنوات من الانقسام في مايو (أيار) الماضي.

رفض رجال أمن هنية الخاص أن يعتلي المنبر لإلقاء كلمته، لكن المصلين أصروا على أن يعتليه مرددين «على المنبر.. على المنبر»، فاعتلى هنية المنبر قائلا: «يا شعب مصر يا شعب الثورة يا شعب الحسم من قلب فلسطين أحييكم على منبر الأزهر.. يا صناع التاريخ يا من تكتبون التاريخ ليس لمصر وحدها بل لفلسطين أيضا تكتبون تاريخ النصر والعزة». وحيا إسماعيل هنية رئيس وزراء حكومة حماس المقالة الشعب السوري «البطل» الذي يسعى نحو «الحرية والديمقراطية» في سوريا التي تشهد احتجاجات دامية منذ أكثر من 11 شهرا ضد الرئيس السوري الذي طالما اعتبر حليفا لحماس.

وقال هنية خلال كلمته «إذ أحييكم وأحيي كل شعوب الربيع العربي بل الشتاء الإسلامي، فأنا أحيي شعب سوريا البطل الذي يسعى نحو الحرية والديمقراطية والإصلاح».

وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها موقف صريح من حركة حماس على الاحتجاجات في سوريا ضد نظام الرئيس بشار الأسد الذي طالما وفر الدعم للحركة واستضاف مقارها في سوريا.

وجاء تصريح هنية خلال وقفة تضامنية من أجل «إنقاذ الأقصى ونصرة الشعب السوري» عقب صلاة الجمعة في الجامع الأزهر حيث ردد آلاف المشاركين هتافات كان أحدها: «لا إيران ولا حزب الله، سوريا سوريا إسلامية» كما رددوا: «ارحل ارحل يا بشار, ارحل ارحل يا جزار».

وكانت حركة حماس تتمتع بامتيازات كبيرة في سوريا التي انتقلت إليها كمقر مؤقت لقيادتها منذ منتصف التسعينات. وبينما ترددت تصريحات إعلامية عن مغادرة غالبية أعضاء المكتب السياسي لحماس مقرهم في دمشق، نفت الحركة ذلك في أكثر من مناسبة مؤكدة عدم نيتها تغيير مقرها.

لكن مطلع الشهر الحالي عاد عماد العلمي القيادي البارز في حماس في دمشق، وهو أبرز عضو في قيادة حركة حماس من الذين يقيمون في الخارج، إلى غزة للإقامة فيها بعد إبعاده من قبل إسرائيل قبل أكثر من عشرين عاما.

كما عاد عدد من الأعضاء البارزين في حماس إلى غزة في أوقات مختلفة منذ اندلاع الأحداث في سوريا.

وتأتي عودة العلمي بعد أيام على تأكيد فوزي برهوم المتحدث باسم حركة حماس في الثامن والعشرين من شهر يناير (كانون الثاني) أنه «لا تغيير (بشأن مقر الحركة في سوريا) وحماس لم تقرر الخروج من سوريا ولم تتخذ أي قرار بهذا الشأن. نحن ما زلنا موجودين في سوريا».

وتأتي تصريحات هنية بعد أقل من شهر من زيارته إلى إيران التي تعتبر حليفا عسكريا رئيسيا لسوريا التي يعتقد أنها تلعب دورا مهما في إمداد حزب الله في لبنان وحركة حماس في قطاع غزة بالدعم. ويزور هنية مصر منذ الاثنين الماضي في حين تحاول حركته التي تسيطر على قطاع غزة التوصل إلى اتفاق مصالحة مع حركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس.

كما يتزامن مع انقسامات بدأت تلوح داخل حركة حماس حول الاستراتيجية التي يجب انتهاجها.

وأعلن مسؤول فلسطيني الخميس تأجيل البحث في تشكيلة الحكومة الجديدة المقرر أن يرأسها الرئيس الفلسطيني بموجب اتفاق الدوحة الذي كشف عن خلافات بين قيادة حماس في الخارج وفي قطاع غزة.

وتابع هنية: «إن فلسطين لن تعترف أبدا بإسرائيل، مضيفا: أن «فلسطين في التاريخ كلما وقعت تحت وطأة الاحتلال لم تحرر إلا من خارجها، قدر الله أن صلاح الدين يوم تحرك لتحريرها خرج من هنا من مصر، ويوم احتلها التتار كان من قدر الله أن تحرك جيش تحريرها أيضا من مصر.. أدعو الله أن تحرر الأراضي الفلسطينية من الصهاينة على أيدي جنود مصر».

وقال هنية من فوق منبر الأزهر أمام آلاف المصلين بالجامع الأزهر الذين استقبلوه بالهتاف «على الأقصى رايحين (ذاهبون) شهداء بالملايين»، إن قيام ثورة 25 يناير (كانون الثاني) وثورات الربيع العربي التي شهدتها الدول العربية أولى الخطوات لتحرير فلسطين. وتابع: «لقد رأيت بإشارات النصر من ميدان التحرير قبة الصخرة محررة من أيدي إسرائيل»، موضحا أنه بثورات الربيع العربي نكتب للأمة الإسلامية والعربية من جديد تاريخ النصرة والعزة.

وأضاف هنية أن القدس وقطاع غزة يتعرضان يوميا لحملات استيطانية صهيونية، والقذف من قبل المدفعية الإسرائيلية وهتك لساحات المسجد الأقصى، مشددا على أن الفلسطينيين لن يتركوا الأراضي الفلسطينية إلا محررة ولن يعترفوا بإسرائيل أبدا، قائلا: «أعلنها من هنا من الأزهر: فلسطين لن تعترف بإسرائيل». وحينها ردد الحاضرون: «قالها القائد إسماعيل لن نعترف بإسرائيل»، موضحا أن المقاومة الفلسطينية مستمرة ما استمر الاحتلال.

وأشار هنية خلال كلمته إلى أن الله منّ على مصر بأن جعلها المحررة لأرض فلسطين من الغزاة، سواء من الصليبيين أو المغول، داعيا الله أن يكتب تحرير فلسطين من أيدي الصهاينة على أيدي جنود مصر، موضحا أن عدة النصر تكمن في قوة الإيمان والتوحيد والتعاون والترابط ثم قوة السلاح، وختم كلمته تاليا: «ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا».

وشهد الجامع الأزهر حضورا قويا لشباب جماعة الإخوان المسلمين التي حازت أغلبية مقاعد البرلمان المصري بغرفتيه. وبدا لافتا أن ردد المحتشدون هتاف: «حسن البنا يا شهيد دينك راجع من جديد». وفور الإعلان عن كلمة لمرشد جماعة الإخوان ضجت باحة المسجد بالهتاف قبل أن يكتشف المصلون أن الدكتور محمد بديع المرشد العام للإخوان غير موجود، وأنه أناب عنه الدكتور صلاح سلطان.

وفي سياق متصل أكد محمد البلتاجي، عضو مجلس الشعب في كلمته باسم البرلمان أن تحرير القدس يبدأ بتحرير القاهرة، وأنه عندما تتحرك الإرادة السياسية يكون تحرير المقدسات، موضحا أن الفترة الحالية يجب أن تشهد استكمال الثورة المصرية، خاصة أن النظام السابق كان يمنع رجال المقاومة الفلسطينية من الوجود في القاهرة كما هو الآن، وكان يشارك في حصار الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن زمن هذا النظام قد انتهى بعد أن قدم المصريون مئات من الشهداء والآلاف من الجرحى خلال ثورتهم وأنهم على استعداد لتقديم ملايين من أبنائهم لتحرير القدس وسوريا.

ولم يغب التمثيل المسيحي عن مؤتمر «نصرة الأقصى وسوريا»، حيث شارك قدري عادلي، وكيل مطرانية شبرا الخيمة، في المؤتمر محاطا بقادة حماس وعلى رأسهم الدكتور محمود الزهار. وقال عادلي خلال كلمته بساحة الجامع الأزهر، عقب صلاة الجمعة، إنه جاء لكي تعلو كلمة الحق من داخل المكان الذي يحمل عبق التاريخ، ليؤكد شيئا واحدا، وهو عدم التخلي عن المقدسات العربية سواء في فلسطين أو أي مكان آخر.