إدارة أوباما توافق على الاتهامات لقيادي في حزب الله اللبناني معتقل بالعراق

دقدوق أول متهم تسعى واشنطن إلى محاكمته عسكريا خارج إطار حربها على «القاعدة»

علي موسى دقدوق
TT

وافقت إدارة الرئيس أوباما على اتهامات وجهتها لجنة عسكرية أميركية إلى اللبناني علي موسى دقدوق، المتهم بالاشتراك في قتل جنود أميركيين في العراق، موسعة بذلك نطاق المحاكمات العسكرية لتشمل لأول مرة شخصا خارج إطار حرب الولايات المتحدة على تنظيم القاعدة.

كان دقدوق، الذي واجه اتهامات بالانتماء إلى حزب الله اللبناني، هو المعتقل الأخير لدى القوات الأميركية في العراق، وقد سلمته إلى السلطات العراقية في شهر ديسمبر (كانون الأول) قبيل انسحابها من العراق. وفي 3 يناير (كانون الثاني) وجه الادعاء العسكري الأميركي لائحة اتهامات من 8 صفحات تتهم دقدوق بالقتل والغدر والإرهاب والتجسس وغيرها من جرائم الحرب. وقد حصلت صحيفة «نيويورك تايمز» على نسخة من تلك اللائحة.

وأكد المتحدث العسكري، الكولونيل تود بريسيل، تلك الاتهامات، مضيفا أن الحكومة «تعمل مع العراق لتسليم دقدوق إلى لجنة عسكرية أميركية بما يتوافق مع القانونين الأميركي والعراقي». واستطرد بريسيل قائلا: «نسعى إلى التوصل إلى أسرع طريقة ممكنة لإحالته للعدالة». ومع ذلك، لم يوضح بريسيل السبب وراء بقاء هذه الاتهامات في طي الكتمان والسرية، بما في ذلك عدم نشرها على الموقع الإلكتروني لنظام المحاكم العسكرية. وقد امتنع البيت الأبيض عن التعليق.

ولم يتضح بعدُ ما إذا كانت الإدارة الأميركية تسعى بشكل فعال إلى تسلم دقدوق من السلطات العراقية، أو ما إذا كانت التهم عبارة عن مجرد إجراء احترازي على أمل إبقائه خلف القضبان في حال لم يقُم العراقيون بمحاكمته، أو في حال تمت تبرئته من قبل القضاء العراقي. وقد أعرب مسؤولون أميركيون عن قلقهم من أن تضغط الحكومة الإيرانية على العراق للإفراج عن دقدوق. وعلى الرغم من أن المدعين قدموا التهم إلى المسؤول عن اللجان العسكرية، وهو نائب الأدميرال المتقاعد بروس ماكدونالد، فإنه لم يوافق على إجراء المحاكمة حتى الآن.

وتعد هذه التهم السابقة مهمة للغاية، سواء مثل دقدوق أمام المحاكمة أم لا، ووفقا للنظام الحالي – الذي طبقه الرئيس بوش الابن لأول مرة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001 – يتم اعتقال أي مدعى عليه في خليج غوانتانامو في كوبا في إطار حرب الولايات المتحدة على تنظيم القاعدة وحركة طالبان.

وفي بيان له، قال كبير ممثلي الادعاء في نظام اللجان العسكرية، الجنرال مارك مارتنز: «تشكل الجرائم المنسوبة إلى دقدوق انتهاكات خطيرة لقانون الحرب». ولم يعرف بعد ما إذا كان دقدوق قد أبلغ بالاتهامات أم لا، وصرح المحامي العسكري الذي عُين للدفاع عنه، باتريك فولر، بأنه طلب من البنتاغون الإذن له بزيارة موكله في العراق والاطلاع على الأدلة، لكنه لم يحصل على رد في هذا الشأن حتى الآن.

ويواجه دقدوق اتهامات بالتآمر مع عدة جماعات، بما في ذلك فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، لتدريب ميليشيات شيعية على استخدام قنابل مزروعة على الطرق، وغيرها من التكتيكات المسلحة الأخرى. وتنبع معظم الاتهامات مما يصفه الادعاء بدوره في المساعدة على شن غارة في شهر يناير 2007 من قِبل مسلحين كانوا يرتدون زيا مماثلا للزى العسكري الأميركي ويحملون بطاقات هوية مزورة. ونجح هؤلاء المسلحون في قتل 5 جنود أميركيين في كربلاء، أحدهم خلال الغارة والأربعة الآخرون وجدت جثثهم ملقاة على جانب الطريق بعدما تم اختطافهم. وتم القبض على دقدوق في وقت لاحق من ذلك العام، ويقال إنه اعترف خلال التحقيقات التي لم تشتمل على أساليب وتقنيات عنيفة.

وعندما اقترب الموعد النهائي للانسحاب من العراق العام الماضي، كانت الإدارة الأميركية تصارع من أجل اصطحاب دقدوق خارج العراق لمثوله للمحاكمة، لكن الاتفاق الذي تم توقيعه من قبل إدارة بوش ينص على أن الحكومة العراقية هي التي تملك اتخاذ القرارات المتعلقة بمثل هؤلاء السجناء.

ولم يسمح رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، للقوات الأميركية بإخراج دقدوق من العراق، وأصر على ضرورة اتباع الإجراءات القانونية الرسمية. ولم يكن المسؤولون الأميركيون يريدون انتهاك السيادة العراقية في تلك المرحلة الانتقالية؛ لذا قامت الولايات المتحدة بتسليم دقدوق للسلطات العراقية في منتصف شهر ديسمبر.

وقال ديفيد لوكاس، شقيق أحد ضحايا الهجوم المتهم دقدوق بتدبيره، إن عائلته لم تكن على علم بهذه الاتهامات، وأضاف: «إنه لأمر جيد ألا تتخلى الحكومة عن هذه القضية تماما، لكني ما زلت متشككا في ذلك. لقد تم إخراجنا من تلك القضية، ومن الصعب اتخاذ قرار حيال ما أشعر به في ما يتعلق بذلك الأمر».

ولو تم تسليم دقدوق للسلطات الأميركية، لكان أثار جدلا كبيرا حول مكان المحاكمة؛ حيث استكشفت الإدارة الأميركية، خلال العام الماضي، إمكانية عقد المحاكمة في قاعدة عسكرية في تشارلستون بولاية كارولينا الجنوبية، في حين طالب الجمهوريون بنقله إلى معتقل غوانتانامو الذي يتم إجراء المحاكمات به هناك حتى الآن. وقد قاومت الإدارة الأميركية زيادة عدد المعتقلين في غوانتانامو، وقالت إن العراقيين لن يوافقوا على نقل أي شخص إلى هناك. وقال الكولونيل بريسيل: «إننا ندرك، منذ وقت طويل، أن نقل دقدوق إلى غوانتانامو لن يكون في مصلحة شركائنا العراقيين ولن يؤدي إلى أي شيء سوى أن يمنعنا من اعتقاله».

* خدمة «نيويورك تايمز»