«الانتقالي الليبي» يشكل لجنة لمتابعة الوضع الأمني بعد عودة الاشتباكات

قبائل تاورغاء في بنغازي تتبرأ من الجرائم التي تعرضت لها مصراتة

TT

في محاولة لوقف المزيد من التدهور الأمني والعسكري في ليبيا، شكل المجلس الوطني الانتقالي لجنة أمس برئاسة رئيسه المستشار مصطفى عبد الجليل، لمتابعة الأوضاع الأمنية الراهنة، فيما لم تنجح قوات المجلس في فرض سيطرتها على مدينة الكفرة بأقصى جنوب ليبيا، حيث اندلعت مجددا الاشتباكات الدائرة منذ الأسبوع الماضي بين قبيلتين متصارعتين.

وبينما قال المجلس الانتقالي إن اللجنة سوف تتخذ ما يلزم من إجراءات عاجلة لضمان استتباب الأمن على كامل التراب الليبي، وإنها ستكون في حالة انعقاد دائم وستنتهي أعمالها بانتهاء الأزمة الراهنة أو بصدور قرار بذلك من المجلس الذي يتولى السلطة في ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي، قال شهود عيان من داخل الكفرة لـ«الشرق الأوسط» إن «الاشتباكات بين قبيلتي الزوي والتبو اندلعت مجددا أمس، عقب ساعات من عودة ما سموه بالهدوء المشوب بالحذر إلى المدينة، إثر اشتباكات دامية سقط فيها عشرات القتلى والجرحى، أسفرت عن إصابة عدة أشخاص على الرغم من تدخل قوات ليبية خاصة تابعة للمجلس الوطني».

وقال عبد الباري إدريس، وهو مسؤول أمني في قبلية الزوي «نهبت التبو بعض المنازل وسرقت سيارات واضطررنا إلى الدفاع عن أنفسنا»، معتبرا أن «الجيش لم يفعل شيئا».

وأكد عيسى عبد المجيد، الذي يقود مقاتلي التبو، أن القتال اندلع مجددا، وأن أهالي التبو الذين يعيشون على المشارف الغربية للكفرة تعرضوا للهجوم، مشيرا إلى أن مصابين سقطوا؛ لكنه لم يعلن أي أرقام، مضيفا أن «نحو مائة من قبيلة التبو قتلوا منذ بدء الاشتباكات.. كما قتل أكثر من 30 شخصا منهم أثناء نقلهم على الطرق إلى مستشفيات في بلدات أخرى».

وقبل هذه التطورات، قال المسؤول الأمني من قبيلة الزوي «سيطرت قوات خاصة (الجيش الوطني) على المنطقة»، فيما أكد أعضاء في القبيلتين أنهم يستغلون عودة الهدوء لمحاولة نقل الأشخاص الذين أصيبوا في النزاع إلى مستشفيات في العاصمة الليبية طرابلس.

وقالت جميلة لاباد، التي ساعدت في تنسيق عملية الإجلاء، إن بعض الجرحى وصلوا بالفعل إلى طرابلس على متن طائرة تابعة للهلال الأحمر الليبي وتجرى لهم على الفور عمليات جراحية. وأعلنت قناة «الحرة» الليبية أن المجلس العسكري الأعلى في برقة باشر المفاوضات لوقف إطلاق النار في المدينة برعاية القنصل السوداني ومنظمة الصليب الأحمر، فيما تولت وزارة الصحة بحث الاحتياجات العاجلة ومتطلبات الأوضاع الطبية لتوفيرها.

ويمثل تدخل القوات الليبية الحكومية لإنهاء القتال بين القبائل المتناحرة في صحراء ليبيا الشرقية مثالا نادرا على فرض سلطة الحكومة في طرابلس على بلد صعب المراس. وتوجد جماعة التبو في الأساس في تشاد؛ لكنها تسكن أيضا أجزاء من جنوب ليبيا. واتهمت قبيلة الزوي التبو بمهاجمة الكفرة بدعم من مرتزقة من تشاد؛ لكن جماعة التبو قالت إنها هي التي تعرضت للهجوم.

وتبارى أمس مسؤول المجلس الانتقالي في التأكيد على عودة الهدوء الحذر إلى مدينة الكفرة، حيث قال اللواء يوسف المنقوش رئيس أركان الجيش الليبي إن الأوضاع الأمنية بالكفرة عادت للهدوء بعد أن سيطر الثوار على الوضع.

وأعلن المنقوش خلال مؤتمر صحافي مشترك أول من أمس مع محمد الحريزي، الناطق باسم المجلس، أن لجنة العقلاء والحكماء في المنطقة توصلت مع الأطراف المتنازعة إلى وفاق لتهدئة الأمور والأوضاع في الكفرة، مشيرا إلى أن هناك خطوات أخرى ستتخذ في سبيل ترسيخ المصالحة بين أطراف النزاع، مشددا على أن ثورة 17 فبراير (شباط) من العام الماضي لن ينال منها هؤلاء الذين يحاولون من حين لآخر إحداث نوع من الفتنة، مثلما يحدث في الكفرة أو ما حصل سابقا، أو ما يخططون له مستقبلا.

وفي استعراض جديد للقوة، احتفلت وزارة الداخلية الليبية أمس في بنغازي بتخريج الدفعة الثانية من الثوار المنتسبين للجنة الأمنية العليا بالوزارة وعددهم 495 متدربا في إطار برنامج دمج واستيعاب الثوار، وأعلن فوزي ونيس، نائب رئيس اللجنة الأمنية العليا، أن مراكز قبول الثوار تشهد إقبالا كبيرا من ثوار مختلف الكتائب للانضمام إلى وزارة الداخلية، والمساهمة في بناء ليبيا الجديدة.

ومن جهة أخرى، أعلن أعيان ومشايخ وأهالي قبائل تاورغاء ومجلسها التسييري في بنغازي عن اعتذارهم لأهالي مدينة مصراتة وتبرئهم من أبنائهم الذين تورطوا في الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية التي تعرضت لها مدينة مصراتة خلال حرب التحرير.

وثمن أعيان ومشايخ قبائل تاورغاء في بيان لهم أمس أصدروه في مدينة بنغازي، ما وصفوه بالموقف التاريخي لأهالي مصراتة التي دافعت عن الأرض والعرض وأفشلت مشروع الرئيس السابق في تقسيم ليبيا وإشعال فتنة الحرب الأهلية بين أبناء الشعب الليبي.

وحث البيان أهالي مصراتة على الالتقاء مع إخوانهم من أهالي تاورغاء على كلمة سواء لإزالة الرواسب وتضميد الجراح وشفاء الصدور، مشددا على ضرورة تطبيق العدالة والقصاص من المتورطين في كل الانتهاكات والجرائم التي شهدتها مصراتة ومختلف المناطق والمدن الليبية.