اليمن: هادي أدى اليمين رئيسا.. وصالح عاد إلى منزله الخاص بصنعاء

مقتل 26 عسكريا في تفجير انتحاري بسيارة مفخخة في المكلا بحضرموت

الرئيس اليمني الجديد، عبد ربه منصور هادي خلال تأديته اليمين الدستورية في البرلمان اليمني بصنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

أدى الرئيس اليمني الجديد، عبد ربه منصور هادي، أمس، اليمين الدستورية أمام اجتماع حاشد لمجالس النواب والشورى والوزراء وقيادات حزب المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك، في وقت نفذ فيه تنظيم القاعدة عملية إرهابية استهدفت القصر الجمهوري في مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، وعاد الرئيس السابق علي عبد الله صالح إلى صنعاء بعد رحلة علاجية في أميركا.

وقال هادي في خطاب القسم الذي ألقاه، أمس، أمام مجلس النواب عقب أدائه للقسم الدستوري، إنه يقف في «لحظة تاريخية فارقة في عمر اليمن بعد أن اكتملت العملية الانتخابية بنجاح.. لم يكن متوقعا ما صنعه أبناء هذا الشعب اليمني الذي أكد للعالم أجمع تفرده وقدرته على تجاوز المحن ومشاق الصعاب بإرادة لم تنل منها تقولات المرجفين وكيد الكائدين»، واعتبر ما أنجز في اليمن بالانتخابات أنه «تجربة غير مسبوقة في التعامل مع أزمة وصلت إلى كل مدينة وقرية وبيت وستمثل دون شك نموذجا يقتدى به حاضرا ومستقبلا».

ودعا الرئيس اليمني الجديد إلى طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة في مسيرة بناء اليمن، وقال إن الانتخابات الرئاسية مثلث للمواطنين اليمنيين «الجسر الذي عبر عليه الناس من ضفة اليأس إلى ضفة الأمل، وهو ما يحمل الأحزاب السياسية بتمثيلها الحكومي، وكذا كل من هو صاحب صوت مسموع من المنتمين إلى هذا البلد، أمانة المسؤولية في أن يعبروا مع الناس إلى المستقبل بقلوب بيضاء صافية متسامحة بخطاب يحمل بشارات أمل وملامح مستقبل واعد واضح المعالم حتى نتمكن من تعويض ما فات ومحاولة اللحاق بمن سبق».

واعتبر عبد ربه منصور هادي أن قوة اليمن واستقراره تكمن في مدى «تماسكه الاجتماعي والتقائه حول مشروع وطني كبير تصغر أمامه المشاريع الذاتية والطموحات الصغيرة، وأن من يتقدم لها بتصورات زائفة ومنطق خادع وقد جرب وخبر شعبنا كل ما له علاقة بألاعيب كهذه بما فيها الأخذ بمنطق القوة الذي يتوجب إسقاطه من رؤوس كل من ما زال يجاري خداع نفسه باعتبار أن السلطة اليوم صارت مسنودة بشرعية شعبية لا يمكن التشكيك بها أو الانتقاص منها».

وأضاف هادي: «ما سبق ليس أكثر من عناوين لمشاكل حقيقية، إذا لم نستطع التعامل معها بطرق واقعية ومنظمة فإن الفوضى هي البديل المحتمل، ولذا فإني أعول كثيرا على دوركم كممثلين للشعب بأكمله الذي قدم بتفاعله بنسبة مشاركته في العملية الانتخابية رسالة للعالم بأنه قد منح التغيير الشرعية، والتغيير هنا لا يحتمل إلا أن يكون للأفضل، وهو ما عليكم أن تعملوا لأجله من خلال النظر إلى ما يطرح على مجلسكم الموقر من قضايا مختلفة بعين الحرص على مصلحة البلد».

وجاء تنصيب هادي رئيسا جديدا لليمن في نفس اليوم الذي عاد فيه الرئيس السابق علي عبد الله صالح إلى صنعاء، عائدا من الولايات المتحدة الأميركية، التي قضى فيها عدة أسابيع لاستكمال العلاج جراء الجروح التي أصيب بها في محاولة الاغتيال التي تعرض لها في الـ3 من يونيو (حزيران) الماضي، وقالت مصادر مقربة من صالح إنه عاد إلى صنعاء وتوجه فورا إلى سكنه الشخصي وليس إلى دار الرئاسة أو القصر الجمهوري. وفي تصريح أدلى به لدى عودته وبثته قناة «الجزيرة» القطرية، دعا صالح اليمنيين إلى تقديم دعمهم للسلطة الجديدة «لإعادة إعمار البلاد» و«التخلص من عواقب الأزمة التي عصفت بها طوال عام».

وانتقد صالح أيضا «مؤامرة خارجية» على حكمه، معتبرا أن اليمنيين «أفشلوا هذه المؤامرة».

ويطرح وضع الرئيس علي عبد الله صالح، خلال الفترة الانتقالية التي تبدأ، تساؤلات طالما استمر أنصاره في ترؤس أبرز الأجهزة الأمنية، وخصوصا الحرس الجمهوري، قوة النخبة الذي يرأسه نجله أحمد.

وكان نائب وزير الإعلام عبدو الجنادي ذكر الأربعاء أن صالح ما زال «رئيسا للمؤتمر الشعبي الوطني أكبر أحزاب البلاد». وأضاف «لا شيء في مبادرة بلدان الخليج يمنعه من تقديم ترشحه إلى الانتخابات الرئاسية خلال سنتين حتى لو قال إنه ودع السلطة».

وحضر جلسة أداء القسم التي تمت تحت قبة مجلس النواب اليمني (البرلمان) كبار المسؤولين في الدولة وأعضاء في الحكومة والبرلمان ومجلس الشورى، إضافة إلى قيادات الأحزاب السياسية في البلاد.

وقال جمال بن عمر، مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، إن اليمنيين يريدون إنهاء الأزمة وفتح صفحة جديدة. وأضاف أنه حان الآن وقت البناء من أجل إجماع ووفاق وإشراك الجماهير في عملية سياسية شاملة.

وقال السفير الأميركي لدى اليمن جيرالد فيرشتاين: «إننا نشهد بداية عملية أعتقد أنها ستثمر نتائج عظيمة خلال العامين المقبلين».

على صعيد آخر، لقي 26 ضابطا وجنديا من الحرس الجمهوري والقوات الخاصة مصرعهم، أمس، في عملية تفجير انتحارية تمت بواسطة سيارة مفخخة واستهدفت القصر الجمهوري في مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن سيارة مفخخة يقودها انتحاري انفجرت أمام القصر بعد اختراقها لبعض الحواجز الأمنية، وقال مواطنون في المكلا، في اتصالات مع «الشرق الأوسط» إن المدينة شهدت إجراءات أمنية غير مسبوقة عقب التفجير، حيث قامت قوات الأمن بقطع الطرق المؤدية إلى القصر وانتشرت فوق مبنى المستشفى الذي نقل إليه القتلى والجرحى.

وتبنى تنظيم القاعدة العملية الانتحارية، وسبق للتنظيم أن نفذ عدة عمليات إرهابية في مناطق كثيرة من جنوب اليمن، وضمنها محافظة حضرموت التي استهدف فيها عددا من الضباط والقادة العسكريين خلال السنوات القليلة الماضية، وما زال مسلحو «أنصار الشريعة»، التنظيم القريب من «القاعدة» يسيطرون على مدن وبلدات بكاملها في محافظة أبين التي ينتمي إليها الرئيس الجديد لليمن، وأرجعت مصادر «القاعدة» الهجوم إلى أنه رد على «جرائم الحرس الجمهوري».

وشرعت السلطات اليمنية في إجراء تحقيقاتها حول الحادث وقامت بجمع أشلاء الانتحاري الذي نفذ الهجوم والذي تشير بعض المصادر إلى أنه سعودي من أصل يمني (حضرمي).

وهادي مكلف الآن بالإشراف على خطة مدتها عامان لانتقال السلطة السياسية تشمل إجراء انتخابات برلمانية وصياغة دستور جديد وإعادة هيكلة الجيش الذي ما زال ابن صالح وابن شقيقه يمسكان بزمام السلطة فيه.

وقال هادي «أقف هنا في لحظة تاريخية فارقة في عمر اليمن بعد أن اكتملت العملية الانتخابية بنجاح.. أتوجه إلى كل أبناء الشعب اليمني دون استثناء ومن منحوني أصواتهم وثقتهم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان.. ما أنجزناه يعد تجربة غير مسبوقة في التعامل مع أزمة وصلت إلى كل مدينة وقرية وبيت وستمثل دون شك نموذجا يقتدى به حاضرا ومستقبلا». وأضاف «إذا لم نستطع التعامل مع (التحديات) بطرق واقعية ومنظمة فإن الفوضى هي البديل المحتمل».

ومن المقرر أن تجري مراسم تنصيب هادي غدا (الاثنين)، والتي سيحضرها صالح بعد عودته إلى اليمن في ساعة مبكرة أمس (السبت) في أعقاب سفره للولايات المتحدة لمواصلة العلاج بعد إصابات لحقت به في محاولة اغتيال تعرض لها العام الماضي.