محللو استخبارات أميركيون: لا دلائل على اتخاذ إيران قرارا بتصنيع قنبلة نووية

قالوا إن إيران تريد تعزيز نفوذها بخلق حالة غموض استراتيجي

TT

مع إشارة لجنة مراقبة الطاقة النووية، التابعة للأمم المتحدة، في تقرير جديد أصدرته يوم الجمعة إلى أن إيران قد سرعت برنامجها الخاص بتخصيب اليورانيوم، لا يزال محللون استخباراتيون أميركيون يعتقدون أنه لا يوجد دليل قوي على أن إيران قد اتخذت قرارها بتصنيع قنبلة نووية.

وتتوافق تقييمات أخيرة أجرتها وكالات تجسس أميركية بشكل كبير مع نتائج خلصت إليها الاستخبارات الأميركية في عام 2007، مفادها أن إيران قد تخلت عن برنامجها الخاص بتصنيع الأسلحة النووية قبل أعوام، بحسب مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين. وذكر المسؤولون أنه قد تم تأكيد نتائج التقييم من خلال التقدير الاستخباراتي الوطني الذي أجري عام 2010، وأنه لا يزال رأيا تجمع عليه 16 وكالة استخبارات أميركية.

ويأتي في صلب النقاش التساؤل الملغز المتعلق بالمطامح القصوى للقادة في طهران. لا مجال للشك بين المسؤولين الاستخباراتيين الأميركيين والإسرائيليين والأوروبيين في أن إيران تعكف على تخصيب وقود يرقى إلى مستوى سلاح نووي وتطور بنية تحتية لازمة لتصبح قوة نووية. لكن وكالة الاستخبارات المركزية وغيرها من الوكالات الاستخباراتية الأخرى ترى أن إيران عليها أن تقرر ما إذا كان سيتعين عليها أن تواصل تنفيذ برنامج موازٍ لتصميم رأس نووي – برنامج يرون أنه توقف بالأساس في عام 2003 وقد يكون ضروريا بالنسبة لإيران لتصنيع قنبلة نووية. ويصر المسؤولون الإيرانيون على أن برنامجهم النووي موجه لأغراض سلمية.

وفي شهادة أمام مجلس الشيوخ يوم 31 يناير (كانون الثاني)، صرح جيمس كلابر، مدير الاستخبارات الوطنية، بشكل معلن بأن مسؤولين أميركيين يعتقدون أن إيران تحتفظ بحقها في تصنيع سلاح نووي، لكنهم أشاروا إلى أنه لا يوجد أي دليل على أنها قد اتخذت قرارا ببذل جهود منسقة لتصنيع سلاح بشكل فعلي. واتفق ديفيد بترايوس، مدير الـ«سي آي إيه»، مع تلك الرؤية في نفس الجلسة. وأدلى مسؤولون أميركيون آخرون رفيعو المستوى، بينهم وزير الدفاع، ليون بانيتا، والجنرال مارتين ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، بآراء مشابهة في مقابلات تلفزيونية أجريت معهم مؤخرا.

«إنهم بالطبع يمضون قدما في هذا الطريق، لكننا لا نعتقد أنهم قد اتخذوا فعليا قرارهم بتصنيع سلاح نووي»، هذا ما قاله كلابر للجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي.

ويشير منتقدو التقييم الأميركي في القدس وبعض العواصم الأوروبية إلى أن إيران قد حققت تقدما كبيرا في أصعب الخطوات نحو تصنيع سلاح نووي وفي مجال تخصيب اليورانيوم. كان هذا أيضا هو الاستنتاج الذي خلصت إليه سلسلة تقارير لمفتشين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذين قدموا يوم الجمعة دليلا جديدا على أن الإيرانيين قد شرعوا في عمليات تخصيب يورانيوم في محطة تحت الأرض.

وبمجرد اتخاذ إيران مزيدا من الخطوات لتصنيع وقود يرقى إلى مستوى سلاح نووي - وهي خطوة لا تعتقد الولايات المتحدة أن إيران قد نفذتها فعليا - يرى منتقدون أنه سيكون من السهل نسبيا بالنسبة لإيران تصميم رأس نووي وامتلاك قنبلة نووية في وقت قصير. كذلك، يوجهون انتقادات لوكالة «سي آي إيه» لتوخيها الحذر المفرط في تقييماتها لإيران، مشيرين إلى أنها ربما تبالغ بذلك في التعويض عن التقييمات الاستخباراتية المعيبة التي أجرتها في عام 2002 والتي زعمت فيها أن هناك برامج أسلحة في العراق، وهو الادعاء الذي تبين عدم صحته. إضافة إلى ذلك، فقد اعترض مسؤولون إسرائيليون على نفس الفكرة الأساسية التي يقوم عليها التقييم الاستخباراتي الذي أجري في عام 2007، قائلين إنهم لا يعتقدون أن إيران أوقفت مطلقا عملها في برنامج أسلحتها.

غير أن بعض المسؤولين الاستخباراتيين والمحللين الخارجيين يرون أن هناك تفسيرا آخر محتملا لنشاط تخصيب اليورانيوم الذي تقوم به إيران، بخلاف السباق المحموم لتصنيع قنبلة نووية بأقصى سرعة ممكنة. ويقولون إن إيران ربما تسعى لتعزيز تأثيرها في المنطقة عن طريق خلق ما يطلق عليه بعض المحللين «غموضا استراتيجيا». وبدلا من تصنيع قنبلة نووية الآن، ربما ترغب إيران في تعزيز نفوذها من خلال زرع الشك بين دول أخرى إزاء مطامحها النووية. ويشير البعض إلى مثالي باكستان والهند، اللتين لديهما برامج أسلحة نووية سرية منذ عقود قبل أن تتخذا فعليا قرارهما بتصنيع قنابل نووية واختبار أسلحتهما في عام 1998.

«أعتقد أن الإيرانيين يرغبون في امتلاك القدرة، لا امتلاك مخزون احتياطي»، قال كينيث بريل، سفير أميركي سابق لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي عمل أيضا مديرا للمركز القومي لمكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل في الفترة من 2005 إلى 2009. وأضاف مسؤول استخباراتي سابق: «كان الهنود بعيدين تماما عن امتلاك قنبلة نووية لعدة سنوات. الوضع بالنسبة للإيرانيين مختلف».

* خدمة «نيويورك تايمز»