تعزيز الوسائل الدفاعية الأميركية في مضيق هرمز ضد إيران

مسؤولان عسكريان أميركيان سابقان: الخيار العسكري لن يوقف البرنامج الإيراني

TT

أبلغت وزارة الدفاع الأميركية أعضاء الكونغرس بخطط لتعزيز الوسائل الدفاعية الأميركية في مضيق هرمز وحوله، استعدادا لأي رد عسكري على إيران، وفقا لصحيفة «وول ستريت جورنال».

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في الدفاع أن الخطة تشمل نشر معدات لكشف الألغام وإزالتها وقدرات للمراقبة.

ويريد البنتاغون أيضا تعديل أنظمة تسلح السفن بطريقة أكثر فاعلية لمواجهة أسطول القوارب السريعة الإيرانية في الخليج في المضيق، كما قالت الصحيفة. وقال مسؤولون دفاعيون إن ذلك يشير إلى أن المخططين العسكريين يأخذون استعدادات جدية لأي مواجهة مع إيران، رغم أن البيت الأبيض والقادة العسكريين الآخرين يصرحون بأنهم يفضلون الخيارات الدبلوماسية مع إيران.

وهدد مسؤولون إيرانيون مرارا بإمكانية إغلاق المضيق ردا على العقوبات المتزايدة على الجمهورية الإسلامية.

وأعلن سفير إيران لدى الأمم المتحدة في وقت سابق أن بلاده لن تسعى إلى إغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي إلا إذا حاولت قوة أجنبية «تضييق الخناق» على طهران في ملفها النووي.

الى ذلك أكد اثنان من المسؤولين العسكريين الأميركيين رفيعي المستوى السابقين أن توجيه ضربة عسكرية ضد إيران بسبب برنامجها النووي لا يأتي في أولوية الخيارات المطروحة على مائدة الإدارة الأميركية، لأن الخيار العسكري لن يحقق النتيجة المرجوة، ولن يوقف النظام الإيراني عن استمراره في برنامجه النووي.

وأكدا أن الولايات المتحدة ستتورط (إن عاجلا أو آجلا) في حال قيام إسرائيل بتوجيه ضربه عسكرية لإيران.

وفي ندوة استضافها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، مساء أول من أمس، حول خيارات السياسة الأميركية المتاحة للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني، وأدارها بوب شيفر، مراسل «سي بي إس» المخضرم، قال الجنرال المتقاعد جيمس كارترايت، نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق: «إن القلق يساور الجميع بأن الساعة تدق والوقت أصبح ينفد، وقد شهدنا إدارات أميركية متعاقبة تدخل في مفاوضات ومحادثات، وتتيح الوقت للوصول إلى حل دبلوماسي، ورفض عدد من الرؤساء الأميركيين توجيه ضربة عسكرية ضد إيران. والسؤال المطروح: ماذا لو حقق الإيرانيون هدفهم في تصنيع سلاح نووي ماذا سنفعل». وأوضح كارترايت أنه لا توجد معلومات كافية عما يريد الإيرانيون عمله، وإذا كانوا قد قرروا بالفعل المضي قدما في تصنيع السلاح النووي، مشيرا إلى أن الإيرانيين يمتلكون التكنولوجيا الأساسية لذلك، ولديهم المفاعلات للأبحاث الطبية، وقاموا بتخصيب اليورانيوم. وحذر من المغامرة بتقليل المخاطر، وقال: «لا شيء يمكن أن يوقف إيران عن تصنيع السلاح النووي، إذا كان لديها النية والإرادة لتنفيذ ذلك، وجزء من الدبلوماسية يتطلب التهديد باستخدام الخيار العسكري، حيث يسمح بوجود قناة سياسية رسمية للحوار».

وشكك نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق في قدرة إسرائيل على توجيه ضربة قاضية للبرنامج النووي الإيراني، وقال «الإسرائيليون قد يحققون إبطاء أو تأجيلا للبرنامج النووي، وكل ما لديهم تكتيكات إبطاء وليس تكتيكات إلغاء».

وأوضح أن توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية إلى إيران سيكون صعبا، لأن الكثير من المفاعلات النووية الإيرانية توجد تحت الأرض، وقال كارترايت: «لديهم مواقع كثيرة، وما نعرفه هو موقع واحد تحت الأرض ويصعب اختراقه، أما عمليات تخصيب اليورانيوم فتتم في عدد كبير من المواقع».

وأيد كارترايت ما قاله وزير خارجية تركيا، أحمد داود أوغلو، من أن توجيه ضربة عسكرية لإيران سيكون كارثيا، وقال: «هي كلمة تعكس الحقيقة، فبغض النظر عن نجاح أو فشل أي ضربة عسكرية، فتأثيرها على الجانب الاقتصادي سيكون كبيرا، وستؤثر على أسعار وعوائد النفط، وستؤدي إلى زعزعة الأسواق، وتركيا قلقة من ذلك، وهي محقة».

وحول رد الفعل الأميركي إذا قامت إسرائيل بالفعل بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، قال كارترايت: «ستقف الإدارة الأميركية في موقف عليها أن تختار فيه إما أن تتفرج أو تشترك، والإجابة ستكون وفقا للموقف، فالموقف هو الذي سيملي على الإدارة الأميركية ما تفعله، والأفضل أن نكون مستعدين».

واستبعد نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق أن تقدم إيران على تهديد الأراضي الأميركية، وقال: «أعتقد أن إيران متحفظة في مهاجمة الولايات المتحدة، وتوازن ما بين تأثير العقوبات الاقتصادية عليها وتأثير إقدامها على إغلاق مضيق هرمز، لكن القلق الحقيقي هو تسريب تكنولوجيا الأسلحة النووية لطرف آخر يقوم بتوجيه ضربة ضد الولايات المتحدة»، وأضاف: «لا نعرف عقلية الإيرانيين وكيف يفكرون، ومن الصعب أن نقول ماذا سيفعلون».

من جانبه، أشار الأدميرال ويليام فالون، القائد السابق للقيادة المركزية، إلى احتمال نشوب الحرب خلال عام 2012، وقال: «لا أعرف ما نوايا الإيرانيين، وإلى أي مدى وصلوا في برنامجهم، ولكنهم يملكون الإمكانات، وما يدهشني أن هناك من يدق بالفعل طبول الحرب في الإعلام، وهذا ليس مفيدا». وأكد فالون أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران لها تأثير كبير على الاقتصاد وعلى قدرة رجال الأعمال على مواصلة أعمالهم، وتؤثر على المواطن العادي، وأصبح الحصول على الغذاء أمرا صعبا مع الانخفاض المتزايد لقيمة العملة المحلية.

واتفق فالون مع كارترايت في صعوبة توجيه ضربة عسكرية ضد إيران، وقال: «قامت إسرائيل في السابق بتوجيه ضربة عسكرية ضد العراق، وإنهاء البرنامج النووي العراقي، لكن الموقف مختلف في إيران، فالإيرانيون كانوا ماهرين وأقاموا عدة مفاعلات في مناطق مختلفة، ولذا فإن توجيه ضربة واحدة لن يكون كافيا».

وحول مدى جدية إسرائيل في توجيه ضربه ضد إيران، وموقف الإدارة الأميركية إذا قامت إسرائيل بهذه الضربة، قال الأدميرال فالون: «هذا ليس خيارا مفضلا لدى أي شخص، لكن أحيانا نضطر لهذا القرار، وإذا شعر الإسرائيليون بأن توجيه ضربة عسكرية في مصلحتهم، فسوف يضربون، وسيسبب ذلك أضرارا كثيرة. والولايات المتحدة متصلة ومنغمسة مع إسرائيل، بغض النظر عما سيحدث، وهناك مشاركة وتعاون إلى أقصى درجة في الجانب الاستخباراتي، وفي نهاية اليوم سنخرج بأفضل الطرق للتعامل مع إيران».

ونصح فالون بأن تتوجه الإدارة الأميركية إلى الإعلان بحزم أنها تعارض وجود سلاح نووي لدي إيران، وأنها ستقف ضد أي محاولات لغلق مضيق هرمز، وسترد بقوة ضد توجيه أي ضربة للمصالح الأميركية أو ضد حلفائنا في الإقليم، وفي نفس الوقت إظهار القوة والإمكانات الأميركية وتوثيق التحالفات مع الدول في الإقليم.

ولخص الأدميرال فالون نظرته للوضع الإيراني الداخلي، بقوله: «ما رأيته هو مساندة شعبية كبيرة لامتلاك إيران برنامجا نوويا، وليس لامتلاك سلاح نووي، ولم أر الشعب الإيراني مساندا لفكرة امتلاك سلاح نووي، والنظام الإيراني يقوم بالمناورة، فإذا حصل على القدرة على تصنيع سلاح، فإنه لن ينفذ بسرعة، لكن الوقت ليس في صالح النظام بسبب المعارضة الداخلية.

وستستمر إسرائيل قي القلق، وهناك الكثير يجري في إقليم الشرق الأوسط، وقد امتنعت بعض الدول عن شراء النفط الإيراني، وبدأ العراق في زيادة تصدير النفط وأنشأت الإمارات خطوط أنابيب للنفط، وبدأت الدول في سحب البساط من تحت أقدام إيران».

من جانبه، أوضح مراسل جريدة «نيويورك تايمز»، ديفيد سانجر، أن امتلاك إيران القدرة على تصنيع سلاح نووي مفيد جد أكثر من حصولهم على سلاح نووي، وقال: «الإيرانيون مهتمون بتأثير الأنباء على قدراتهم النووية في بسط نفوذهم في منطقة الشرق الأوسط، ويستفيدون أن يعرف العالم أنهم قادرون على صنع سلاح نووي في أسابيع أو شهور، وتعلموا من تجربة كوريا الشمالية، فقد استمرت الإدارات الأميركية في التأكيد أنها لن تتدخل عسكريا في كوريا الشمالية، واستيقظت أميركا لتجد الكوريين يقومون بتجربة نووية».

وأوضح سانجر أن تأثير العقوبات له ردود أفعال مختلفة داخل إيران، فالبعض يؤكد أن إيران لن تتوقف عن المضي في برنامجها، والبعض الآخر يعترف بتأثير العقوبات على إضعاف النظام، لكن الجميع يتفق على عدم إيقاف البرنامج لأن له شعبية كبيرة بين جميع أطياف المجتمع الإيراني، حتى التيارات المعارضة». وأشار سانجر إلى محاولات كثيرة لتوجيه هجمات فيروسية نجحت في إبطاء البرنامج الإيراني، وشهد كثيرا من الصعود والهبوط، لكنه في النهاية مستمر.

وحول رد الفعل الأميركي إذا وجهت إسرائيل ضربة لإيران، قال مراسل «نيويورك تايمز»: واجه الرئيس بوش هذا السؤال، وأجاب برفض توجيه ضربه وعندما سئل إذا عبرت الطائرات الإسرائيلية فوق الأجواء العراقية هل ستقوم الولايات المتحدة بتوقيفها، فكانت إجابته: لا.

وأضاف سانجر: «إن الإيرانيين لديهم إيمان بأن كلا من الولايات المتحدة وإسرائيل يعملان معا، وفي كل السيناريوهات التي رأيتها، تتورط الولايات المتحدة إن عاجلا أو آجلا، خاصة إذا تم توجيه ضربة بطريق الخطأ إلى أي مركب أميركي في المنطقة».

وفي سؤال حول تأثير البرنامج النووي الإيراني واحتمالات الضربة الإسرائيلية على إقليم الشرق الأوسط خلال السنوات الخمس المقبلة، أجاب سانجر: «إنه من الصعب التنبؤ بما سيحدث في الشرق الأوسط في ستة أشهر وليس خمسة أعوام، وهناك دول بدأت في التفكير في امتلاك برامج نووية للأغراض السلمية، وأوضحوا أنهم يريدون امتلاك الإمكانيات».

وأكد سانجران أن الصين في موقف حائر ما بين الخوف على إمدادات النفط الإيراني إليها ومعارضة المجتمع الدولي، وقال: «تحاول إدارة أوباما البحث عن بدائل لتوفير النفط للصين من السعودية والعراق وليبيا، ولكن ليس واضحا إذا كان ذلك سيرضي الصين، بل ترى الصين فائدة كبيرة في الحصول على النفط الإيراني بتخفيضات كبيرة، بسبب العقوبات الدولية المفروضة على تصدير النفط، وهذا هو الصراع الكبير في الشهور المقبلة».