تقرير صحافي: لندن قدمت مساعدات للصومال مقابل استغلال نفطه

محللون: استئصال القرصنة يحتاج إلى حلول على الأرض

TT

كشفت صحيفة الـ«أوبزرفر» البريطانية، النسخة الأسبوعية من صحيفة الـ«غارديان»، عن أن بريطانيا قدمت المساعدات الإنسانية والأمنية للصومال طمعا في حصة من صناعات الطاقة في المستقبل في هذا البلد المحاصر.

وقالت الصحيفة في عددها الذي نشر أمس إن بريطانيا متورطة في سباق سري ينطوي على كثير من المخاطر، على حد تعبيرها، من أجل الاستفادة بنفط الصومال، مع تقديم حكومة لندن مساعدات أمنية وإنسانية إلى مقديشو على أمل الفوز بحصة في صناعات الطاقة فيها مستقبلا.

وتوضح الصحيفة أن الصومال الذي مزقه صراع استمر عقدين، يوصف باعتباره أكثر بلدان العالم فشلا بشكل شامل، كما أنه واحد من أفقر تلك البلدان، وأصبح ساحله ملاذا للقراصنة الذين يشكلون خطرا على الملاحة الدولية في المحيط الهندي.

وكان رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون قد استضاف مؤتمرا دوليا عن الصومال الأسبوع الماضي تعهد خلاله بتقديم مزيد من المساعدات المالية وإجراءات لمواجهة ما سماه الإرهاب، وجاءت تلك القمة في أعقاب زيارة مفاجئة لوزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ إلى مقديشو تناولت ما وصف بأنه بداية فرصة لإعادة بناء البلاد.

وتقول الصحيفة إنه بصرف النظر عن التركيز العام على قمة الأسبوع الماضي، فإن محادثات تجري بين مسؤولين بريطانيين ونظرائهم في الصومال بشأن استغلال احتياطي النفط في المنطقة الشمالية الشرقية من البلاد. وقال عبد القدير عبيدي هاشي، وزير التعاون الدولي في بونت لاند، شمال شرقي الصومال حيث من المتوقع أن يتم استخراج أول نفط منها الشهر المقبل، إنه تمت محادثات مع عدد من المسؤولين البريطانيين، وبعضهم عرض مساعدتنا في الإدارة المستقبلية لاحتياطي النفط.

وقال هاشي أيضا، وهو المسؤول عن التوسط في صفقات تتعلق باحتياطي النفط في المنطقة الشمالية الشرقية، إن الصومال يتطلع إلى شركة «بريتش بتروليام» البريطانية لتكون شريكتهم لمساعدتهم في استكشاف وبناء صناعتهم النفطية، وأضاف أنهم في الصومال في حاجة إلى هذه المعرفة الفنية والتقنية الضرورية، ويخططون لإجراء محادثات مع شركة (بي بي) في الوقت المناسب.

وكان رئيس الوزراء الصومالي عبيدويلي محمد علي، قال إن حكومته ليس لديها خيار سوى إغراء الشركات الغربية بتقديم شريحة لها من موارد البلاد النفطية، التي تشمل البترول والغاز واحتياطي كبير من اليورانيوم.

وعلقت الـ«أوبزرفر» على ذلك بالقول إن مشاركة بريطانيا في صناعة النفط الصومالي مستقبلا ستكون مفيدة للاقتصاد البريطاني، وتأتي في وقت يشعر فيه العالم بقلق متنام بعد فرض الحظر النفطي الغربي على إيران ورد إيران بقطع صادرات النفط إلى بعض الدول الأوروبية ومنها بريطانيا.

وأشارت الصحيفة إلى أن الأمر لا يقتصر على بريطانيا فقط في السعي لاستغلال نفط الصومال، بل إن شركة كندية في الشهر الماضي التنقيب عن النفط في بونت لاند.

إلى ذلك، يرى محللون أن القوات البحرية الأجنبية المنتشرة في المحيط الهندي وعمليات المواكبة الخاصة التي تقوم بها البحرية التجارية، وجهت ضربة إلى القرصنة، لكن هذه الظاهرة لا يمكن استئصالها من دون إيجاد حل لحالة الفوضى السائدة في الصومال، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

ولفت ستيغ يارل هانسن الباحث النرويجي المتخصص في شؤون الصومال أن «القراصنة يلقون صعوبة متزايدة في الاستيلاء على مراكب»، مشيرا إلى ارتفاع هجمات القوات البحرية الأجنبية على «السفن الأم» للقراصنة التي تنطلق منها قوارب صغيرة لخطف رهائن.

ويرى بيتر فام من مركز الأبحاث «أتلانتيك كاونسل» أن تراجع نشاط القراصنة ناجم أيضا إلى حد كبير عن وجود متزايد للحرس المسلح على متن السفن التجارية. وقال إن «الفضل يعود خصوصا إلى الصناعة البحرية التجارية.. التي باعتمادها نهجا موجها في مجال الدفاع وبزيادتها فرق المواكبة الخاصة، جعلت من الصعب فعلا الاستيلاء على سفن». لكن إن كان رصد مراكب القراصنة في ازدياد، فإن هجماتهم ما زالت كثيرة وفي عرض المحيط الهندي، مع المطالبة بفديات قيمتها أكثر ارتفاعا. فقد ارتفعت قيمة الفدية بمعدل وسطي من أربعة إلى خمسة ملايين دولار بين 2010 و2011 بحسب مجموعة مراقبة المحيطات «بيوند بيراسي».

وكلفت القرصنة الصومالية نحو 7 مليارات دولار في 2011؛ منها أكثر من مليارين للعمليات العسكرية والمواكبة ومعدات حماية السفن، كما ذكر تقرير أخير.

واليوم ما زال القراصنة يحتجزون 34 سفينة على الأقل وأكثر من أربعمائة رهينة، بحسب منظمة «إيكوتيرا» غير الحكومية المتخصصة في القرصنة قبالة سواحل الصومال.

وقال رشيد عبدي، الخبير في شؤون الصومال إن «الدوريات البحرية ضد القرصنة ليست ربما سوى طريقة لنقل المشكلة». ويشدد المحللون على إيجاد حل على المدى البعيد يوفر إمكانات أمام الشعوب المحلية، ويسمح لهم بالاستحواذ على موارد القرصنة. ولفت هانسن إلى أن «الحل يبقى على الأرض، خاصة لتنمية بون تلاند». فهذه المنطقة الواقعة في شمال الصومال التي أعلنت حكمها الذاتي، تستخدم قاعدة للعديد من القراصنة.