الجنزوري للنواب: مصر لن تركع.. و«الإخوان» يجددون استعدادهم لتشكيل الحكومة

المشير يدعو البرلمان لجلسة مشتركة لانتخاب «تأسيسية الدستور» في 3 مارس

TT

في حين دعا المشير محمد حسين طنطاوي القائد العام رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الحاكم) أعضاء مجلسي الشعب والشورى (الغرفة الأولى والثانية للبرلمان) لاجتماع مشترك يوم 3 مارس (آذار) المقبل، في أول انعقاد لهما بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة، لاختيار الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور الجديد، ألقى الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء، أول بيان لحكومة الإنقاذ الوطني أمام البرلمان، مستهلا خطابه بتوجيه التحية لشباب ثورة «25 يناير (كانون الثاني)» وشهدائها وللبرلمان وللقوات المسلحة.

وأرسل المشير طنطاوي برقية إلى رئيس مجلس الشعب الدكتور سعد الكتاتني أمس، دعا فيها لاجتماع مشترك لمجلسي الشعب والشورى من أجل اختيار الجمعية التأسيسية التي ستضع دستور البلاد الجديد.

وكان المجلس العسكري الحاكم قد أصدر في مارس (آذار) الماضي، إعلانا دستوريا أناط بأعضاء البرلمان المنتخبين اختيار الجمعية التأسيسية، دون أن يحدد إذا ما كان أعضاء الجمعية من أعضاء البرلمان أو من خارجهم. وأثارت سيطرة الإسلاميين على البرلمان بغرفتيه تخوفات القوى الليبرالية من أن تنعكس هذه السيطرة على الدستور، وحاول المجلس العسكري ونائب رئيس الوزراء السابق الدكتور علي السلمي تحديد معايير لاختيار الجمعية التأسيسية؛ لكن رفض جماعة الإخوان المسلمين أفشل تلك المساعي.

وقالت جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية (حزب الحرية والعدالة) إنها لن تستحوذ على الجمعية التأسيسية، مشيرة إلى أنها تنوي أن تخصص 40% من مقاعد الجمعية التأسيسية البالغة مائة مقعد، لنواب البرلمان، فيما تخصص باقي المقاعد الستين للشخصيات العامة وممثلي الهيئات والنقابات.

ومن المقرر أن تعمل الجمعية التأسيسية على وضع دستور البلاد الجديد، بالتزامن مع إجراء الانتخابات الرئاسية وإعلان نتائجها النهائية قبل مطلع يوليو (تموز) المقبل. وليس من المعروف بعد إن كانت الجمعية التأسيسية ستنتهي من وضع الدستور الجديد قبل هذا الموعد أم لا. إلى ذلك، ألقى الدكتور كمال الجنزوري رئيس الحكومة بيان الحكومة السنوي أمام البرلمان، وقال الجنزوري لنواب البرلمان: «جئتم تمثلون الشعب بإرادة الله.. وجئنا مكلفين بقدرنا، ونحن جميعا نعمل من أجل صالح الشعب، وربما نختلف في الرؤى ولا يمكن أبدا أن نختلف في الهدف». وجدد الجنزوري تأكيده على صعوبة الموقف الاقتصادي لمصر في ظل تخلي أغلب الدول عن وعودها بدعم الاقتصاد المصري، وفي ظل خروج استثمارات تقدر بنحو 10 مليارات دولار من السوق المصرية، علاوة على العراقيل التي وضعت أمام صادرات مصر للخارج. وتساءل الجنزوري: «هل أخطأت مصر بثورتها كي تعاقب؟»، مجيبا: «أقول للجميع: لن تركع مصر»، وتابع رئيس الوزراء: «الخريطة السياسية أصبحت واضحة بمجيء مجلس الشعب، ثم الشورى، ثم الدستور الجديد المدعو لانتخاب أعضائه مطلع مارس (آذار) المقبل».

وأكد الجنزوري أن بلاده ستعبر أزمتها المالية، قائلا: «لا نقدر سوى أن نقول اليوم إن مصر ملتزمة بكل اتفاقاتها مع دول العالم، وإنه آن الأوان أن نتعامل مع شعوب العالم بما يحكم مصالح شعب مصر وليس مصالح الحكام».

وحول الموقف الأمني قال الجنزوري: «شاهدتم ما حدث خلال شهور الثورة الأولى من انفلات أمني واضح، وكان علي وعلى الحكومة أن نتعاون مع وزارة الداخلية كي نعيد الأمن، وأرى أن الأمن يعود بشكل ملحوظ يوما بعد آخر».

وتسبب حادثان منفصلان قبل يومين من بيان الجنزوري تعرض لهما مرشح محتمل للرئاسة وبرلماني، في تنامي السخط داخل البرلمان من أداء وزارة الداخلية، بحسب مراقبين، وهو الأمر الذي جعل نواب البرلمان أكثر تحفزا تجاه الحكومة.

وأعاد بيان الحكومة، الذي بدا للمراقبين «لا يضيف جديدا»، إلى الواجهة إعلان جماعة الإخوان المسلمين استعدادها لتشكيل حكومة ائتلاف وطني، وقال الدكتور عصام العريان النائب الأول لرئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، إن حزبه على استعداد تام لتشكيل حكومة ائتلاف وطني فورا.

وقال العريان، وهو رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، لـ«الشرق الأوسط» أمس: «الحوادث المتكررة التي نشهدها الآن تؤكد حاجتنا لحكومة ائتلاف وطني. لقد أعلنا استعدادنا في وقت سابق، ونحن الآن نجدد استعدادنا تشكيل الحكومة».

وحول الجدل الدستوري بشأن اختصاص البرلمان في سحب الثقة من الحكومة، قال العريان إنه «بغض النظر عن هذا الجدل القانوني والدستوري، لن تستطيع الحكومة العمل من دون دعم البرلمان لها».

وكانت قوى سياسية ليبرالية ويسارية ذات تمثيل ضعيف في البرلمان قد أبدت ترحيبها بالمشاركة في حكومة ائتلافية بقيادة جماعة الإخوان المسلمين، لكن هذا المسعى ربما يصطدم برفض القوى السياسية الأكبر تمثيلا في البرلمان، كحزب الوفد الليبرالي الذي قال المتحدث الرسمي باسمه محمد مصطفى شردي لـ«الشرق الأوسط» إنه «سيقف ضد هذا الأمر في المناقشات التي ستجريها الهيئة العليا للوفد حول الأمر خلال الأيام المقبلة».

وأضاف شردي، وهو مساعد رئيس حزب الوفد، إن الإخوان المسلمين أصروا على الالتزام بالدستور وإجراء انتخابات البرلمان قبل وضع دستور جديد للبلاد.. «وأعتقد أن عليهم أن يلتزموا بنصوص هم من أصر عليها.. والدستور لا يعطي الأغلبية البرلمانية الحق في تشكيل الحكومة». وتابع شردي: «علينا أن نتعالى على المصالح الشخصية.. وليس من المعقول أن نطوع الأمور لمصالحنا ورغباتنا.. كان ضد كتابة الدستور أولا بحجة احترام الاستفتاء الدستوري، فلماذا يرغبون اليوم في الإعراض عن النصوص الواضحة؟ هذا ما كان يفعله الحزب الوطني (المنحل)».