باكستان تهدم مخبأ بن لادن خشية تحوله إلى مزار

سكان يطالبون ببناء مدرسة في الموقع.. ومسؤول أمني يفضل زرعه نباتات

سكان يشاهدون عملية هدم المجمع الذي كان يختبئ فيه بن لادن في أبوت آباد أمس (أ.ف.ب)
TT

عملت قوات الأمن الباكستانية، أمس، على هدم المجمع الذي قتل فيه أسامة بن لادن، في عملية نفذتها القوات الخاصة الأميركية في مايو (أيار) الماضي في أبوت آباد من دون إطلاع السلطات الباكستانية عليها. وتواصلت عمليات الهدم، التي بدأت مساء أول من أمس، واستمرت طوال الليل، حيث عملت الجرافات حتى بزوغ الفجر في مدينة بلال في ضاحية أبوت آباد.

وقال سكان محليون لـ«الشرق الأوسط» إن السلطات استقدمت آليات ثقيلة إلى المجمع، ومنعت الصحافيين من التقاط الصور أو الاقتراب من الموقع. وقال أحد شهود العيان إن جزءا مهما من المجمع تم الانتهاء من هدمه أمس. وجرت الاستعانة بأربع جرافات من أجل تحطيم الأساسات والجدران الإسمنتية.

وانتشر في الموقع نحو 500 شرطي ضربوا طوقا أمنيا في المكان، بينما تمركز جنود في الباحة الداخلية للمجمع. وقال مسؤول في الشرطة إن أعمال الهدم التي تتولاها قوات الأمن وعناصر من الجيش تواصلت طوال الليلة قبل الماضية ويوم أمس. وقال مسؤول أمني إن «الأساسات شديدة الصلابة وهي مصنوعة من الخرسانات والإسمنت، لذا فإنها تتطلب وقتا طويلا لهدمها».

وقال سكان المنطقة إنهم سمعوا ضجيج الآليات وتساقط الحطام طوال الليل، وصعد بعضهم إلى أسطح الأبنية القريبة لمشاهدة عملية الهدم. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن شرطي قوله: «لقد أمضينا الليل بأكمله في الصقيع»، وقد أشعل مع زملائه نارا للتدفئة.

ولم تقدم الحكومة حتى يوم أمس سببا رسميا لإقدامها على هدم المجمع، بينما ينتشر اعتقاد عام في باكستان بأن الحكومة تسعى للحيلولة دون تحول سكن بن لادن إلى ما يشبه المزار أو المعلم السياحي، خاصة أن المجمع ظل يستقطب في الفترة التي أعقبت مقتل بن لادن، مئات الزوار يوميا. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن قائد سابق في شرطة المناطق القبلية في شمال غربي باكستان المجاورة لأفغانستان محمود شاه قوله إن «المجمع كان لديه مقومات التحول إلى ضريح»، بالنسبة للمتعاطفين مع «القاعدة»، و«لهذا السبب يتم هدمه».

ويقول سكان الآن إنه يجب بناء مدرسة في الموقع نظرا لعدم وجود أي مدرسة في الجوار، بينما قال مسؤول أمني إن «زراعة نباتات هنا قد تكون فكرة صائبة». وأضاف المسؤول، طالبا عدم كشف هويته: «سيمر بعض الوقت قبل أن تتخذ الحكومة أي قرار بشأن الاستغلال المستقبلي للموقع، حيث كان المجمع قائما». وتابع المسؤول قائلا: «لقد طلبت منا الحكومة المحلية إزالة المجمع لما قد يخلقه من مشكلات لها في المستقبل».

وكانت قوات الأمن وضعت المجمع تحت سيطرتها منذ مقتل بن لادن على يد قوات أميركية، خاصة في عملية إنزال سرية بواسطة مروحية لم يتم إبلاغ إسلام آباد بها.

وكان زعيم «القاعدة» اتخذ من هذا المجمع مقرا له لسنوات كثيرة، حيث كان يعيش مع زوجاته الثلاث وتسعة أبناء وأحد أحفاده. وألقى الأميركيون جثة بن لادن في البحر، منعا لتشييد ضريح له يمكن أن يشكل نصبا تذكاريا لمدبر هجمات 11 سبتمبر (أيلول) على نيويورك وواشنطن.

وأثارت العملية ضد بن لادن اتهامات ضد الجيش الباكستاني القوي بالتواطؤ أو العجز بعد أن تبين أن زعيم «القاعدة» قد أقام لسنوات على بعد كيلومترين فقط من أكاديمية عسكرية كبرى.

وتدهورت العلاقات الباكستانية - الأميركية بشكل كبير على خلفية العملية العسكرية ضد بن لادن، وتراجعت إلى أدنى مستوياتها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إثر ضربة جوية لحلف شمال الأطلسي أدت إلى مقتل 24 جنديا باكستانيا في موقع قريب من الحدود الأفغانية. وشكلت إسلام آباد لجنة قضائية للتحقيق في كيفية إقامة بن لادن في باكستان لسنوات دون كشف مقره.