قطر تدعو للجنة تحقيق دولية في الانتهاكات الإسرائيلية.. وعباس يدعو العرب لزيارة القدس

في اليوم الأول لـ«المؤتمر الدولي للدفاع عن القدس» بحضور «ناطوري كارتا» اليهودية ووفد «فلسطينيي 48»

لقطة من الجلسة الافتتاحية أمس للمؤتمر الدولي للدفاع عن القدس في الدوحة (إ.ب.أ)
TT

بدأت، أمس، في العاصمة القطرية الدوحة، أعمال المؤتمر الدولي للدفاع عن القدس، باقتراح تقدم به الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر، يهدف إلى التوجه إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار بتشكيل لجنة دولية للتحقيق «في جميع الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل منذ احتلالها للقدس العربية عام 1967»، والهادفة إلى طمس معالم القدس الإسلامية والعربية.

ودعا أمير قطر في كلمته، إلى «إعداد استراتيجية للمشاريع التي تحتاجها المدينة (القدس)»، مؤكدا استعداد بلاده لـ«المساهمة في وضع الاستراتيجية موضع التطبيق». وحذر «الدول في الغرب والشرق (...) من أن الرأي العام العربي قد نهض وأنه لا يقبل بالعجز جوابا عن قضايا الأمة التي تؤرقه»، متسائلا «هل يعقل أن الشعوب التي لم تعد تصبر على الظلم في داخلها سوف تقبل بظلم الاحتلال؟!»، حسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

وقد أيد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، في كلمته أمام المشاركين، ما طرحه أمير قطر، وقال «أؤيد اقتراح سمو الأمير بالتوجه إلى مجلس الأمن لطرق أبوابه لينصاع العالم لما نطالب به». كما أعلن أبو مازن، عن خطة لدعم صمود القدس بالمشاركة مع منظمة التعاون الإسلامي، مؤكدا أن «إجراءات ضم القدس باطلة والقدس الشرقية هي العاصمة الأبدية لفلسطين». وطالب عباس العرب والمسلمين بزيارة القدس رغم الاحتلال، و«ضرورة أن نشجع كل من يستطيع، وبخاصة إخوتنا من الدول العربية والإسلامية، إضافة إلى إخوتنا العرب والمسلمين والمسيحيين في أوروبا وأميركا، على التوجه لزيارة القدس». وأضاف عباس أن «هذا التحرك سيكون له تداعياته السياسية والمعنوية والاقتصادية والإنسانية، فالقدس تخصنا وتمسنا جميعا، ولن يستطيع أحد منعنا من الوصول إليها. إن تدفق الحشود إليها وازدحام شوارعها والأماكن المقدسة فيها، سيعزز صمود مواطنيها، ويسهم في حماية وترسيخ هوية وتاريخ وتراث المدينة المستهدفين بالاستئصال، وسيذكر المحتلين أن قضية القدس هي قضية كل عربي وكل مسلم وكل مسيحي». وأوضح عباس أن هذه الزيارة لا تعتبر تطبيعا مع الاحتلال، وقال «أؤكد هنا على أن زيارة السجين هي نصرة له ولا تعني بأي حال من الأحوال تطبيعا مع السجان».

من جهته، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، إن «السلام ما زال بعيد المنال بسبب الغطرسة الإسرائيلية والتعنت».

وتداول على الكلمات الافتتاحية للمؤتمر الدولي للدفاع عن القدس عدد من الخطباء، من بينهم رئيس الوزراء المغربي عبد الإله ابن كيران، الذي ألقى كلمة نيابة عن ملك المغرب رئيس لجنة القدس، وأمين عام منظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي، الذي أشار إلى أن البنك الإسلامي للتنمية مول عددا من المشاريع في مختلف القطاعات بالمدينة المقدسة، إضافة إلى تمويل مشاريع أخرى تستهدف تنمية قطاعي الصحة والتعليم في القدس. ولفت أوغلي النظر إلى أن صندوق التضامن الإسلامي مستمر في تمويل ترميم وتأهيل عدد من مدارس القدس الشريف. وأوضح أنه أبلغ وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، أن المنظمة تعتبر المسجد الأقصى المبارك خطا أحمر للأمة الإسلامية، مطالبا في ذات السياق الإدارة الأميركية بضرورة الوقف الفوري للانتهاكات الإسرائيلية في القدس.

وشدد أوغلي على أن قضية القدس كانت ولا تزال محور التحركات السياسية للمنظمة مع مختلف زعماء العالم والمسؤولين، وبخاصة الاجتماعات التي ضمت الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي مع الاتحاد الأوروبي.

من جانبه، أكد إسرائيل هيرش، ممثل حركة «ناطوري كارتا» اليهودية المعارضة بشدة للصهيونية ولدولة إسرائيل، «التضامن المطلق مع سكان القدس (...) والمعارضة الأكيدة للاحتلال الصهيوني للقدس والأهمية الكبرى لإنهاء الاحتلال الصهيوني الوحشي لأرض فلسطين المقدسة».

ويركز المؤتمر على إبراز الحقائق التاريخية والجوانب القانونية حول مدينة القدس، والعمل على تعميق دور المجتمع المدني في الدفاع عن المدينة وحمايتها.

وسيناقش المجتمعون وضع القدس من خلال أربعة محاور أساسية، هي «القدس والقانون الدولي»، و«القدس والتاريخ»، و«القدس والاستيطان»، و«القدس ومنظمات المجتمع الدولي».

ويسعى مؤتمر الدوحة بحسب جدول أعماله إلى «إقرار حزمة من خطط التنمية للقطاعات المختلفة لتعزيز صمود المقدسيين، والتأكيد على دعم الدور المركزي لمدينة القدس ثقافيا وسياسيا واقتصاديا».

وذكر مصدر مقرب من المنظمين لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه «من المتوقع أن يطرح للنقاش ما أقره اجتماع القمة العربية في سرت، من صرف 500 مليون دولار لتمكين سكان المدينة من الصمود والثبات والحفاظ على مدينتهم وهويتها العربية والإسلامية والمسيحية».

وأضاف المصدر ذاته أن «هناك تباطؤا كبيرا في تنفيذ هذه الالتزامات، والدول العربية أسهمت حتى الآن بمبلغ 37 مليون دولار فقط، أي بنسبة لا تتعدى 7 في المائة من المبلغ المخصص».

وترعى قطر اللجنة القطرية الدائمة لدعم القدس التي تجتمع سنويا وتقر مساعدات للمؤسسات المقدسية الصحية والتعليمية.

ومن أهم ما أعلنت عنه اللجنة في السابق، هو إقامة وقفية لمدينة القدس، وهي عبارة عن برج يتكون من 106 طوابق يبنى الآن في مدينة الدوحة وسوف يرصد ريعه لدعم القدس.

وكان لافتا في المؤتمر، بالإضافة إلى وفد «ناطوري كارتا»، حضور وفد كبير من القادة السياسيين للمواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48)، بينهم أعضاء الكنيست أحمد الطيبي رئيس الحركة العربية للتغيير، وحليفه في الكنيست إبراهيم صرصور من قيادة الحركة الإسلامية في إسرائيل، وحليفهما طلب الصانع رئيس الحزب الديمقراطي العربي، وجمال زحالقة رئيس حزب التجمع الوطني، ورفيقته في الحزب حنين زعبي، ورئيس لجنة المتابعة العليا محمد زيدان، والشيخ كمال ريان رئيس جمعية الأقصى، وعلي أبو شيخة رئيس دائرة المسجد الأقصى في الحركة الإسلامية، وغيرهم.

وقد تعرض أعضاء الوفد لهجوم سياسي من قادة أحزاب اليمين المتطرف الحاكم في إسرائيل بسبب هذه المشاركة. واعتبرها وزير الإعلام، يولي أدلشتاين «طعنة في ظهر الدولة التي أقسم لها النواب يمين الولاء». وطالب متطرفون في اليمين باعتقال أعضاء الوفد ومحاكمتهم بتهمة المساس بأمن إسرائيل. ورد عضو الكنيست طلب الصانع على هذه الهجمة من الدوحة، فقال: «نحن نولي هذه المشاركة أهمية خاصة، باعتبار أن الحديث يدور عن مؤتمر القدس الذي سيناقش واقع مدينة القدس، التي تشهد هجمة شرسة من قبل الحكومة اليمينية في إسرائيل، التي تسعى إلى تهويد وتغيير المعالم الوطنية والإسلامية والمسيحية، مما يستوجب بلورة موقف عربي لمواجهة هذه التحديات وتعزيز صمود الفلسطينيين المقدسيين الذين هم صمام الأمان للدفاع وحماية القدس». وأكد النائب طلب الصانع أن «المؤتمر سيكون فرصة سانحة لطرح قضايا الجماهير العربية داخل إسرائيل، والتي تواجه حملة من القوانين العنصرية ومخططات الترحيل والتهجير، خصوصا سكان منطقة النقب في الجنوب».