كابل: المستشاران الأميركيان قتلا برصاص زميل أفغاني فقد أعصابه

فرنسا وألمانيا تسحبان مستشاريهما من الوزارات الأفغانية وكرزاي يدعو إلى الهدوء

شرطي يأمر سيارة بالتوقف وتسير إلى جانبه امرأة عند نقط تفتيش في كابل أمس (رويترز)
TT

كشف مصدر حكومي أفغاني، أمس، أن حادث مقتل المستشارين الأميركيين في مبنى وزارة الداخلية الأفغانية بكابل، أول من أمس، وقع بعد جدل مع أحد زملائهما الأفغان حول قضية إحراق المصاحف، يوم الثلاثاء الماضي، في قاعدة أميركية بأفغانستان. وجاء هذا في حين أعلنت باريس وبرلين، أمس، سحب مستشاري بلديهما من الوزارات الأفغانية، بعد مقتل المستشارين الأميركيين.

وقال المصدر الحكومي، الذي رفض الكشف عن هويته بسبب الطابع الحساس لقضية مقتل المستشارين الأميركيين، إن المستشارين «وصفا القرآن بأنه كتاب سيئ بحضور (زميلهما الأفغاني). وقد حصل شجار بينهم. ثم فقد أعصابه فأطلق النار عليهما». وروى المصدر الوقائع قائلا: «في ذلك اليوم، كانا يشاهدان شرائط فيديو عن مظاهرات في كابل. وكان المستشاران المستاءان يهزآن من المحتجين ويشتمانهم»، مضيفا أن الأميركيين «هددا» زميلهما الأفغاني. وأوضح المصدر الحكومي: «عثر على ثماني رصاصات قرب الجثتين» اللتين اكتشفتا بعد ساعة على حصول الحادث، لأن الغرفة التي كانتا بداخلها مجهزة بعازل للصوت، موضحا أنه تم الحصول على هذه المعلومات خصوصا بفضل مشاهدة شريط المراقبة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن قوة «إيساف» التابعة لحلف شمال الأطلسي، التي ينتمي إليها الضحيتان، قولها إن «تحقيقها جار». وجا في بيان لوزارة الداخلية: «بحسب تحقيق أمني أولي، فإن المشتبه فيه هو أحد موظفي الوزارة. وهو فار، وتحقق الوزارة جديا حول الموضوع». وبحسب شبكة «تولو نيوز» الأفغانية، وهي أبرز شبكة إخبارية أفغانية، فإن الرجل المطلوب يدعى عبد الصبور (25 عاما)، وقد درس في باكستان ودخل الوزارة في 2007 كسائق، قبل أن يتدرب ليحصل على ترقية ويعمل كشرطي في الوزارة، بحسب «تولو نيوز». وقال عبد الشكور فدوي، قائد شرطة إقليم سالانغ: «الليلة (قبل) الماضية، قامت الشرطة بمداهمة منزل عبد الصبور في سالانغ (شمال شرق). وفتشت منزله، لكنها لم تعثر عليه. وكانت والدته وعدد من الأطفال موجودين فيه».

في غضون ذلك، أعلنت باريس ثم برلين أمس سحب المستشارين الفرنسيين والألمان من الوزارات الأفغانية، بعد مقتل المستشارين الأميركيين. وذكر المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو في بيان أن «السفير الفرنسي في أفغانستان قرر فورا سحب كل الموظفين الحكوميين الفرنسيين في المؤسسات الأفغانية بصورة مؤقتة لضمان سلامتهم»، ثم قالت وزارة التعاون الألمانية إن «مكتب إدارة المخاطر أمر صباح (أمس) الأحد بسحب كل الخبراء الألمان والدوليين في الإدارات والوزارات في منطقة كابل». وأوضح وزير التعاون الاقتصادي ديرك نيبل أنه «إجراء احترازي. أمن خبرائنا على الأرض هو أحد أهم أولوياتنا»، لكن نيبل أشار إلى أن ألمانيا ستواصل احترام التزاماتها في أفغانستان، وقال: «ما إن يعود الهدوء حتى يستأنف الموظفون الألمان المعنيون عملهم بصورة طبيعية»، وأوضحت الوزارة الألمانية أن هذا الإجراء «يعني كل الموظفين الألمان والدوليين العاملين لحساب الحكومة الألمانية، بصفتهم مستشارين للحكومة الأفغانية ويتوجهون إلى عملهم اليومي في الإدارات والوزارات».

من جهتها، أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، أمس، من المغرب، آخر محطة في جولتها المغاربية الحالية، أن أعمال العنف في أفغانستان التي تلت قضية إحراق المصاحف «يجب أن تتوقف». وقالت كلينتون في مؤتمر صحافي في الرباط: «إننا نبدي أسفنا العميق لهذا الحادث الذي أدى إلى هذه الاحتجاجات، لكننا نعتقد أيضا أن العنف يجب أن يتوقف ويتعين مواصلة العمل الشاق لبناء أفغانستان في بيئة يتوفر فيها المزيد من السلام والأمن».

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد قدم الخميس الماضي اعتذاره «للشعب الأفغاني» بسبب إحراق المصاحف بأمر من ضابط أميركي، لكنه أوباما تعرض إلى انتقادات من قادة في الحزب الجمهوري لإقدامه على الاعتذار، وطلبه من مسؤولين أميركيين كبار بأن يعتذروا، عن إحراق مصاحف في قاعدة بارغام العسكرية الأميركية في أفغانستان. ووسط هذه الانتقادات ووقوع حادثة مقتل المستشارين الأميركيين، اتصل الرئيس أوباما بالجنرال جون الين، قائد القوات الأميركية في أفغانستان، وعزاه في مقتل الجنود الأميركيين الذين استهدفهم أفغان غاضبون على حرق المصحف. كما اتصل أوباما، من دون إعلان أسماء، بعائلات هؤلاء الجنود. وقال البيت الأبيض في بيان إن أوباما اتصل مع الجنرال «لمناقشة العنف الجاري في أفغانستان، ومأساة مقتل الأميركيين هناك. باسم الشعب الأميركي، أعرب الرئيس عن تعازيه للجنرال الين، وللأسر التي فقدت أحباء لها هناك. وشكر الرئيس الجنرال الين على جميع التدابير التي اتخذها لحماية العسكريين والمدنيين الأميركيين في أفغانستان، ولتشجيع الهدوء». وأضاف أوباما: «نحن نرحب ببيان الرئيس كرزاي الذي فيه تشجيع على التعبير السلمي، ودعوة للحوار والهدوء. من جانبها، نحن ما زلنا ملتزمين بالشراكة مع حكومة وشعب أفغانستان. وسنعمل على تحقيق الأهداف المشتركة، والمتمثلة في تعطيل وتفكيك وإلحاق الهزيمة بتنظيم القاعدة». أما الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، فقد دعا، في كلمة بثها التلفزيون، أمس، مواطنيه إلى الهدوء، بعد ستة أيام من الاحتجاجات العنيفة على إحراق مصاحف في قاعدة أميركية، أسفرت عن سقوط «29 قتيلا ونحو مائتي جريح»، على حد قوله. ودان الرئيس كرزاي «بشدة» إحراق المصاحف، مؤكدا أنه «يحترم مشاعر الناس وأنهم محقون ويجب أن يتم احترامهم». لكنه أكد أنه «حان الوقت الآن لالتزام الهدوء ولإحلال السلام».

وللمرة الأولى منذ ستة أيام لم تسجل أعمال عنف، أمس، على الرغم من تنظيم بعض التظاهرات. وذكر كرزاي بأنه يأمل في أن «يعاقب» المسؤولون عن إحراق المصاحف، مشددا على رغبته في متابعة هذه القضية عن كثب. كما عبر عن أسفه لمقتل «ضابطين أميركيين» في وزارة الداخلية، أول من أمس (السبت).

وقال: «الآن لا نعرف من هو مطلق النار؛ هل هو أفغاني أو أجنبي.. في الوقت الحالي ليس هناك أي شيء معروف». وجاء تعليق الرئيس كرزاي هذا، قبل تكشف هوية مطلق النـــــار المفترض فــــي وقت لاحق أمس.