النظام السوري يقر الدستور بعد إعلان نتائج الاستفتاء.. رغم المقاطعة الشعبية

دبلوماسي أميركي لـ «الشرق الأوسط»: استفتاء سوريا «مضيعة للوقت».. وجوبيه يصفه بـ«المهزلة»

معارضون سوريون يحملون لافتات تنديد بالاستفتاء على الدستور في مظاهرة بحي العامود
TT

في الوقت الذي قال فيه التلفزيون السوري الرسمي أمس إن أكثر من 89 في المائة من السوريين وافقوا على الدستور الجديد في الاستفتاء العام الذي أجري أول من أمس، انتقد عدد من وزراء الخارجية الأوروبيين الاستفتاء، مؤكدين أنه لا يتمتع بمصداقية بسبب استمرار العنف، بينما قال مصدر في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الاستفتاء «مضيعة للوقت».

وعلى الرغم من المقاطعة الشعبية الواسعة، فإن السلطات السورية أعلنت أمس نتائج الاستفتاء، حيث بلغت نسبة الموافقة 89.4 في المائة من عدد المشاركين، وقال وزير الداخلية اللواء محمد الشعار إن «عملية الاستفتاء تميزت بالإقبال على الرغم مما شاب بعض المناطق من تهديد وترهيب للمواطنين من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة وما رافقها من حملات تشويش وتحريض من قبل وسائل الإعلام المضللة»، مشيرا إلى مشاركة نحو 57.4 في المائة ممن لهم حق التصويت.

لكن ناشطين شككوا في صحة تلك النتائج، خاصة أرقام المشاركين، بسبب المقاطعة الشعبية الواسعة للاستفتاء. كما أشار الناشطون إلى استحالة المشاركة في الاستفتاء في المناطق الساخنة، المناهضة لنظام الأسد.

وفي غضون ذلك، قال مصدر في الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» أمس إن الاستفتاء السوري على دستور جديد يبقي نظام الرئيس بشار الأسد هو «مضيعة وقت»، وقال المصدر - الذي تحدث قبل إعلان النتيجة - إنه «لا داعي للانتظار في شغف حتى نهاية اليوم (أمس)»، متنبئا بأن نسبة التأييد في الاستفتاء «يمكن أن تكون تسعة وتسعين في المائة».

وأضاف المصدر: «الرئيس أوباما والوزيرة كلينتون كررا مرات كثيرة أن المشكلة هي الأسد، وأنه لا بد أن يرحل.. كيف يستقيم أن نوافق على استفتاء يجريه ليبقى في الحكم؟». وأضاف أن هدف الأسد من الاستفتاء هو «تحويل الأنظار عن القمع الذي يمارسه، إضافة إلى اعتقاده أن واشنطن - بصفة خاصة - لن تعارض تصويتا حرا، كما يراه النظام، على دستور ديمقراطي، كما يراه.. وطبعا هي محاولة لكسب الوقت». وأضاف المصدر: «هذا ليس كسب وقت، هذا مضيعة وقت».

وأشار المصدر إلى تصريحات أدلت بها، قبيل التصويت على الاستفتاء، هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية، في مقابلة مع تلفزيون «سي بي إس» تقول بأن الاستفتاء «لعبة، ليستخدم بها الأسد نفوذه، ولتبرير ما يقوم به ضد المواطنين السوريين»، وحثت السوريين الذين كانوا لا يزالون يدعمون الأسد على العمل ضده.

في الوقت نفسه، قلل خبراء أميركيون من أهمية الاستفتاء، وقالوا إنه لن يغير العملية الدولية التي بدأت في مؤتمر «أصدقاء سوريا» في تونس، وإن الولايات المتحدة تقود، علنا وسرا، محاولة لوضع استراتيجية موحدة لإخراج الأسد من السلطة.

وقال هؤلاء إنه بينما يسمح دستور الأسد الجديد، على الأقل من الناحية النظرية، بزيادة التنافس السياسي، ويحدد حكم الرئيس لفترتين: مدة كل واحدة سبع سنوات، وإن هذا التغيير كان لا يمكن تصوره قبل عام، وإنه إنهاء احتكار حزب البعث منذ أن استولى على السلطة في انقلاب عام 1963، قال الخبراء إن الأسد تأخر جدا في إصدار هذه القرارات، وإن أيامه في الحكم صارت معدودة.

وفي سياق متصل، دان عدد من وزراء الخارجية الأوروبيين، وخصوصا وزيري خارجية فرنسا وبريطانيا، الاستفتاء الذي نظم في سوريا حول دستور جديد، مؤكدين أنه لا يتمتع بمصداقية بسبب استمرار العنف.

وقال وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه عند وصوله إلى بروكسل لحضور اجتماع مع نظرائه الأوروبيين: «عندما نرى رئيس البرلمان (السوري) يبتسم وهو يصوت في هذا الاستفتاء»، فهذا يدل على «أنها مهزلة»، مضيفا: «إنه أمر شائن أن يجري ذلك بينما تتساقط القنابل على حمص ومدن أخرى».

أما وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ، فقال «إن تصويت الأمس لم يخدع أحدا». وأضاف أن «فتح مراكز الاقتراع مع الاستمرار في إطلاق النار على المدنيين ليس أمرا يتمتع بمصداقية في نظر العالم».

وفي المقابل، أشاد سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، بالاستفتاء، ونقلت وكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية عن لافروف قوله: «أعتقد أن من يرى في هذا (الاستفتاء) تحركا نحو الديمقراطية فهو صائب، كما أن وقف احتكار حزب واحد للنظام السياسي يجب أن يرحب به»، داعيا خصوم الأسد إلى المشاركة في الإصلاحات في سوريا، ومؤكدا أن على «الحكومة والمعارضة وقف العنف».