ليبيا: «الانتقالي» والحكومة والمفتي يدعون الثوار مجددا للعودة للحياة المدنية

أسسوا حزبا جديدا في طرابلس للتحول من العمل المسلح إلى المدني

TT

دعا المجلس الانتقالي والحكومة والمفتي في ليبيا الثوار مجددا للعودة إلى الحياة المدنية والانضمام إلى المؤسسات الأمنية والعسكرية التابعة للدولة، بينما أطلق مجلس ثوار العاصمة الليبية طرابلس برئاسة عبد الله ناكر حزبا جديدا باسم «القمة»، وقالوا في بيانه التأسيسي إنهم لا بد أن ينالوا منزلة رفيعة ويحظوا بتكريم خاص، وأن توضع البرامج السريعة لاستيعابهم وتوفير متطلباتهم ليس من باب التميز، ولكن عن جدارة واستحقاق.

وأضاف البيان، الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: نعلن اليوم ميلاد حزب القمة، الذي جاء تتويجا لجهود مضنية وحثيثة خضناها للتحول من العمل الكفاحي المسلح إلى الحفاظ على الأمن والأرواح وحماية الممتلكات، وإلى العمل في مؤسسات المجتمع المدني، الذي تحترم فيه الحقوق وتتعزز الحريات.

واعتبر الثوار أن توازن القوى بين المجتمع كمؤسسات عمل مدني وأهلي وبين الدولة كمنظومة من شأنه أن يكون صمام أمان يحمي المجتمع من سطوة الدولة ويحيد الجيش. وبعدما طالبوا بالإسراع في بناء جيش وطني مسخر لحماية البلاد، حثوا على تدعيم وبناء الأمن الوطني ومؤسساته بما يكفل تحقيق الأمن وحماية المكتسبات ومحاربة الجريمة.

ويعتبر حزب القمة هو أحدث وافد على الحياة السياسية في ليبيا في مرحلة ما بعد سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي ومقتله في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقال مسؤول في المجلس الانتقالي إنه تجري محاولة إقناع الثوار المسلحين للانخراط في مؤسسات الدولة. وخلال الأسابيع الأخيرة التي تلت سقوط نظام القذافي دشن الكثير من الثوار المقاتلين بالإضافة إلى جماعات سياسية إسلامية وعلمانية بضعة أحزاب وتكتلات تمهيدا لخوض الانتخابات البرلمانية المقررة منتصف العام الجاري.

وكانت الحكومة الانتقالية التي يترأسها الدكتور عبد الرحيم الكيب قد دعت الثوار الذين لم يتقاضوا مكافآتهم المقررة، ولم يتسلموا دخلا من وظائفهم السابقة خلال فترة التحاقهم بالثورة، إلى تقديم كشوفات بالأسماء معتمدة من المجلسين المحلي والعسكري بالمنطقة التابعين لها وإحالتها إلى وزارتي الدفاع أو الداخلية.

كما طالبت الحكومة في بيان أصدرته أمس في طرابلس وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه الثوار بالانضمام إلى الجيش الوطني من خلال وزارة الدفاع أو الأمن من خلال وزارة الداخلية أو العودة إلى الحياة المدنية، لافتة إلى أن المكافآت ستتوقف مع انتهاء الشهر الجاري وفق البرنامج المعلن منها مسبقا.

في المقابل حث الشيخ الصادق الغرياني، رئيس المجلس الأعلى للإفتاء في ليبيا، الثوار على التضامن والتعاون لبناء ما وصفه بدولة قوية ومستقرة وآمنة «وفاء لدماء الشهداء». وأوضح الغرياني في محاضرة ألقاها بمدينة زليتن أن كتائب الثوار بالمدن الليبية تفرض واقعا قد لا يمكن معه بناء الدولة، داعيا الثوار إلى الرجوع إلى سابق أعمالهم وتحمل مسؤولياتهم بالدخول تحت شرعية الدولة والعمل بصدق من أجل بنائها.

إلى ذلك، تبارى المجلس الانتقالي وحكومته المؤقتة في إدانة الاعتداء الذي طال بعض مقابر الكاثوليك في مدينة بنغازي معقل الثوار ومهد الانتفاضة الشعبية ضد القذافي شرق البلاد من قبل من وصفتهم السلطات الليبية بمجموعة مارقة وخارجة عن القانون. واعتبرت وزارة الداخلية الليبية، في بيان بثته وكالة الأنباء الرسمية، أن هذا العمل جريمة يعاقب عليها القانون وتجرم فاعله ومرتكبيه، وعمل غير أخلاقي وطائش وغير مسؤول يتنافى مع قيم المجتمع ومبادئ الشريعة الإسلامية.

وأعلنت أنها ستفتح تحقيقا شاملا لهذه القضية وضبط مرتكبي الجريمة وتقديمهم للعدالة، مطالبة المواطنين بالإبلاغ عن كل ما من شأنه أن يعرض الأمن والاستقرار للخطر ويسيء للآخرين. وقال مسؤولون ليبيون إن عددا من الأشخاص مجهولي الهوية، وإن كان يعتقد أنهم من الإسلاميين المتطرفين، اعتدوا على قبور رعايا بعض الدول الأجنبية من بينها بريطانيا وإيطاليا في مدينة بنغازي. وخلال الشهور الأخيرة ذاعت ظاهرة قيام متشددين بنبش قبور وتحطيم أضرحة وقباب في عدد من المدن الليبية لبعض مشايخ الطرق الصوفية بدعوى أنها بدعة لا علاقة للدين الإسلامي بها.