برلمان مصر يرفض التحقيق مع نائب اتهم البرادعي بالتحريض ضد الدولة

مراقبون: موقف النواب الإسلاميين من قضيته «مثير للاستغراب»

نواب إسلاميون خلال مناقشات بجلسة البرلمان المصري أمس (رويترز)
TT

في موقف اتخذه نواب التيار الإسلامي أمس وقال عنه مراقبون إنه «مثير للاستغراب»، أعلن البرلمان المصري، أمس، رفضه التحقيق مع نائب اتهم الدكتور محمد البرادعي، المرشح المحتمل للرئاسة المصرية، سابقا، بتحريض عملاء ضد الدولة المصرية في أعقاب ثورة «25 يناير»، التي أطاحت العام الماضي بنظام الرئيس السابق حسني مبارك.

ورفض نواب مجلس الشعب (البرلمان) الذي يهيمن على الأغلبية فيه نواب تيار الإسلام السياسي (الإخوان والسلفيون) في جلسته أمس برئاسة الدكتور محمد سعد الكتاتني الطلب المقدم من 32 عضوا من أعضاء المجلس، الخاص بإحالة النائب المستقل مصطفى بكري إلى هيئة مكتبه للتحقيق في ما بدر منه في حق الدكتور البرادعي من سب وقذف في جلسة البرلمان مطلع هذا الشهر، وفقا لمقدمي الطلب.

وزعم نواب ليبراليون ويساريون ينتمون لتيارات تعتبر الأقرب للشباب من مفجري الانتفاضة الكبرى التي أطاحت بحكم مبارك أن النائب بكري اتهم البرادعي بالخيانة والعمالة، وأنه يتوجب محاسبة بكري برلمانيا، من أجل تحقيق المعاملة بالمثل، في إشارة إلى إحالة البرلمان نائبا محسوبا على شباب الثورة، هو زياد العليمي، للتحقيق في اتهامه بسب رئيس المجلس العسكري وأحد الدعاة السلفيين في وقت سابق، ويمكن أن تنتهي نتيجة التحقيقات مع العليمي بفصله من البرلمان أو حرمانه من حضور عدد من الجلسات.

ويسود الارتباك والارتجال أعمال أول شهر من عمر برلمان تستحوذ على أغلبيته أحزاب دينية ونواب قليلو الخبرة سياسيا. وفي جلسة أمس دافع بكري عن نفسه بأنه لم يتهم البرادعي بالعمالة، وإنما قال إن البرادعي يساعد منظمات متهمة بالعمالة، في إشارة إلى عدة قضايا، منها قضية منظمات أهلية مصرية وأميركية مثيرة للجدل بين واشنطن والقاهرة، المتهم فيها 19 أميركيا ومنظورة أمام القضاء المصري حاليا.

وأضاف بكري أنه لم ترد كلمة «خائن» ولا «عميل» في كلامه بشأن البرادعي في الجلسة التي شهدت هذه الواقعة يوم السادس من الشهر الحالي، مطالبا النواب مقدمي طلب التحقيق معه برلمانيا بتوخي الحيطة والدقة.

وقال النائب مجدي صبرة، عن مقدمي طلب التحقيق مع بكري: إنه لا بد من اتخاذ إجراء ضد الإهانة التي تم توجيهها للبرادعي «لأننا نريد أن نأخذ موقفا عادلا في حالة تعرض أي فرد أو مواطن مصري للإهانة ونرى أنه وطني»، مشيرا إلى ضرورة المعاملة بالمثل بعد إحالة العليمي سابقا للجنة القيم، بقوله: «هناك نائب تمت إحالته للجنة القيم، ولا بد أن نتخذ قرارا بإحالة نائب آخر (بكري) تعرض لرمز من رموز ثورة (25 يناير) هو الدكتور محمد البرادعي».

ومن المعروف أن البرادعي عاد إلى مصر في عنفوان الحكم الديكتاتوري لمبارك في مطلع عام 2009، أي عقب تقاعده من العمل مديرا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وحرك المياه الراكدة للمعارضة، من خلال معارضته لنظام الرئيس السابق؛ حيث التف حوله الكثير من الكوادر بمن فيهم جماعة الإخوان المسلمين. ويحمل البرادعي، منذ عام 2006، قلادة النيل العظمى، وهي أرفع درجة تكريم مصرية تمنح لفائقي التميز، وذلك تكريما له لحصوله عام 2005 على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وفي جلسة أمس في البرلمان قال النائب محمد أبو حامد، مدافعا عن البرادعي: إن ما قاله بكري خارج الموضوع، وليس من حق أي نائب أن يصدر أحكاما ويعرض الشخص للاعتداء عليه في الشارع.

وقال مسؤول في البرلمان: إن نواب التيار الإسلامي عارضوا، منذ البداية، إحالة بكري للتحقيق، وصدروا أحد النواب الليبراليين المقربين من الإخوان لإعلان مبررات الرفض، الذي ذكر أن بكري لم يتهم البرادعي بخيانة أو عمالة وأن النائب لا يُسأل عما يقول تحت قبة البرلمان.

وأيد النواب الإسلاميون هذا الدفاع بالتصفيق الحاد، وحين عرض رئيس البرلمان الأمر للتصويت، صوتوا بعدم التحقيق؛ حيث أضاف المسؤول أن الموقف الذي اتخذه نواب التيار الإسلامي «كون البرلمان قد قام بحفظ الموضوع فهذا أمر مثير للاستغراب بلا شك.. البرادعي يعد أول شخصية ذات شأن بين المصريين لمكانته الدولية يقول لا لنظام مبارك في وقت كان فيه الكثير من المعارضين يركنون إلى مهادنة النظام».

ووفقا لتسجيل مصور للجلسة التي تحدث فيها بكري عن البرادعي، فإن النائب المستقل قال بالنص في جلسة 6 فبراير (شباط): «إحنا بقت صورتنا برة فضيحة.. الثورة بتتخطف مننا لعملاء الأميركان والصهاينة اللي مش عايزين مصر، اللي بيحرضهم البرادعي، قولوا كلمة الحق ولازم نواجههم». وفي جلسة أمس أوضح بكري ردا على متهميه: «الحقيقة أن هناك فرقا بين أن أقول إن البرادعي يحرض الفوضويين عملاء الأميركان والقول إن البرادعي خائن وعميل». وأضاف: «أنا لم أتهم أحدا بالخيانة أو العمالة».

يُشار إلى أن البرادعي الذي قرر عدم المنافسة في انتخابات الرئاسة، التي سيفتح باب الترشح لها الشهر المقبل، يتعرض لهجوم من عدة أطراف سياسية ومن مرشحين محتملين للرئاسة، خاصة بعد أن بدأ مؤخرا في تنسيق العمل وسط الائتلافات الشبابية لتصحيح مسار الثورة، التي يعتبر أنها لم تحقق أهدافها التي قامت من أجلها. وقال الفريق أحمد شفيق، المرشح المحتمل للرئاسة المصرية، والمقرب من المجلس العسكري الحاكم، في لقاء تلفزيوني الليلة قبل الماضية: «على البرادعي أن يعيد ترشيح نفسه للرئاسة لمعرفة حجمه الحقيقي»، وذلك ردا على تصريحات سابقة للبرادعي قال فيها إن أمثال شفيق «لا يمكن أن يكونوا رؤساء الثورة».

ويتوقع المراقبون أن تزداد حدة المنافسة و«الضرب تحت الحزام» مع الزيادة المتوقعة للمرشحين المحتملين للرئاسة المصرية مع اقتراب فتح باب الترشح في 10 مارس (آذار) المقبل.