اليمن: صالح يسلم السلطة رسميا إلى هادي.. وشركاء الحكم يقاطعون

الرئيس الجديد يدعو إلى تنفيذ المبادرة الخليجية

الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح لدى تسليم السلطة لخلفه عبد ربه منصور هادي أمس (أ.ب)
TT

شهد مبنى «دار الرئاسة» اليمنية أمس، مراسم حفل نقل السلطة إلى الرئيس الجديد عبد ربه منصور هادي، وهو احتفال غير منصوص عليه في القوانين اليمنية، حضره الرئيس السابق علي عبد الله صالح والدكتور نبيل العربي أمين عام الجامعة العربية، وجمال بن عمر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيسا مجلس النواب والشورى وأعضاء السلك الدبلوماسي، وقاطعه رئيس الوزراء وأحزاب «اللقاء المشترك» ووزراء المعارضة في حكومة الوفاق الوطني.

واستقبل الرئيس السابق الرئيس الجديد باحتفال رسمي بدأ بحرس الشرف الوطني قبل أن يسلمه علم «الجمهورية اليمنية». وقال هادي في كلمة مرتجلة له: «إننا اليوم بهذا اللقاء نرسي قاعدة جديدة للتبادل السلمي للسلطة في اليمن، هذه القاعدة التي نتمنى أن تسير على هذا النحو كونها مطلب الشعب اليمني والعمل بالنهج الديمقراطي والعودة للاحتكام للشعب، والشعب هو مصدر القوة وفقا لما ورد في الدستور».

وأضاف الرئيس اليمني الجديد: «إننا أمام مرحلة صعبة ومعقدة والشعب اليمني الذي خرج بالملايين في الانتخابات المبكرة يعطي رسالة واضحة من أجل الأمن والاستقرار ومن أجل التغيير للأفضل». وأردف: «اليوم نستقبل قيادة جديدة ونودع قيادة، وهذا يعني أننا نرسي قواعد جديدة للتبادل السلمي للسلطة في اليمن لأن الأمن والاستقرار هو أساس التنمية، وأن التحديات اليوم هي تحديات صعبة ونحن بحاجة إلى تعاون كل الشرفاء من أبناء اليمن للعبور بالوطن إلى بر الأمان».

ودعا الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى تنفيذ «كل ما ورد في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، وأن نجتمع بعد عامين في هذه القاعة نودع قيادة ونستقبل قيادة، أتمنى أن أقف بعد عامين في مكان علي عبد الله صالح ويقف الرئيس الجديد في مكاني وكل طرف يودع الثاني، وهذه سنة الحياة في التغيير».

من جانبه، أعرب الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي تنحى عن السلطة في ضوء الاحتجاجات الشعبية عن تهانيه الكبيرة لخلفه وتمنياته له بالنجاح في مهامه، وأضاف في كلمة له متحدثا عما «خلفته الأزمة من أضرار بالوطن والمواطنين والاقتصاد الوطني تتطلب من الجميع العمل سويا والوقوف إلى جانب القيادة الجديدة من أجل إعادة بناء ما خلفته الأزمة».. داعيا كل أبناء الوطن «للوقوف صفا واحدا إلى جانب القيادة السياسية ومؤازرتها وتحقيق الاصطفاف الوطني في مواجهة الإرهاب الذي يستهدف أمن واستقرار اليمن».

وجرى الحفل في ظل غياب أحزاب «اللقاء المشترك» المعارضة، سابقا، المشاركة في الحكم حاليا، والتي ترأس حكومة الوفاق الوطني والتي أعلنت، أول من أمس، رفضها المشاركة في حفل توديع الرئيس السابق الذي انضمت هي إلى الاحتجاجات المطالبة بالإطاحة بنظامه.

وبرحيل صالح عن الحكم، يكون قد أمضى أكثر من 33 عاما في الحكم، غير أن مراقبين ينظرون إلى المرحلة الجديدة من دون صالح بأنها أصعب المراحل في تاريخ اليمن الموحد.

ورغم الخطوات السياسية في اليمن والتي تمثلت في انتخاب رئيس جديد للجمهورية من الشعب مباشرة وقبل ذلك تشكيل حكومة الوفاق الوطني، فإن المظاهرات في الشارع اليمني ما زالت مستمرة، حيث شهدت عدة مدن وبلدات يمنية، أمس، مظاهرات لمطالبة الرئيس الجديد بما سموه «تحرير «الجيش والأمن من عائلة صالح»، على حد تعبير الشعارات التي أطلقت في المظاهرات.

إلى ذلك، شيعت وزارة الدفاع اليمنية أمس جثامين الجنود الذين سقطوا في حادث التفجير الانتحاري الذي وقع السبت الماضي، أمام القصر الجمهوري في مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت بجنوب شرقي البلاد، وجرت مراسم التشييع في العاصمة صنعاء إلى مقبرة الشهداء بحضور اللواء محمد ناصر أحمد وزير الدفاع وكبار القادة العسكريين في القوات المسلحة والأمن، حيث جرت مواراة جثامين 21 جنديا من الحرس الجمهوري، جرى استهدافهم بسيارة مفخخة، وأعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مسؤوليته عن الحادث الذي أودى أيضا بحياة امرأة.

ترددت أنباء في العاصمة اليمنية صنعاء أمس، عن أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح، سوف يغادر اليمن خلال يومين إلى منفى اختياري في إثيوبيا، التي كان قدم إليها عائدا من الولايات المتحدة، قبل عدة أيام في طريق عودته إلى اليمن بعد أن أنهى رحلة علاجية في نيويورك بأميركا، هذا في وقت احتفلت فيه «ساحة التغيير» بالعاصمة صنعاء بما سماه الثوار ضد النظام «تحقيق الهدف الأول من أهداف الثورة»، وهو رحيل صالح.

وقالت مصادر مقربة من صالح إنها لا تعلم إن كان ينوي التوجه إلى إثيوبيا أو غيرها من الدول، غير أن أحمد الصوفي، السكرتير الإعلامي لصالح، قبل تسليمه السلطة، قال لـ«الشرق الأوسط» إن الموضوع عبارة عن تسريبات صحافية من أجل امتصاص حالة الاحتقان الشعبي جراء وجوده في البلاد في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ اليمن، خاصة أنه (أي صالح) حكم اليمن لقرابة 33 عاما ومن الصعب تجاوزه بسهولة، غير أن مصادر سياسية لم تستبعد لـ«الشرق الأوسط» أن يقوم صالح بالإقامة بشكل شبه دائم في إحدى العواصم، سواء العربية أو غيرها، مع تردده الدائم على اليمن، خاصة أنه ما زال رئيسا لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يمتلك 50 في المائة من حقائب حكومة الوفاق الوطني، وغالبية أعضاء مجلس النواب (البرلمان).