طالبان تتبنى الهجوم على مطار جلال آباد «انتقاما» لحرق المصاحف

سفير أميركي: يجب عدم التعجل بالانسحاب > حرق المصاحف دخل الانتخابات الأميركية > وزيرا الدفاع والداخلية الأفغانيان أجلا زيارتهما لواشنطن

جندي أفغاني يقف على مقربة من مدخل مطار جلال آباد الذي تعرض لهجوم انتحاري بسيارة مفخخة أمس «أ.ب»
TT

قال مسؤولون إن سيارة ملغومة قتلت تسعة على الأقل في عملية انتحارية استهدفت مطارا عسكريا في شرق أفغانستان أمس، في أحدث واقعة واحتجاجات منذ العثور على مصاحف محروقة في قاعدة تابعة لحلف شمال الأطلسي الأسبوع الماضي. ولم يرد مؤشر رسمي على أن الانفجار الذي وقع عند بوابات مطار جلال آباد مرتبط باحتجاجات وأعمال شغب أخرى سقط خلالها قتلى، رغم أن حركة طالبان سارعت بإعلان مسؤوليتها عن الهجمات باعتبارها انتقاما لحرق المصاحف. وزادت حدة المشاعر المناهضة للغرب بصورة كبيرة منذ العثور على المصاحف المحروقة في القاعدة الرئيسية لحلف شمال الأطلسي بأفغانستان. وقالت وزارة الداخلية في بيان إن 12 شخصا أصيبوا بسبب انفجار السيارة الملغومة عند المطار والضحايا في ما يبدو من المدنيين والجنود الأفغان ممن كانوا يحرسون البوابة.

وقالت متحدثة باسم قوة المعاونة الأمنية الدولية (إيساف) التي يقودها حلف شمال الأطلسي في إقليم ننكرهار وجلال آباد عاصمته، إن الانفجار لم يحدث خسائر داخل المطار العسكري الذي تستخدمه قوات «إيساف». وتزايدت أعمال الشغب في أنحاء أفغانستان على مدى الأسبوع الماضي على الرغم من اعتذارات من زعماء أميركيين، منهم الرئيس باراك أوباما وقادة عسكريون. وأصيب سبعة مدربين عسكريين أميركيين أمس الأحد عندما ألقيت قنبلة على قاعدتهم في شمال أفغانستان. وأصبح هتاف، مثل «الموت لأميركا»، هتافا شائعا خلال الاحتجاجات، كما رفع بعض المتظاهرين الراية البيضاء لطالبان. وفي تطور لاحق، دخل حرق مصاحف في قاعدة باغرام الأميركية في أفغانستان والمظاهرات الدموية وقتل عدد من الأميركيين هناك، الحملة الانتخابية التمهيدية في الولايات المتحدة، خاصة من جانب مرشحي الحزب الجمهوري. وفي مقابلة في تلفزيون «إيه بي سي»، انتقد ريك سانتورام، سيناتور سابق من ولاية بنسلفانيا، ومن قادة الجناح اليميني في الحزب الجمهوري (حزب الشاي) الرئيس الأميركي، باراك أوباما، لاعتذاره عن حرق هذه المصاحف. وانتقد سانتورام «المبالغة في رد فعل أوباما» على حرق القرآن. وأضاف سانتورام أن إحراق المصاحف «لم يكن عملا متعمدا يقصد به عدم الاحترام.. لكن، قتل الأميركيين ليس خطأ بل عمل متعمد.. هذه هي الجريمة الحقيقية، وليس ما فعله جنودنا». وانتقد سانتورام، أيضا، الرئيس الأفغاني حميد كرزاي لأنه كان أمر بالتحقيق في حرق المصاحف. وقال سانتوارم: «رد فعل رئيس أفغانستان الحقيقي يجب أن يكون الاعتذار عن ما لحق بجنودنا».

وكان المرشحان لرئاسة الجمهورية باسم الحزب الجمهوري، ميت رومني ونيوت غينغرتش، خلال مناظرة تلفزيونية قبل خمسة أيام، انتقدا الرئيس أوباما لاعتذاره عن إحراق المصاحف. وقال الأول، خلال المناظرة: «من يعتذر لمن؟ الذين قتلوا أكثر من ثلاثة آلاف أميركي خلال ساعات قليلة؟ أم الذين ذهبوا إلى أفغانستان لتطويرها والقضاء على الإرهاب فيها؟». وقال الثاني إن أوباما «يظل يتودد للذين لا يريدون حماية المصالح الأميركية». ومع عدم ظهور مؤشرات تذكر على انحسار الأزمة، قال السفير الأميركي لدى أفغانستان إن الولايات المتحدة يجب أن تقاوم الحاجة الملحة لسحب قوات من أفغانستان قبل الموعد المقرر. وقال السفير رايان كروكر لمحطة «سي إن إن» الإخبارية، في مقابلة من كابل، «التوترات متزايدة جدا هنا. أعتقد أننا بحاجة لأن نترك الأمور تهدأ والعودة إلى مناخ طبيعي بشكل أكبر ثم نبدأ العمل».

ومضى يقول «هذا ليس وقت اتخاذ قرار بأننا فرغنا من مهمتنا هنا. علينا مضاعفة جهودنا. علينا تهيئة وضع لا يجعل تنظيم القاعدة يعود».

وبموجب اتفاق دولي، من المقرر أن تنسحب القوات القتالية الأجنبية من أفغانستان بحلول نهاية عام 2014، وهي عملية تجري حاليا بالفعل. وأسفرت الاحتجاجات التي قامت منذ اكتشاف حرق المصاحف عن مقتل أكثر من 30 حتى الآن وإصابة 200 على الأقل، منهم جنديان أميركيان قتلهما بالرصاص جندي أفغاني انضم للاحتجاجات في الشرق. وفي مقابلة أجريت مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون من الرباط، قالت إن العنف: «خرج عن السيطرة، ولا بد من وقفه». وأدى إطلاق النار من مسافة قريبة على ضابطين أميركيين داخل وزارة الداخلية المحصنة في كابل يوم السبت إلى زيادة الشعور بعدم الارتياح بين الغربيين وعمق الانقسام لدى نظرائهم الأفغان.

وأعلنت طالبان مسؤوليتها أيضا عن إطلاق النار في وزارة الدفاع، لكن طالبان كثيرا ما تبالغ في إعلان المسؤولية عن هجمات تستهدف القوات الغربية. وقالت الوزارة أمس إنه يشتبه في أن أحد عامليها هو من أطلق النار على الضابطين الأميركيين.

كما حددت مصادر أمن أفغانية عبد الصبور، وهو ضابط في مخابرات الشرطة عمره 25 عاما، باعتباره مشتبها فيه في إطلاق النار على الأميركيين من مسافة قصيرة داخل وزارة الداخلية. وقالت الوزارة إن المشتبه فيه لاذ بالفرار. إلى ذلك، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية أمس إن استعدادات باريس لسحب الموظفين المدنيين من أفغانستان بسبب الاحتجاجات العنيفة حول إحراق مصاحف في قاعدة عسكرية تابعة لحلف الأطلسي لن يتأثر بها إلا نحو 20 شخصا.. ولم يستطع أن يحدد مواقعهم في أفغانستان أو الجدول الزمني لإعادتهم إلى فرنسا.

من جهته، قال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية إن وزيري الدفاع والداخلية الأفغانيين أجلا زيارتين مقررتين للولايات المتحدة هذا الأسبوع، في الوقت الذي يجريان فيه مشاورات مع الزعماء الأفغان الآخرين بشأن حماية قوات التحالف وإخماد أعمال العنف. وكان من المقرر أن يلتقي وزير الدفاع عبد الرحيم ورادك ووزير الداخلية بسم الله محمدي مع وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا يوم الخميس.

وقال جورج ليتل، السكرتير الصحافي لوزارة الدفاع الأميركية، إن بانيتا يتطلع لاستضافتهما في الوزارة في «المستقبل القريب» ويتفهم سبب أن لجهودهما في الداخل أولوية الآن. وقدم الرئيس باراك أوباما اعتذارا يوم الخميس في رسالة بعث بها الرئيس الأفغاني حميد كرزاي عن حرق المصاحف، وهو ما وصفه بأنه غير متعمد وخطأ. وأضاف كروكر أن كرزاي قبل بشكل علني وفي أحاديث خاصة أن عملية حرق المصاحف غير متعمدة. ومع ذلك، احتدم الغضب في أفغانستان لليوم السادس أول من أمس بسبب تدنيس القرآن.

وأصيب سبعة مدربين عسكريين أميركيين عندما ألقيت قنبلة يدوية على قاعدتهم في شمال أفغانستان. وقتل أربعة جنود أميركيين على الأقل في هجمات انتقامية في ما يبدو خلال الأيام السبعة الماضية، كما قتل عشرات الأفغان أو أصيبوا في احتجاجات على هذا الحادث.