قطر تؤيد تسليح المعارضة السورية.. وكلينتون «تتعاطف» مع المطالبة بالتحرك

روسيا والصين تنتقدان الموقف الغربي حيالهما

عناصر من الجيش السوري الحر يتخذون موقعا دفاعيا قبيل هجوم متوقع لقوات الأسد على مدينة صارمين شمال سوريا أمس (أ.ب)
TT

استمر الجدل الدولي الدائر حول مسألة تسليح المعارضة السورية أمس، وبينما دعت قطر المجتمع الدولي إلى التعجيل بفكرة تسليح المعارضة، حذرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون من نتائج مثل هذا التسليح، مستندة إلى تخوفات من تقوية مثل تلك الخطوة لعناصر تنظيم القاعدة وحركة حماس بطريقة غير مباشرة.. فيما انتقدت كل من روسيا والصين الموقف الغربي حيالهما بعد معارضة الإدانة الدولية للنظام السوري.

وقال رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني أمس إن المجتمع الدولي عليه تسليح المعارضة السورية ويجب أن تأخذ الدول العربية زمام المبادرة لتوفير ملاذ آمن للمعارضين داخل سوريا. وتابع خلال زيارة إلى النرويج أن الدول العربية عليها المشاركة في جهد عسكري دولي لوقف إراقة الدماء في سوريا بعد 11 شهرا من الانتفاضة الشعبية ضد حكم الرئيس بشار الأسد والتي قتل فيها الآلاف، واستطرد: «حيث إننا فشلنا في عمل شيء في مجلس الأمن، أعتقد أن علينا محاولة عمل شيء ما لإرسال مساعدة عسكرية كافية لوقف القتل». وقال الشيخ حمد خلال زيارة رسمية للنرويج: «علينا أن نفعل كل ما بوسعنا لمساعدتهم (المعارضين) بما في ذلك تسليمهم أسلحة ليدافعوا عن أنفسهم»، مضيفا أن «هذه الانتفاضة عمرها عام الآن.. كانت سلمية لعشرة أشهر، لم يكن أحد يرفع السلاح ولم يكن أحد يرتكب أي أعمال عنف. بشار (الأسد) واصل قتلهم. أقدر نتيجة لذلك أن يدافعوا عن أنفسهم بالسلاح، وأعتقد أنه علينا مساعدة هؤلاء بكل الوسائل اللازمة».

ورغم إظهار الولايات المتحدة سابقا لعدم ممانعتها في مسألة تسليح المعارضة السورية، حذرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مساء أول من أمس من أن ذلك قد يؤدي إلى دعم تنظيم القاعدة وحركة حماس بطريقة غير مباشرة.

وقالت كلينتون في مقابلة مع شبكة «سي بي إس نيوز» أثناء زيارتها للمغرب: «نحن لا نعلم في الحقيقة من هي الجهة التي نسلحها»، مشيرة إلى أن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري أعرب عن دعمه للمسلحين السوريين.. وتساءلت «هل نحن ندعم (القاعدة) في سوريا؟ حماس تدعم المعارضة الآن، هل نحن ندعم حماس في سوريا؟».

وقالت كلينتون إنها تشعر «بالتعاطف الشديد مع الدعوات إلى التحرك» لوقف حملة القمع، إلا أنها قالت: «أحيانا الإطاحة بالأنظمة الوحشية تستغرق وقتا وتكلف الأرواح. ويا ليت كان الحال غير ذلك». وأضافت: «هذه ليست ليبيا التي كان لنا فيها قاعدة عمليات في بنغازي، والتي كان فيها أشخاص يمثلون المعارضة بأكملها».

وأشارت كلينتون إلى أن عددا من المسؤولين الأميركيين التقوا بقادة من المجلس الوطني السوري، ولكن هؤلاء ليسوا داخل سوريا. وأضافت: «لا يمكنك إحضار دبابات إلى حدود تركيا ولبنان والأردن. لن يحدث ذلك».. وقالت: إنها تتوقع أن تتمكن بعض الجماعات من إيجاد طرق لتهريب أسلحة رشاشة، ولكن من الصعب إيصالها بشكل فعال إلى الجبهات التي يقاتل فيها المسلحون.

من جهتها، أبدت فرنسا تحفظات إزاء مبادرات تسليح المعارضة حيث تقول مصادر إنه درب «خطر»، لأنه يفتح الباب أمام الحرب الأهلية، مع ما يعنيه ذلك من احتمال «تفتيت» سوريا إلى دويلات وتمدده إلى لبنان والعراق وتهديد استقرار المنطقة ككل، كما ترى باريس أن الجيش السوري الحر (مجموعة جيوش) يفتقر إلى التنسيق والقيادة الموحدة.

وعلى الجانب الآخر، حذر رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين من مغبة التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى في مقاله الأخير قبيل الانتخابات الرئاسية المرتقبة في الرابع من مارس (آذار) المقبل، والذي نشره أمس تحت عنوان «روسيا والعالم المتغير».

وفسر بوتين مواقف بلاده تجاه الأوضاع في سوريا بما في ذلك استخدام روسيا لحق «الفيتو» في مجلس الأمن الدولي، بقوله إن «روسيا والصين استخدمتا حق الفيتو عند التصويت في مجلس الأمن الدولي حول مشروع القرار بالشأن السوري انطلاقا من تجربة القرار المماثل بالشأن الليبي». وأضاف قوله: «علينا ألا نسمح لأحد بتكرار السيناريو الليبي في سوريا. يجب توجيه جهود المجتمع الدولي قبل كل شيء آخر إلى تحقيق المصالحة الداخلية في سوريا. من المهم وقف العنف مهما كان مصدره وإطلاق الحوار الوطني دون أي شروط مسبقة وتدخل من الخارج، ومع احترام سيادة الدولة السورية».

وأكد بوتين على أن المهمة الرئيسية للدبلوماسية الروسية تجاه الملف السوري تتلخص في الحيلولة دون نشوب حرب أهلية في سوريا.. مؤكدا على الطابع الاستراتيجي وليس الانتهازي للسياسة الروسية الخارجية.

وعلى صعيد متصل، قالت الصين أمس إن شجب وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لموقف بكين من سوريا «غير مقبول تماما»، بينما وصفت صحيفة «الشعب» الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الحاكم الانتقادات الأميركية بأنها «غطرسة فائقة».

وجاءت تعليقات الصين الغاضبة ردا على التصريحات التي أدلت بها كلينتون يوم الجمعة عندما وصفت الفيتو الصيني والروسي ضد مشروع قرار بشأن سوريا في الأمم المتحدة بأنه «جدير بالازدراء»، وقالت عن الصين وروسيا «إنهما لا يضعان نفسيهما في مواجهة الشعب السوري فحسب، بل في مواجهة الصحوة العربية بأكملها».