وزير الإعلام المغربي: الاعتدال ينفع المرء عندما يغير موقعه من صحافي إلى مسؤول

مصطفى الخلفي في حوار مع «الشرق الأوسط»: المغرب يعيش حالة تحول.. واستمرار المقاربات السابقة في الإعلام العمومي لم يعد ممكنا

TT

يرى مصطفى الخلفي، وزير الاتصال (الإعلام)، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، أن الاعتدال ينفع المرء عندما يغير موقعه من موقع الصحافي إلى موقع المسؤول.

ويقول الخلفي، وهو أصغر وزير في حكومة عبد الإله ابن كيران، 37 سنة، في حوار خص به «الشرق الأوسط» في الرباط، إنه وجد نفسه في وزارة الإعلام ضمن شبكة علاقات وملفات غيرت نمط حياته، مشيرا إلى أن وجوده في موقع القرار لا يعني أنه يملكه بصفة مطلقة، لأن القرار في الأنظمة السياسية الحديثة هو قرار متعدد الفاعلين والمداخل. ويضيف الخلفي قائلا إن الإنسان في موقع المسؤولية يصبح أكثر معرفة بالعناصر المؤثرة التي أفضت إلى اتخاذ قرارات معينة في السابق.

والمعروف عن الوزير الخلفي، الذي جاء إلى وزارة الإعلام من رئاسة تحرير جريدة «التجديد» المقربة فكريا من حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، أن جهاز «آي باد» لا يفارقه، ومعروف عنه أيضا أنه قارئ نهم للكتب، لكنه يقول إن ثقل المسؤولية يؤثر سلبا على قراءة الكتب، مشيرا إلى أنه بدأ في قراءة كتاب بالإنجليزية اسمه «استراتيجية جيدة.. استراتيجية سيئة»، وصل إليه عبر البريد قبل أسبوع، وحتى لحظة إجراء الحوار لم يتجاوز صفحته الأولى، لكنه في نفس الوقت يعتبر «آي باد» نعمة لأنه يساعد على حل هذا الإشكال عبر خدمة «آي بوك» التي تتيح تحميل الكتب وتصفحها، بحيث يمكن قراءتها خلال رحلة أو تنقل بين المدن. فالـ«آي باد» في نظره يبقى وسيلة أساسية لأن يكون المرء في حالة تواصل مباشر مع العالم. بيد أن الكتاب يبقى دائما وسيلة لتعميق المعرفة وتجاوز التعاطي السطحي والشكلاني مع القضايا. وفي ما يلي نص الحوار الذي فيه كثير من ملامح خارطة طريق الوزير الشاب في مجال الإعلام.

* ماذا تغير في حياتك بعد أن أصبحت وزيرا للإعلام وناطقا رسميا باسم الحكومة، وكيف تتعايش مع الوضع الجديد؟

- هذه مسؤولية كبيرة، خصوصا وأن الإعلام قطاع حيوي ومركزي في التحولات السياسية التي تعرفها بلادنا، ومتعدد المكونات، ومتشعب على مستوى العلاقات والمتدخلين. أضف إلى ذلك أعباء مهمة الناطق الرسمي، وهو ما يعني أنك فاعل في تدبير سياسة التواصل الحكومي، وتوفر الخدمة المرتبطة بها بما يدعم العمل الحكومي، لا سيما أن الإعلام الآن أصبح في بعض الحالات بمثابة «المقصلة» التي ينبغي التعامل معها بحذر. لكن ما ساعد هو سابق عملي في مجال الإعلام كمدير لنشر صحيفة «التجديد»، إلى جانب عضويتي في المكتب التنفيذي لفيدرالية ناشري الصحف، إضافة إلى الخبرة المحصلة من الحضور في السياسة التواصلية لحزب العدالة والتنمية، خصوصا أثناء الحملة الانتخابية وقبلها أثناء فترة الربيع الديمقراطي. فهذه العناصر كانت بمثابة ممهدات جعلت ما سيتغير متحملا ومتحكما فيه. لقد تغيرت أمور منها مضاعفة استشعار المسؤولية، أي مسؤولية الكلمة، ومسؤولية الموقف، وواجب التحفظ، خصوصا في ما يهم إبداء الرأي في القضايا التي كان إبداء الرأي فيها متاحا في السابق، بيد أن الأمر الآن أصبح صعبا ولا أقول مستحيلا بإعطاء موقف عن شأن حزبي. ثانيا، الذي تغير أيضا هو نمط العمل الذي أصبح مرتبطا بمهام إدارية. في السابق كان هذا النمط يكمن في إصدار جريدة يومية ضمن إطار زمني معروف ومحدد، لكن العمل الآن في الوزارة لا يتوقف، وبالتالي فإن التحكم في الوقت تغير أيضا، وهذا يكون أحيانا على حساب الأسرة. ولا سيما في ظل نمط جديد من العلاقات المؤسساتية التي ينبغي الاشتغال في إطارها والعمل معها. والذي تغير أيضا هو أن قطاع الإعلام الآن مقبل على تحول على ضوء الدستور الجديد الذي أضاف مهامّ وأوراشا جديدة على المستوى التشريعي، وعلى المستوى المؤسساتي، وعلى المستوى البشري والتنظيمي أيضا. في المحصلة وجدت نفسي ضمن شبكة علاقات وملفات غيرت نمط حياتي.

* كنت تنظر إلى بعض الملفات المتعلقة بقطاع الإعلام بصفتك صحافيا مهنيا، الآن أنت في أتون المسؤولية والسلطة، والقرار بين يديك، هل صححت بعض المفاهيم المتعلقة ببعض القضايا التي تهم القطاع، ووضحت لك الرؤية بشأنها، خصوصا الأشياء التي كان يثار حولها الجدل؟

- أولا، وجودي في موقع القرار لا يعني أنني أملك وبصفة مطلقة القرار، فالقرار في الأنظمة السياسية الحديثة هو قرار متعدد الفاعلين والمداخل. ثانيا، إن الإنسان في موقع المسؤولية يصبح أكثر معرفة للعناصر المؤثرة التي أفضت إلى اتخاذ قرارات معينة في السابق. لكنني أعتقد أن الإنسان حينما يكون معتدلا، وهذه بالطبع هي النظرة التي كنت أسعى إلى تمثلها في زمن المعارضة، أي النظر إلى الأمور باعتدال وواقعية، أي على أساس معايير موضوعية، وتجنب الأحكام الحدية أو الاختزالية، فإن هذا ينفع المرء عندما يغير موقعه من موقع الصحافي إلى موقع المسؤول. أما إذا لم يكن متصفا بالاعتدال فإنه سيعاني لا محالة من مشكلات. هنالك أيضا بعض القضايا التي ترتبط ببعض الحالات الشخصية التي تكون فيها الإدارة مقيدة بواجب التحفظ، ففي هذه الحالات لا تكون المعطيات متاحة فيحكم المرء على الأشياء بناء على تلك المعطيات الأولية التي كانت معروفة. وعندما يصبح في موقع المسؤولية يتمكن من معرفة معطيات أخرى تؤدي إلى جعل مواقفه مناسبة أحيانا، وأحيانا أخرى تساعده على إيجاد حلول ومخارج جديدة لم تكن متاحة في السابق. إن الإنسان في موقع المسؤولية تصبح لديه إمكانات وفرص جديدة للتأثير، ومن ثم فإنه يتأثر بموقع المسؤولية كما يؤثر فيه، فالشخص دائما هو الأسلوب، كما كان يقول الملك الحسن الثاني رحمه الله.

* كم من الوقت تخصص لمشاهدة قنوات القطب العمومي؟

- هذه من الأمور التي تغيرت في حياتي، حيث أصبحت الآن أكثر حرصا على ذلك. باعتبار وجود مسؤولية عما يبث في القطب العمومي انطلاقا من دفاتر التحملات. وأعتقد أن الأمر ليس شخصيا بقدر ما هو مسألة جماعية. الآن نحن بصدد إرساء مؤسسة في الوزارة تتابع الأداء العام انطلاقا من دفاتر التحملات، خصوصا أن الوزارة هي التي تكون معنية بإعداد دفاتر تحملات قنوات القطب العمومي حسب القانون والمرسوم اللذين يحددان اختصاصاتها ومهامها. هذا الأمر يفرض متابعة ما يقع الالتزام به على مستوى دفتر التحملات، ويفرض متابعة ما تم الاتفاق عليه من أهداف وتوجهات، ومدى تحقق هذا الاتفاق بتجسيده على أرض الواقع، وذلك في تنسيق مع الهيئات المعنية وفي احترام للاختصاصات التي أقرها القانون للهيئة العليا للاتصال المسموع والمرئي. كذلك فإن الأمر ليس مرتبطا بالوزارة، وقد يتجاوز شخص الوزير، وإنما يرتبط أيضا بالمجتمع. لأن الإعلام هو مرآة المجتمع، والناس تلاحظ تحقق الإصلاح أو التغيير أو التحول عبر الإعلام. إلا أننا نعتقد أن الإصلاح وتجاوز الاختلالات وصيانة المكتسبات ينبغي أن يكون في إطار عملية متدرجة ومضبوطة. ينبغي أن نعلم أن المجتمع، وخصوصا في ظل ما تتيحه الصحافة الإلكترونية، رقيب على الإعلام، عاما كان أم خاصا، ولذلك فإن الكثير من البرامج والمواد الإعلامية يمكن أن يبث الآن وبعد خمس دقائق تجد هذه البرامج موجودة في المواقع الإلكترونية والشبكات الاجتماعية، وهذا معطى مهم جدا لأن الإنسان المسؤول يستوعب أنه ليس وحده، بل هو جزء من الكل، وأن ما يصدر عنه موضوع رقابة.

* عقب تعيينكم وزيرا للاتصال قمتم مباشرة، وفي سابقة هي الأولى من نوعها، بزيارة المؤسسات الإعلامية الرسمية، فما هي الخلاصات التي استنتجتموها من هذه الزيارات؟

- هي مسألة منهجية. فبعد التعيين كنا مطالبين بالمساهمة في إعداد البرنامج الحكومي، حتى إذا ما أدليت بدلوي في هذا المجال أكون على الأقل قد شكلت صورة ذهنية عن المجال الذي أنا معني به. ولهذا تمت هذه الزيارات التي استغرقت ثلاثة أيام. أولا، بدافع أن يكون لها أثر على إعداد البرنامج الحكومي. وثانيا، لإقامة علاقة اتصال مباشر مع العاملين والفاعلين في هذه المؤسسات. فمن خلال الاتصال المباشر يمكن استيعاب إلحاحية الإصلاحات المطلوبة، ودراسة الملاحظات المسجلة ورصد المكتسبات الموجودة وضمان الانخراط الجماعي لربح رهان الإصلاح في إطار صيانة المكتسبات. ثالثا، وجدت أن هناك إمكانات واستعدادات للنهوض بقطاع الإعلام، خصوصا على مستوى القطب العمومي، وذلك في سياق وجود شعور مفاده أن المغرب يعيش حالة تحول، وأن استمرار المقاربات السابقة لم يعد ممكنا. بالفعل هناك مكتسبات تمت في السابق ينبغي صيانتها، لكن هناك الآن تحديات مستجدة تقتضي الانتقال إلى مرحلة جديدة في الاشتغال. وأخيرا يجب الإشارة إلى حالة التحول الحاصلة في القطب العمومي على مستوى الموارد البشرية، فهناك تشبيب ملحوظ ولافت، وهو ظاهرة إيجابية توفر الفرص للإقلاع الذي ينبغي أن نتعاون جميعا على تحقيقه. لقد انخرطنا في الأسبوعين الماضيين في ورش إعداد دفاتر تحملات جديدة عبر لقاءات مباشرة وموسعة ومطولة انطلقت من تقييم الدفاتر السابقة ووضع توجهات لأعداد أخرى.

* أعلنتم في وقت سابق أنكم لن تغيروا الأشخاص، وإنما ستغيرون السياسات. هذا كلام قاله الوزير محمد العربي المساري عام 1998، وانتهت جميع مبادرته بالفشل، فماذا ستفعلون إذا قاوم هؤلاء الأشخاص سياساتكم؟

- لا أتصور مثل هذا السيناريو لأن السياسات التي أتحدث عنها لها الآن سند دستوري ويتم إعدادها بطريقة تشاركية تضمن للجميع مكانه، كما يتم تنزيلها بطريقة متدرجة، ومرجعها هو العمل على التنزيل التشاركي والديمقراطي للدستور. التجارب السابقة جاءت عموما في سياق سياسي مغاير للسياق السياسي الحالي المتمثل في وجود حراك ديمقراطي شبابي، ووجود فعالية على مستوى المؤسسة التشريعية، وانطلاقة جديدة على مستوى المعارضة البرلمانية، إضافة إلى وجود تحديات كبيرة على مستوى التنافسية، فهناك أزيد من 800 قناة تلفزيونية على مستوى «نايل سات» وحده. إذن نحن نعيش تحديات جديدة تقتضي سياسات جديدة، والجميع الآن هم أمام فرصة للانخراط في تنزيل هذه السياسات، التي هي ليست سياسات انفرادية، وإنما سياسات سيتم وضعها بطريقة تشاركية غايتها هي تنزيل الدستور والبرنامج الحكومي، وبالتالي فإن هذا المشروع سيكون مشروعا للجميع علينا أن نتعاون جميعا من أجل إنجازه. أما التحدي والمقاومة ووجود إكراهات وصعوبات، فهذه كلها أشياء تقع عندما يتم اعتماد سياسات جديدة لا تصون المكتسبات، وفي نفس الوقت تواجه التحديات الجديدة. وعندما يقع هذا الأمر، على عملية التغيير أن تأخذه بعين الاعتبار، وأن تدمجه وتستوعبه. وهناك تجارب نجحت في إحداث هذا الأمر بهذا المنطق المعتدل الإيجابي الذي يتجنب الدخول في توترات شكلانية. الأساسي الآن هو أن هناك مسارا يقوده السيد رئيس الحكومة مبني على الحكامة الجيدة، وسيادة القانون، وربط المسؤولية بالمحاسبة والشفافية، بمعنى أن الحكومة ينبغي أن تكون في خدمة المواطن وأن تستجيب لانتظاراته. وهذا المسار علينا أن نجسده على مستوى الإعلام المغربي ككل.

* لقد جعل الدستور الجديد العربية والأمازيغية لغتين رسميتين، بينما الملاحظ أن 50 في المائة من البث سواء في التلفزيون أو الإذاعات هو باللغة الفرنسية، فهل ستحددون آلية للضبط حتى تحظى هاتان اللغتان بمكانتهما اللائقة التي خصصها لهما الدستور، وهل لديكم مخطط للإعلاء من شأن اللغات الوطنية والرسمية؟

- إن ذلك مؤطر بمقتضيات دستورية لا رجعة عنها، وتشكل تعاقدا يكتسب قوته من كونها هي التي مكنت المغرب من أن يتقدم في الخروج من تحديات صيانة الاستقرار، والمضي نحو الإصلاح، وتجاوز المخاطر التي استهدفت دولا أخرى. فهذا التعاقد يؤطرنا وتوجد ضمن مكوناته مقتضيات الهوية، هذا أولا. ثانيا، تنص دفاتر التحملات الموجودة على أن 70 في المائة من الإنتاج هو وطني، وأن اللغات الأجنبية مرفوضة إذا كانت تهدد السيادة، ولكنها مطلوبة إذا كانت تحقق الانفتاح. لهذا لا بد من التوازن من خلال قاعدة ثنائية السيادة والانفتاح. وعندما أقول الانفتاح أقصد الانفتاح على المستويات العلمية والثقافية والإنسانية والاقتصادية. فالانفتاح يبقى عملية متعددة الأبعاد واللغات، والمهم هنا هو إقرار آليات أكثر وضوحا عبر دفاتر التحملات سواء على مستوى اللغة العربية التي تحدث البرنامج الحكومي عن قانون خاص بها أو على مستوى اللغة الأمازيغية التي هي لغة وطنية رسمية تشكل رصيدا لكل المغاربة، وبالتالي ينبغي مواصلة سياسة النهوض بها في إطار المكتسبات القائمة. الآن ثمة أفكار أولية تمت بلورتها بالأساس من قبل عدد من الفاعلين، منهم المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي عقدت مؤخرا لقاء جد إيجابي مع مسؤوليه، وتمت فيه الاستجابة لعدد من القضايا التي طرحت. ونحن سنواصل الأمر على اعتبار أن ما نسعى إليه أولا هو تمكين الإعلام المغربي من شروط مواكبة التحولات السياسية الديمقراطية، وأن يكون عنصرا فاعلا في تسريع هذا التحول السياسي المتدرج الهادئ الإصلاحي في إطار الاستقرار. وثانيا، أن يشكل الإعلام رافعة للنهوض بمقومات الهوية المغربية، مكونات وروافد، حسب ما جاء في الدستور. ثم ثالثا، تعزيز تنافسية النموذج المغربي وإشعاعه. فهذه الأوراش الثلاث تلتقي في قضية أساسية هي قضية اللغة، وإعادة الاعتبار لمكانة اللغات الوطنية الرسمية في النسيج الإعلامي العمومي. فهذا الاختيار الآن مؤطر بالدستور ولا رجعة عنه.

* تحدثت عن الانفتاح على اللغات الأجنبية لكن الملاحظ أن هناك هيمنة للغة الفرنسية على وسائل الإعلام، والمغاربة كما تعلمون هم تواقون للانفتاح على اللغات الأخرى مثل الإسبانية والإنجليزية. فهل تفكرون في وضع آلية لتوزيع الحصة المخصصة للغات الأجنبية بالتساوي؟

- نعم، من الضروري تنويع العرض اللغوي الأجنبي على المغاربة، ولا بد من رفع قابلية الانفتاح على اللغات الجديدة العالمية، خصوصا في ظل توسع إمكانات التفاعل والتلاحق عبر الشبكات الاجتماعية، وعبر الإنترنت بشكل عام. فلا بد من التنويع، ولا بد أن يلعب الإعلام دوره في تمتين الملكات اللغوية عند المغاربة وتقويتها، خصوصا الملكات التي نحتاج إليها على مستوى اللغات الأجنبية لأن أحد العناصر التي تحقق التنافسية الاقتصادية والعلمية والثقافية هو القضية اللغوية، كما أن الأمن اللغوي يظل أحد العناصر التي تعزز الأمن والاستقرار وإنهاء التوترات المفتعلة حول القضايا اللغوية. ولدينا الآن إطار دستوري سيمكننا من التقدم في هذا الأمر.

* الدستور الجديد أولى أولوية خاصة للهجة الحسانية (الصحراوية)، كيف سيتم تنزيل ذلك على مستوى الإعلام، وأي حيز سيخصص لها في القنوات العمومية؟

- من الصعب القول بوجود تصور مكتمل، فنحن ما زلنا في بداية الولاية الحكومية. والتجارب السابقة كانت تنظر إلى الموضوع بمنظور جغرافي، بمعنى إقامة قناة جهوية في مدينة العيون تبث منها على أساس أنها تشمل كل الصحراء المغربية، إضافة إلى الإذاعة الجهوية على مستوى الصحراء. لكن الإشكال يكمن في أنه ينبغي تجاوز الإطار الجغرافي لأنه يظل محكوما دائما بمنطق الغيتو والانتقال إلى إطار أشمل هو الإطار الوطني. إن الدستور عندما تحدث عن هذا التنوع اللسني في البلاد، وتحدث عن المكون الصحراوي الحساني كمكون ثقافي وهوياتي وكعنصر من العناصر المرتبطة بالفضاء الجهوي، فذلك يعني أن السياسة الإعلامية ينبغي أن تتجه في إطار حماية هذا التنوع والاعتراف به وإثرائه، وأن يكون ذلك ضمن منظور وطني يحقق الاندماج الاجتماعي. وذلك لا يمكن تحقيقه إلا بتجاوز النظرة الطائفية ونظرة الغيتو في التعاطي مع الشأن الثقافي، أي أن نأتي إلى منطقة ونقول: «أنتم تريدون ذلك، خذوا ذلك»، وفي نهاية المطاف سننتج جزرا وشظايا. إن المطلوب الآن هو أن نقدم منظورا وطنيا يؤدي إلى تعزيز وتثمين هذا التنوع على المستوى الوطني بشكل يعزز ثقافة الوحدة، وهذا يقتضي أن يكون المكون الصحراوي الحساني حاضرا على مستوى الإعلام العمومي بشكل أكبر وأبرز. فالأمر عموما يتعلق بإطار دستوري ينبغي تنزيله.

* أشار الدستور الجديد أيضا إلى المكون العبري في الهوية المغربية، فماذا ستقدمون له إعلاميا؟ وهل سينفتح الإعلام العمومي على الموروث العبري بشكل واسع؟

- الانفتاح موجود وقائم منذ مدة، خصوصا في ظل تنامي الوعي بقيمة هذا المقوم، ليس فقط في بعده الديني، بل في بعده الثقافي والتاريخي بالنسبة للمغرب. والدستور تحدث عنه باعتباره أحد الروافد التي تشكل تنوع الهوية المغربية، وبالتالي ينبغي أن يأخذ مكانه بجانب باقي روافد الهوية المغربية الأندلسية المتوسطية الأفريقية من منظور وطني، وأعطى للمغرب خصوصية حضارية متميزة.

* هناك دائما تركيز على القطب العمومي في سياق الحديث عن الحاجة إلى التحول داخل الإعلام الرسمي. ألا ترون أن هناك حاجة إلى تنويع العرض الوطني، خصوصا بالنسبة للإعلام المسموع والمرئي؟ ألا تفكرون مثلا في تخصيص القناة التلفزيونية الثانية «دوزيم» لخلق تنافسية أكثر قد تخدم القطب العمومي أو الإعلام الرسمي؟

- الأمر لا يرتبط بخوصصة قناة تلفزيونية. هذه الفكرة كانت طرحت في السابق، لكن الخوصصة ترتبط دائما بالجودة والأثر. ولهذا سأتحفظ على الحديث بشأن هذه المقترحات قبل القيام بدراسة علمية. هنالك أفكار متعددة في هذا المجال وينبغي عوض أن نقدم مقترحات من هذا النوع الاشتغال على الجوهر الذي يكمن في أن المغرب محتاج إلى قطب إعلامي عمومي قوي. فهناك عناصر للتكامل بين مكوناته، بحيث يشكل فضاء يؤدي إلى تشجيع الإنتاج الفني والثقافي في البلاد، ويشكل أيضا عنصرا من عناصر تقوية تنافسيتها وإشعاعية النموذج المغربي ككل. وفي نفس الوقت فإن خيار تحرير المشهد المسموع والمرئي هو خيار انطلق عام 2005 حسب ما أذكر، وتعزز على المستوى الإذاعي. والآن وصلنا إلى أكثر من 21 إذاعة. وقبل سنتين طرح موضوع تحرير القطاع المرئي، وهذا خيار بدوره يعد من مقتضيات التحول الديمقراطي. فالقضية ليست قضية تفكير بمنظور خوصصة هذه القناة أو تلك، وإنما تتعلق بمنظور أشمل لآفاق ومستقبل تحرير المشهد المسموع والمرئي. وأعتقد أنه ينبغي مواصلة هذا المسار على أساس أن يكون مرتبطا بأمرين هما: تعزيز وتقوية إمكانات ومقدرات الهيئة العليا للاتصال المسموع والمرئي، وتعزيز وضعيتها القانونية. فهي بمقتضى الفصل 165 من الدستور من ضمن هيئات الحكامة الجيدة، وتسهر على احترام التعددية في المجال المسموع والمرئي، وعلى حق الولوج للمعلومة. كما تعمل على أساس أن هذا المشهد يعمل في إطار احترام القيم الحضارية والإنسانية. إذن ينبغي تقوية الهيئة وتدعيمها في إطار التحول الدستوري، ثم مواكبتها عن طريق جعل التحرير عملية متدرجة، مفكرا فيها بعناية، غير محكومة فقط بنزوعات تجارية، بل مرتبطة برفع تنافسية العرض الإعلامي الموجه للمغاربة وجودته.

* دفاتر التحملات المتعلقة بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون بتفرعاتها، التي تحدد الخط التحريري، انتهت في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وأنتم عينتم على رأس الوزارة في الوقت الذي كانت تستعد فيه لإعداد دفاتر تحملات جديدة. فأي مضمون ستعطونه لهذه الدفاتر في ظل هيمنة برامج الترفيه على القطب العمومي بشكل عام؟

- دفاتر التحملات السابقة التي جرى تمديد العمل بها إلى نهاية مارس (آذار) 2012 هي في العموم تتضمن نقاطا إيجابية ينبغي تعزيزها وتدعيمها. لكني أعتقد أننا سنحتاج في البداية إلى تقييم حصيلة أداء دفاتر التحملات السابقة حتى يشكل هذا منطلقا وجهدا في التقييم في إطار جهد جماعي يشكل المنطلق. ونحن نشتغل على هذا الموضوع، ويتم حاليا عقد لقاءات بهذا الشأن.

* لقد خصصت الدولة 5 مليارات سنتيم (6 ملايين دولار) لدعم الصحف بناء على مقتضيات وشروط نظامية أو تقنية يحددها البرنامج التعاقدي الموقع بين الوزارة وفيدرالية الناشرين. والمعروف أن هذا الدعم تقرر رفعه بنسبة 30 في المائة في نهاية الولاية الحكومية السابقة، في وقت يلاحظ فيه كثيرون أنه بعد سبع سنوات من صرف مخصصات الدعم، لم تفد هذه المخصصات كثيرا تطور المنتج الصحافي المغربي، ولا رفعت نسبة المقروئية والمبيعات. كيف ستتعاملون مع هذه المعضلة؟

- قضية عقلنة الدعم وجعله مبنيا على نتائج وتدقيق مستوى الشفافية فيه هي من الأمور المطروحة للنقاش. هناك تفاهم مع الفاعلين والناشرين، وخصوصا فيدرالية ناشري الصحف، بشأن ذلك، ولهذا نحن سنسعى إلى عقد برنامج جديد متقدم، وهي نقطة تطرق إليها البرنامج الحكومي. بيد أنه في نفس الوقت لا ينبغي النظر بطريقة سوداوية لحصيلة عقد البرنامج. أنا كنت عضوا في فيدرالية ناشري الصحف، وكنت مسؤولا عن لجنة تقييم تطبيق عقد البرنامج، ومن النتائج التي توصلت إليها أن الدعم العمومي كانت له آثار إيجابية، ولكنها لم تبلغ ما كنا نطمح إليه، وإنما كانت له آثار معتبرة في عدد من المقاولات على مستوى المقروئية، وعلى مستوى تحديث المقاولات الصحافية على المستوى المالي، وتقديمها تقارير لموازنات مالية واضحة، والتحقق من رواج الصحف من خلال مكتب التدقيق والنشر. فالأمر مرتبط بحد أدنى من التحملات الاجتماعية والضريبية، وتقديم الوضعية المتعلقة بها. ولهذا، انطلقنا في المرحلة الأولى بمقاولات محدودة لا تتجاوز رؤوس الأصابع، وعندها شروط فعلية وكلية، ولكن مع السنوات توسع هذا الأمر. وفي المرحلة الثانية عرف القطاع تحولات مهمة، خصوصا مع توسع ظاهرة الصحف غير الحزبية، وتوسع الاستثمار في المشهد الصحافي. وهذه ظاهرة موجودة الآن، ولا يمكن تجاهلها. ويمكن القول إن القطاع أصبح أكبر من عقد البرنامج الحالي، وهذا هو التحدي، أي العمل على اعتماد عقد برنامج حديث متقدم ومبني على قواعد الحكامة الجيدة ومرتبط بنتائج محددة، أي الدعم من أجل الاستثمارات.

* الظاهر أن الخلاف الأساسي في قانون الصحافة يرتكز على العقوبات السالبة للحريات. المهنيون يشددون على ضرورة خلوه منها، بيد أن أطرافا في الدولة ترى أن مقتضيات الأمن القومي تتطلب نصه عليها. كيف ستوفقون بين هذين المسارين؟ وهل ستسمحون مثلا بالقذف في حق المؤسسة الملكية، ورؤساء الدول الأجانب؟ وهل ستتساهلون مع قضايا تشجيع الإرهاب، والتستر على الجريمة الدولية، وتبييض الأموال؟

- القذف مرفوض كيفما كان شكله. صفة صحافي لا تخول لأي شخص الحق في ممارسة القذف، خصوصا في الحالات التي يكون لهذا القذف آثار تهم الأمن القومي. وهنا يجب التمييز بين مستويين في ما يخص العقوبات السالبة للحرية: الرأي والخبر. ففي الحالات المرتبطة بالرأي هناك توجه نحو تفضيل ما يسمى «العقوبات البديلة» بما يتيح إلغاء العقوبات السالبة للحرية، وهذا توجه عام يطال حتى إصلاح القضاء دون المبالغة الشديدة فيها. لكن ما يرتبط بالخبر الذي قد يتضمن قذفا أو إساءة، كما قلت، للمؤسسة الملكية أو للدين الحنيف، فهنا ما زال النقاش مستمرا. وأنا شخصيا أضع هذا التمييز، خصوصا أن العقوبات السالبة للحرية يتم اللجوء إليها أحيانا في إطار يحفظ المجتمع ككل. وهنا ينبغي أن نشير إلى أنه في النموذج البريطاني مثلا يتم تكييف بعض المخالفات القانونية التي تتم على مستوى الصحافة جنائيا، وتكييفها كجرائم تفضي إلى عقوبات سالبة للحرية في أفق إلغائها، ونحن نستفيد من خلاصات الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع في هذا الباب. وهذا المعطى الثاني يجعلنا ننظر بنوع من النسبية لهذه القضية. كما أعتقد أن المغرب محتاج إلى أن نتقدم أكثر في تقليص العقوبات السالبة للحرية، وهذا ينسجم مع ما جاء به الدستور في توفير الضمانات اللازمة لممارسة العمل الصحافي، ورفع مستوى الحرية الصحافية. وأعتقد أيضا أن المغرب يحتاج إلى قانون عصري في هذا المجال، كما أعتقد أنه سيقع نشوء نوع من التفاهم بين المهنيين والحكومة على هذا الأساس حتى نستطيع الوصول إلى ذلك لأنه يرتبط بقضايا التمييز العنصري والإشادة بالجرائم ضد الإنسانية أو بالإبادة. هذه أعمال لا يمكن لأي مجتمع التساهل معها، خصوصا إذا كانت مرتبطة بأفعال تتضمن تحريضا. لكني أرى أن هذا النقاش ينبغي أن يتأطر بحوار، ولا أريد أن أستبقه بمواقف نهائية بقدر ما أعتبر أننا الآن نتوفر على إطار دستوري وضع قواعد لتنظيم الحرية في إطار من المسؤولية.

* تعرضتم لسيل من الانتقادات بسبب قرار منع مجلتين فرنسيتين من التوزيع بالمغرب، الشيء الذي اعتبره البعض مسّا بحرية التعبير والرأي. ما هو ردكم على هذا الانتقاد؟

- نود أن نؤكد من جديد في هذا الإطار أن قرارنا الصادر يوم 3 فبراير (شباط) الحالي والقاضي بمنع العددين من الأسبوعيتين الفرنسيتين «لو نوفيل أوبسيرفاتور» و«لوبيلران»، اللذين يحتويان على صور تمثل الذات الإلهية والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، لا يشكل مسّا بحرية التعبير والرأي لأن الأمر يتعلق بتشويه صورة الأديان وانتهاك حرمة الرموز الدينية. كما سبق وبينّا غير مرة، اتخذت وزارة الاتصال قرار منع المجلتين استنادا إلى قرار من منظمة الأمم المتحدة يحظر الإساءة للأديان، بحيث إن الجمعية العامة للأمم المتحدة دعت صراحة في قرارها 65 - 224 الصادر يوم 11 فبراير 2011 كل الدول إلى اتخاذ التدابير اللازمة من أجل منع تشويه صورة الأديان. ويحث هذا القرار «جميع الدول على القيام، في إطار نظمها القانونية والدستورية، بتوفير الحماية الكافية من جميع أعمال الكراهية والتمييز والتخويف والإكراه الناجمة عن الحط من شأن الأديان وعن التحريض على الكراهية الدينية عموما». وأود هنا أن أثمن وأشكر منظمة الإيسيسكو التي رحبت بقرار المنع الذي اتخذته وزارة الاتصال بخصوص المجلتين.

* المعروف أن الهيئة العليا للإعلام المسموع والمرئي (الهاكا) تحتكر مراقبة البث التلفزيوني، وتشل يد السلطة السياسية في تتبع مضمون ما تبثه القنوات التلفزيونية والإذاعات الرسمية والإذاعات الخاصة. فماذا ستفعلون من أجل ضمان حق السلطة السياسية في تتبع ما تبثه القنوات العمومية والإذاعات الخاصة وتقويم الاختلالات كلما دعت الضرورة إلى ذلك؟

- أنا لا أتفق مع قضية الشلل، بيد أنني مقتنع بمسألة التكامل بين المؤسسات. «الهاكا» هي هيئة مستقلة لتقنين الحكامة الجيدة، والسلطة التنفيذية هي مسؤولة أمام السلطة التشريعية، وبالتالي لا يمكن أن نقول أمام السلطة التشريعية إن هذا الأمر من اختصاص «الهاكا»، وفي نفس الوقت لا يمكننا تجاوز القانون المنظم للهيئة، فالدستور الحالي يعطيها حق مراقبة البث التلفزيوني والإذاعي. ونحن مطالبون بأن نعمل على متابعة تنفيذ عقود برامج ودفاتر التحملات في التنسيق مع الهيئات المعنية، وأن ننتج حولها رؤى تمكننا من الاشتغال في تتبع النتائج لأننا مسؤولون أمام السلطة التشريعية حول ذلك.

* الملاحظ أن الإشهار (الإعلان) يفتقد قانونا منظما له وأنه يمشي بمنطق الغاب. هل لديكم مشروع لتنظيمه؟

- هناك تصور لاعتماد قانون لتنظيم الإشهار وإقرار الشفافية داخله والنهوض بالأخلاقيات في هذا المجال كما هو متعارف عليها على المستوى العالمي. فهناك أخلاقيات تنظم مجال الإشهار حتى لا يتم استغلال الأطفال على سبيل المثال، وكذلك على المستوى اللغوي. وعموما هناك تصور ستتم صياغته بطريقة تشاركية مع الفاعلين المعنيين بما يؤدي إلى تعزيز مساهمة الإشهار في النموذج الاقتصادي للمقاولة الصحافية يمكن من ضمان حماية الخط التحريري، وتأسيس علاقة قائمة على الشفافية بين المعلنين والناشرين، وأيضا توفير شروط الحكامة الجيدة والتنافسية على مستوى هذا القطاع الذي يتجاوز وعاؤه المالي 500 مليار سنتيم.

* أود معرفة موقفكم من قيام بعض الصحف المغربية الناطقة بالفرنسية بنشر إعلانات عن الخمور؟

- في الدول العريقة مثل فرنسا على سبيل المثال، يخضع هذا الأمر لضوابط صارمة تحول دون إغراء القاصرين في استهلاك الخمر، وهذا الذي مكن فرنسا من تقليص استهلاك الخمور فيها ثلاث مرات في ظرف 40 سنة. المشرع المغربي واضح في هذا المجال، كما أنه صريح أيضا من الناحية الأخلاقية العامة، خصوصا في حالة المنابر الإعلامية التي تتوجه إلى الجمهور عامة، وتباع بجوار المدارس، ويطلع عليها قاصرون، وبالتالي فأنا أدعو إلى ضرورة احترام مقتضيات هذا القانون، وتحمل جزء من مقتضيات المواطنة المسؤولة التي يتعاون فيها الجميع على مبدأ سيادة القانون، والمطلوب أن يتم احترام القانون.

* هل من إجراءات تفكرون فيها بهذا الشأن؟

- كوزير للاتصال، هذا لا يدخل في مجال اختصاصي، بل يدخل في اختصاص وزارات أخرى هي المعنية في ما يخص المطبوعات المحلية. إن الأمر لا يتعلق فقط بالإعلان عن الخمور، بل بمجموع الأمور التي فيها مخالفة للقانون. والإجراء الأول الأساسي هو الحوار مع الفاعلين وتحسسيهم بذلك، وأن نتجه جميعا نحو الالتزام بالأمور التي حسمها القانون. وبالنسبة للخطوات الأخرى يمكن الاتفاق عليها بعد هذه الخطوة التي أعتبرها أساسية وضرورية.

* الملاحظ أيضا أن بعض ألعاب اليانصيب التي لها علاقة بالقمار يتم الإعلان عنها في بعض وسائل الإعلام العمومية، خصوصا في القناة التلفزيونية الثانية. ماذا ستفعلون إزاء ذلك؟

- هذا الموضوع هو من القضايا المطروحة على مستوى دفتر التحملات، والقناة ينبغي أن تحترم المقتضيات المرتبطة بذلك.

* المعروف عنك أن جهاز «آي باد» لا يفارقك، ومعروف عنك أنك قارئ نهم للكتب. أما زلت على نفس المنوال في خضم ثقل المسؤولية الحالية؟

- ثقل المسؤولية يؤثر سلبا على قراءة الكتب. أنا الآن بدأت في قراءة كتاب بالإنجليزية اسمه «استراتيجية جيدة.. استراتيجية سيئة»، وصل إلي عبر البريد قبل أسبوع، وحتى اللحظة لم أتجاوز الصفحة الأولى، لكن في نفس الوقت يعتبر «آي باد» نعمة لأنه يساعدنا على حل هذا الإشكال عبر خدمة «آي بوك» التي تتيح تحميل الكتب وتصفحها، بحيث يمكن قراءتها خلال رحلة أو تنقل بين المدن. فالـ«آي باد» يبقى وسيلة أساسية لأن يكون المرء في حالة تواصل مباشر مع العالم. لكن يبقى الكتاب دائما وسيلة لتعميق المعرفة وتجاوز التعاطي السطحي والشكلاني مع القضايا.