هجوم فلسطيني على القرضاوي بعد تحريم زيارة القدس

وزير الأوقاف لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: هذه فتوى تخدم إسرائيل

محمود الهباش
TT

أثار تحريم الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، زيارة القدس لغير الفلسطينيين، ردا على دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الزعماء العرب والمسلمين والمسيحيين، لزيارة المدينة، جدلا فلسطينيا واسعا وهجوما عنيفا على القرضاوي، بدأه وزير الأوقاف محمود الهباش الذي دعاه للتراجع عن فتواه.

وقال الهباش في بيان أمس «هذه الفتوى الخاطئة تخالف صريحا للقرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، فضلا عن أنها تقدم خدمة مجانية للاحتلال الإسرائيلي الذي يريد عزل المدينة المقدسة عن محيطها العربي والإسلامي، ولا يرغب برؤية أي وجود عربي أو إسلامي في القدس، ويضع كل العراقيل والعقبات أمام وصول الفلسطينيين والعرب والمسلمين والمسيحيين إلى مقدسات المدينة، ويعمل في نفس الوقت على تكثيف الوجود اليهودي لتهويد المدينة المقدسة والاستيلاء على مقدساتها».

وأكد الهباش أن «زيارة القدس هي فريضة شرعية وضرورة سياسية، وأنها حق مشروع لجميع المسلمين والمسيحيين، وواجب مقدس على المسلمين بنص صحيح السنة النبوية المشرفة». وأضاف «قال الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا»، وأمر صلى الله عليه وسلم بزيارة الأقصى والصلاة فيه فقال: «ائتوه فصلوا فيه، فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره فمن لم يستطع أن يأتيه فليبعث بزيت يسرج في قناديله».

وتابع الهباش «لم يثبت أن أحدا من علماء المسلمين قد أفتى بمثل هذه الفتوى العجيبة حتى في فترات الاحتلال الأجنبي للمدينة المقدسة، سواء في زمن الصليبيين أو التتار أو الإنجليز، كما أن الأمر النبوي بزيارة القدس والأقصى هو أمر عام في جميع الأوقات والأحوال والظروف، وليس خاصا بوقت أو ظرف دون آخر، فضلا عن أن النبي، صلى الله عليه وسلم، حين أمر بذلك لم يكن المسجد الأقصى في يد المسلمين، بل كان في يد الحكم الروماني، ولو كانت زيارته خاصة بوقت دون آخر لبينها القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة».

ودعا الهباش كل الذين يفتون بتحريم زيارة القدس إلى أن يتقوا الله فيما يقولون «وألا يكونوا عونا لإسرائيل على القدس وأهلها المرابطين الذين يتطلعون إلى تواصل كل أبناء الأمة معهم لدعم صمودهم وتعزيز بقائهم في مدينتهم».

وانضم يوسف إدعيس، رئيس المحكمة العليا الشرعية رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي، للهباش، وقال إن القضية الفلسطينية ليست قضية الشعب الفلسطيني وحده وإنما قضية كل العرب والمسلمين في مختلف أنحاء العالم.

وهاجم ناشطون وشعراء وصحافيون الفتوى على «فيس بوك»، وثار جدل حول تفاصيل الفتوى.

وكتب الشاعر غسان زقطان على صفحته «أمر القرضاوي عجيب، فهو الذي شرع الاقتتال الفلسطيني وحرض عليه ويطالب بتدخل أجنبي في سوريا ويحرض على الحرب الأهلية بين السوريين، ويحرم في نفس الوقت على العرب، مسيحيين ومسلمين، زيارة القدس».

وكان القرضاوي الذي تعتبر علاقته بالسلطة الفلسطينية، وبالرئيس محمود عباس متوترة إلى حد كبير، قد حرم مجددا زيارة القدس لغير الفلسطينيين.

وقال في فتوى جديدة تدعم فتوى سابقة «إن من حق الفلسطينيين أن يدخلوا القدس كما يشاءون، لكن بالنسبة إلى غير الفلسطينيين، لا يجوز لهم أن يدخلوها». وأضاف «إن تحريم الزيارة لعدم إضفاء شرعية على المحتل، ومن يقوم بالزيارة يضفي شرعية على كيان غاصب لأراضي المسلمين، ويجبر على التعامل مع سفارة العدو للحصول على تأشيرة منها». وتابع «ينبغي أن نشعر بأننا محرومون من القدس ونقاتل من أجلها حتى تكون القدس لنا، وأن مسؤولية تحريرها ودحر العدوان الصهيوني عنها هي مسؤولية الأمة الإسلامية بأسرها وليست مسؤولية الشعب الفلسطيني بمفرده».

ومضى يقول «إن القدس لن تعود إلا بالمقاومة والجهاد وتضافر جهود الأمة العربية والإسلامية». وجاءت فتوى القرضاوي ردا على مطالبة أبو مازن في كلمة له في افتتاح المؤتمر الدولي للدفاع عن القدس في الدوحة يوم الأحد الماضي، بزيارة المدينة. وقال أبو مازن بعد أن شرح إلى أي حد استخدمت إسرائيل أبشع وأخطر الوسائل لتهويد القدس، وتكريسها عاصمة لدولة الاحتلال «ومن هنا تبرز ضرورة أن نشجع كل من يستطيع وبخاصة إخوتنا من الدول العربية والإسلامية، إضافة إلى إخوتنا العرب والمسلمين والمسيحيين في أوروبا وأميركا على التوجه لزيارة القدس». وأضاف «إن هذا التحرك ستكون له تداعياته السياسية والمعنوية والاقتصادية والإنسانية، فالقدس تخصنا وتمسنا جميعا، ولن يستطيع أحد منعنا من الوصول إليها، إن تدفق الحشود إليها وازدحام شوارعها والأماكن المقدسة فيها سيعزز صمود مواطنيها ويسهم في حماية وترسيخ هوية وتاريخ وتراث المدينة المستهدفين بالاستئصال وسيذكر المحتلين أن قضية القدس هي قضية كل عربي وكل مسلم وكل مسيحي». وتابع «هذه الزيارة لا تعتبر تطبيعا مع الاحتلال، وأؤكد هنا أن زيارة السجين هي نصرة له ولا تعني بأي حال من الأحوال تطبيعا مع السجان».

ولم يعجب تصريح أبو مازن حركة حماس التي استغرب المتحدث باسمها، فوزي برهوم، دعوته العرب لزيارة القدس، معتبرا زيارة المدينة وهي تحت الاحتلال تطبيعا مع الكيان واعترافا به.

وقال برهوم في تصريح صحافي، إن «دخول القدس يجب أن يأتي من بوابة إنقاذها من الاحتلال وتعزيز صمود أهلها فيها، وتشكيل أكبر حالة إسناد عربي إسلامي لإبقاء هويتها الفلسطينية».