حملة المرشح المحتمل لانتخابات رئاسة مصر.. «مولد وصاحبه غايب»

آخر من انضموا لها صاحب مقهى بلدي.. وأنصار لموسى يتعرضون للضرب

صورة لأحد مرشحي الرئاسة المغمورين بمصر («الشرق الأوسط»)
TT

صاحب مقهى بأحد الأحياء الشعبية بالعاصمة المصرية القاهرة، لم تمنعه القيود الاجتماعية من كسر مهابة المنصب الرفيع والترشح كرئيس للجمهورية. الحاج فرغل أبو ضيف وضع صورته أمام المقهى الذي يملكه معتبرها بداية لدخول المضمار الرئاسي كغيره ربما من الحالمين بالمنصب الكبير قبل أيام معدودة من فتح باب الترشح الرسمي لبدء الصراع على منصب الرئيس في واحد من أكبر البلدان العربية سكانا وتأثيرا في منطقته.

واستقطب المنصب الخالي منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، في الحادي عشر من فبراير (شباط) الماضي، الكثير من المصريين البسطاء أو من غير المشاهير أو متصدري صفحات السياسة بمصر. ومنذ الإعلان عن موعد فتح باب التقدم للترشح للرئاسة في العاشر من مارس (آذار) المقبل، انتشرت البوسترات على الحوائط والمباني وتزايدت صفحات مرشحين مغمورين للرئاسة على مواقع التواصل الاجتماعي تعلن عن أسماء جديدة وتضع شعارات وكلمات يتلقاها المصريون ما بين السخرية والاستغراب.

واعتبر هؤلاء المرشحون صفحات مواقع التواصل الاجتماعي واللافتات والمطويات الورقية، أسهل الطرق للوصول لشريحة معينة من المصريين وإبداء آرائهم في مختلف الأحداث التي تتعرض لها البلاد. وعبر الإنترنت وزوايا الشوارع أعلن عشرات المصريين نيتهم الترشح للمنصب الرفيع من مهندسين وأطباء وأساتذة جامعات، وتحول الفضاء الافتراضي إلى شاشة صغيرة للتعرف على المرشحين.

وبالإضافة إلى القاهرة انتشرت الظاهرة في عدة محافظات أخرى. ففي مدينة سوهاج (450 جنوب العاصمة)، انتشرت اللوحات الدعائية لشخصيات مغمورة بينهم أصحاب مقاه ظهروا بالجلباب البلدي المصري الشهير والنبوت (العصا) التي اشتهرت في الأعمال الأدبية لنجيب محفوظ، وتدل على المكانة الاجتماعية والقوة لحاملها. وفي سوهاج أيضا أعلن معلم ملتح بالمرحلة الإعدادية يدعى عطية طه عن عزمه الترشح.

وأعلن عدد من السياسيين في أعقاب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 ترشحهم لخوض سباق الرئاسة، من بينهم عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، وأحمد شفيق، رئيس الوزراء المصري الأسبق، وغيرهم من مرشحين إسلاميين وليبراليين، إلا أن الأجواء العامة الحالية في مصر لا تشجع على ما يبدو على التعامل مع الانتخابات الرئاسية، كأمر جاد يلبي متطلبات الثورة التي راح ضحيتها نحو 850 قتيلا وآلاف الجرحى، خاصة بعد أن انسحب أبرز المرشحين المحتملين الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية وحامل جائزة نوبل للسلام وقلادة النيل، أرفع وسام مصري.

ومع ذلك استهوى منصب الرئيس، إلى جانب السياسيين المعروفين الذين يظهرون في وسائل الإعلام، الكثير من المغمورين والبسطاء، مثل الحاج أبو ضيف. ومع كل ما سبق من تناقضات، تسببت حادثة تعرض أنصار للأمين السابق للجامعة العربية للضرب في عودة زخم النقاش حول المرشح المحتمل للرئاسة المصرية.. وتحول مؤتمر للترويج لموسى كمرشح رئاسي، لمعركة بين مؤيديه ومعارضيه أصيب على أثرها أكثر من 15 شخصا من الطرفين بإصابات متوسطة. ولم تسلم حملة شفيق هو الآخر من الجدل بعد أن حاصرت البلاغات والاتهامات المرشح المحتمل، يتعلق معظمها بعلاقته بالنظام السابق.

واقتصرت انتخابات الرئاسة في مصر حتى قبل عام 2005 على مرشح واحد يسميه مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان) ويجري عليه استفتاء شعبي بـ«نعم» أو «لا»، وبعد تعديل الرئيس السابق للمادة 76 من الدستور، أجريت أول انتخابات تعددية في البلاد شارك فيها 10 مرشحين وفاز فيها مبارك بنسبة تجاوزت 86 في المائة.

ومن المعروف أن المصريين يتندرون على خلو منصب الرئيس على من سيخلف مبارك في الحكم.. ومنذ منتصف 2011 انتشرت مقاطع مصورة لمرشحين يعلنون عن أنفسهم على سبيل المزاح واعدين الشعب بتقديم الحلوى والوجبات المجانية كإحدى أولويات برامجهم، لكن أحدا لم يتوقع أن يجد بين ليلة وضحاها هذا الكم الهائل من المرشحين للرئاسة على أرض الواقع قبيل موعد فتح باب الترشح بأيام.