الجيش السوري يقتحم بابا عمرو.. وناشطون يتهمونه بارتكاب مجزرة

«السوري الحر» ينسحب من الحي والأهالي يناشدون الصليب الأحمر إغاثتهم

مظاهرة طلابية في كفرسجنة بإدلب أمس (أوغاريت)
TT

وسط تخوف سكان حي بابا عمرو من التعرض لعملية إبادة جماعية انتقامية من قبل قوات الجيش السوري النظامية، أعلن «الجيش السوري الحر» أنه نفذ «انسحابا تكتيكيا» من الحي، مشددا على أن المعركة لا تزال مفتوحة حتى إسقاط النظام. وأكد العقيد رياض الأسعد، قائد «الجيش السوري الحر»، أن انسحاب عناصره من حي بابا عمرو في حمص هو «انسحاب تكتيكي حفاظا على أرواح المدنيين، ولعدم إعطاء الجيش الأسدي ذريعة لمهاجمة المدنيين بشكل وحشي».

وأضاف الأسعد: «نحن لا نقول إن حي بابا عمرو سقط، فالحرب كر وفر، ولكن انسحبنا تكتيكيا». وإذ لفت إلى أن «الخسائر بالنسبة للمدنيين كبيرة جدا»، أكد الأسعد أن «خسائر النظام كبيرة جدا جدا»، وشدد على أن «المعركة مفتوحة مع هذا النظام حتى إسقاطه»، لافتا إلى أن «المعنويات عالية جدا بالنسبة لجميع عناصر الجيش الحر، بينما معنويات جيش الأسد منهارة».

وحتى مساء أمس، أفادت الأنباء الواردة من سوريا، التي تقطعت عدة مرات نتيجة انقطاع الكهرباء والاتصالات عن أغلب الأنحاء، بمقتل 39 شخصا في مناطق عدة من سوريا معظمهم في حمص، والتي تعرضت بعض أحيائها لقصف صاروخي.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل 17 مدنيا في بساتين حي بابا عمرو الذي اقتحمته القوات النظامية ظهر أمس، كما أكد عدد من الناشطين أن 12 شخصا على الأقل قتلوا «ذبحا بالسكاكين».. إلى جانب عدد من القتلى نتيجة القنص، بينهم رجل وزوجته في حي باب السباع.

وأكد ناشطون أن قوات الجيش التابعة للرئيس السوري، مدعومة بعناصر من الحرس الجمهوري والحرس الثوري الإيراني والأمن العسكري والشبيحة، اقتحمت حي بابا عمرو، مستغلة النقص الحاد في الذخيرة لدى العناصر المتبقية من «الجيش الحر». كما استعانت القوات النظامية بالقصف الصاروخي، واستخدمت أكثر من 27 قذيفة أثناء الهجوم.

وفور إعلان «الجيش الحر» انسحابه من بابا عمرو، ناشد «مجلس الثورة» في حمص منظمة الصليب الأحمر الدولية كما كل المنظمات الإنسانية دخول بابا عمرو لمنع حصول مجازر إنسانية بحق من تبقى من الأهالي.

ولاحقا، قال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر هشام حسن لوكالة «رويترز» في جنيف: «تلقت منظمة الهلال الأحمر العربي السوري واللجنة الدولية للصليب الأحمر الضوء الأخضر من السلطات لدخول بابا عمرو غدا (اليوم) الجمعة، من أجل جلب المساعدات المطلوبة بشدة؛ ومنها الغذاء والدواء وإجراء عمليات إجلاء».

وأضاف أن السلطات السورية أعطت اللجنة الدولية كذلك «مؤشرات إيجابية» أمس، فيما يتعلق بطلب المنظمة يوم 21 فبراير (شباط) الماضي بشأن وقف يومي لإطلاق النار مدته ساعتان؛ لتقديم إمدادات إغاثة لإنقاذ حياة المدنيين.

وفي غضون ذلك، أفاد معارضون سوريون كانوا يدافعون عن بابا عمرو بأنهم واجهوا خلال الاقتحام الذي نفذه الجيش السوري ما لا يقل عن سبعة آلاف جندي. وقال مهيمن الرميض، وهو مسؤول كبير بـ«الجيش السوري الحر» المنشق، إن أوامر صدرت إلى قوات المعارضة في مناطق أخرى في سوريا لتصعيد القتال ضد القوات الحكومية، من أجل تخفيف الضغط على حمص، التي تتعرض لقصف متواصل بالمدفعية والصواريخ منذ 26 يوما.

وقال الرميض إن «القصف مستمر لمحاولة إنهاك قوى الجيش الحر واستنزاف طاقاته.. والجيش الحر لديه أسلحة خفيفة.. قذائف الهاون والرشاشات المتوسطة والخفيفة.. هذا أقصى ما يعتمد عليه الجيش السوري الحر». وأضاف قائلا «ستكون بابا عمرو هي التي تقصم ظهر النظام من القامشلي شرقا إلى درعا جنوبا، وإلى إدلب شمالا.. اليوم جميع كتائب الجيش السوري الحر اتصلت بنا، وتتوعد بعمليات عسكرية للانتقام من الهجوم على بابا عمرو، وعمليات لتعطيل وصول الإمدادات إلى حمص».

وأشار الرميض إلى أن «الأسد يعول على اجتياح بابا عمرو، التي أصبحت رمزا للانتفاضة، لإرسال رسالة بأنه سيخمد الثورة في أنحاء سوريا.. كل مدينة سورية ستكون بعد اليوم بابا عمرو». وأضاف قائلا «يوجد ما لا يقل عن 7 آلاف جندي أسدي.. لا يمكنني إعطاء رقم دقيق عن أعداد الجيش السوري الحر في بابا عمرو». ومضى قائلا «كنت في القوات الخاصة قبل أن أنشق، ورأيت كيف أن مقاتلا واحدا يستطيع أن يصد فوجا كاملا.. المدافع دائما أقوى من المهاجم، والروح القتالية عند أبطالنا في الجيش السوري الحر أقوى من الجيش النظامي».

وفي بيان وزعته كتيبة «الفاروق»، إحدى الكتائب التابعة للجيش السوري الحر التي كانت موكلة الدفاع عن بابا عمرو، شددت على أن «الانسحاب الذي تم انسحاب تكتيكي بعد صمود دام 27 يوما في مواجهة القوات الأسدية وبكل ما يملكه الجيش الأسدي من قوة وآليات وصواريخ»، لافتة إلى أن «العناصر المنشقة كانت تواجه في بابا عمرو عناصر حزب الله اللبناني والعناصر الإيرانية». وأضافت: «بعد تكبيدهم خسائر فادحة بالأرواح والمعدات واستخدامهم المدنيين كدروع بشرية واستهداف المنازل السكنية بقصد القتل وارتكاب المجازر، وبعد صمت عربي وإسلامي ودولي رهيب، ارتأينا الانسحاب.. وانسحابنا هذا ليس هزيمة بل إنه نصر عظيم بفضل الله تعالى ونحن نعد ثوار سوريا بالتجهز جيدا لنعود لضرب هذا النظام المحتل بغية إزالته من الوجود».

كما تحدث ناشطون ظهر أمس عن انشقاق 36 ضابطا وصف ضابط ومجندين أثناء اقتحام الجيش للحي، كما تم تدمير أربع دبابات والاستيلاء على ثلاث وأسر الكثير من جنود الجيش النظامي. مع توارد أنباء غير مؤكدة عن هروب 140 جنديا من الفرقة الرابعة في بابا عمرو.

من جهة أخرى، قتل ثمانية عناصر نظاميين وسبعة منشقين في اشتباكات دارت أمس في محافظة القنيطرة السورية، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال المرصد في بيان «تدور منذ صباح اليوم (أمس) الخميس اشتباكات بين الجيش والأمن النظامي السوري ومجموعة منشقة في قرية جباتا الخشب القريبة من الجولان السوري المحتل، وأسفرت الاشتباكات حتى اللحظة عن سقوط سبعة عناصر من المنشقين وثمانية عناصر من الجيش والأمن النظامي».

كما تحدث ناشطون عن استمرار الحصار لليوم الرابع عشر على بلدة بصر الحرير في درعا، مع فرض حظر تجول وتقطيع أوصال الأحياء بالحواجز العسكرية ومنع دخول المواد الغذائية والأدوية. وتحدثت لجان التنسيق عن مشهد مماثل في بلدة الحراك وحصار شديد يمنع وصول المواد الأولية للأهالي. وفي تلك الأثناء، وبالتزامن مع معارك بابا عمرو، جرى قصف أحياء الخالدية والبياضة وشارع الستين، كما أكد ناشطون قيام قوات الجيش بذبح أربع عائلات في حي جب الجندلي مع التمثيل بالجثث وكتابة كلمات مسيئة عليها، وقالوا إنها المرة الأولى التي ترتكب جرائم كهذه في حمص على يد الجيش النظامي، حيث سبق وقام بجرائم مماثلة على يد قوات الأمن والشبيحة.

وحول الأوضاع الإنسانية في حمص، أكدت مصادر محلية أن المياه لا تزال مقطوعة عن غالبية الأحياء لليوم الثاني على التوالي مع انقطاع للكهرباء والاتصالات، في ظل أحوال جوية شديدة البرودة وتساقط الثلوج، مع ندرة وقود التدفئة بالإضافة إلى شح المواد الغذائية لا سيما الخبز.

وفي حماه، وبالتحديد في التريمسة، أفاد ناشطون بأن قوات النظام قصفت البلدة مستعينة بالدبابات من جهة خنيزير والصفصافية. وفي مورك (حماه) تحدثت صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد» عبر «فيس بوك» عن سقوط جرحى في البلدة جراء قصف الدبابات الذي أصاب منازل مأهولة. وأضافت: «الأهالي يعجزون عن إسعاف الجرحى بسبب كثافة إطلاق النار».

بالتزامن، تجمع العشرات في بلدة كرناز في حماه لتشييع واصل حسن اليوسف الذي قتل يوم أول من أمس على يد قوات النظام.. وفي دير الزور، شن الأمن السوري حملة اعتقالات واسعة في الميادين طالت أكثر من 50 شخصا، ترافقت مع قطع خطوط الإنترنت وتحليق للطيران في سماء المدينة.

وفي ريف دمشق، اقتحمت قوات الجيش النظامي مدينة الضمير وقامت بحملة اعتقالات واسعة.. وقالت مصادر محلية هناك إنه تم جمع الكثير من الأهالي في ساحة جامع الشيخ محمود في طقس بالغ البرودة، وقامت بإهانتهم بعد تخريب نحو 15 منزلا، مع انتشار كثيف لقوات الجيش ونصب مزيد من الحواجز.. وقال ناشطون إن شخصا على الأقل قتل في المدينة أثناء المداهمات.

كما تم اقتحام بلدة كفر بطنا منذ ساعات الفجر الأولى من يوم أمس وسط إطلاق نار كثيف وجرت حملة مداهمات للمنازل واعتقال العشرات والاعتداء عليهم بالضرب أمام الأهالي.