روسيا والصين توافقان على بيان لمجلس الأمن «يأسف» للوضع الإنساني في سوريا

مجلس حقوق الإنسان يتبنى قرارا يدعو لوصول العاملين الإنسانيين «بلا عائق» ويدين انتهاكات الأسد > رئيس وزراء قطر: كل الخيارات مطروحة للتعامل مع الملف السوري

شاب سوري يمر بجوار طابور مكتظ على أحد المخابز بمدينة القصير جنوب غربي حمص (رويترز)
TT

أعلنت فرنسا أمس أن روسيا والصين انضمتا إلى الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أمس في التعبير عن الإحباط إزاء عدم سماح دمشق لوكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فاليري اموس بزيارة سوريا. وفي بيان رئاسي من مجلس الأمن، دعا المجلس إلى السماح لها بالزيارة على الفور. كما قال أعضاء المجلس الـ15 في بيان حصل على الإجماع إنهم «يأسفون بشدة» للتدهور السريع في الوضع الإنساني في البلاد حيث تقول الأمم المتحدة إن حملة القمع الحكومية المستمرة منذ 11 شهرا ضد المحتجين المطالبين بالديمقراطية أسفرت عن مقتل أكثر من 7500 شخص.

ويذكر أن اموس أعلنت يوم الاربعاء الماضي أن السلطات السورية منعتها من زيارة سوريا للتحقق من الأوضاع الإنسانية في البلاد وإمكانية تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين.

من جهة أخرى, أكد رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني أمس استعداد بلاده لدرس «كل الخيارات» لإنقاذ الشعب السوري. وقال رئيس الوزراء القطري في ختام لقاء في بروكسل مع رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز: «علينا أن ندرس كل الخيارات لإنقاذ الشعب السوري».

وقد أعلنت قطر تأييدها إنشاء قوة عربية لحفظ السلام في سوريا. ونفى رئيس الوزراء القطري، الذي أعلن الاثنين تأييده تزويد المعارضة السورية بالأسلحة للتصدي لنظام الرئيس بشار الأسد، نفيا قاطعا وجود جنود قطريين في الأراضي السورية. وقال: «هذا ليس صحيحا»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وأكد حمد بن جاسم أن «سوريا تطرح مشكلة مهمة بالنسبة لنا وللمنطقة ومشكلة مهمة من وجهة نظر إنسانية». وقال: «من المهم جدا وقف المجازر».

واعتبر رئيس الوزراء القطري أن الحل الوحيد لسوريا هو القبول بتوصيات الجامعة العربية.

وأشاد شولتز من جانبه بـ«الدور البناء» الذي تضطلع به قطر.

ومن جهة أخرى، عبرت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، عن إحباطها نتيجة رفض السلطات السورية السماح لمساعدة الأمين العام للأمم المتحدة فاليري آموس، الدخول للبلاد لتقييم الوضع الإنساني هناك. وكانت آشتون تعلق على قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالشأن السوري. وقالت: «هناك رسالة قوية من قبل الأطراف الدولية بضرورة وقف الانتهاكات التي تجري في سوريا»، وشددت المسؤولة الأوروبية على «الرسالة الواضحة»، الموجهة للنظام السوري. وأضافت: «يجب أن يفهم النظام في دمشق ألا إفلات من العقاب، فعلى كل من ارتكبوا انتهاكات لحقوق الإنسان أن يواجهوا العدالة يوما ما». وجددت آشتون التأكيد على انخراط الاتحاد الأوروبي في كافة الجهود الدولية المبذولة من أجل وقف العنف في سوريا. وقالت: «نحن نستمر في اتخاذ كافة الإجراءات من أجل تضييق الخناق على النظام السوري، وكذلك التعاون مع كافة الأطراف الدولية»، وفي سياق مواز. وفي الوقت نفسه تسعى بلجيكا إلى تحقيق إجماع أوروبي لطرد السفراء السوريين من العواصم الأوروبية وتنوي بلجيكا إغلاق سفارتها في سوريا قبل نهاية الشهر الحالي.

إلى ذلك، تبنى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أمس قرارا يدعو مرة أخرى الحكومة السورية إلى وقف انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا ويدعو نظام الأسد إلى السماح للأمم المتحدة وللوكالات الإنسانية بـ«الوصول دون عائق» إلى البلاد.

وقامت الدول الـ47 الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، بالتصويت على مشروع القرار الذي تم تبنيه بتأييد 37 صوتا ومعارضة ثلاثة (الصين وروسيا وكوبا) وامتناع ثلاث دول هي الإكوادور والهند والفلبين.

وقال دبلوماسي غربي لوكالة الصحافة الفرنسية: «هناك غالبية معنوية وسياسية تندد بتصرفات النظام السوري. ومن المستحسن أن يسمع نظام دمشق هذه الرسالة القوية والتي تحظى بإجماع».

والقرار الذي يحمل عنوان «انتهاكات تتزايد خطورة لحقوق الإنسان وتفاقم الوضع الإنساني في سوريا» كانت عرضته في مطلع الأسبوع قطر وتركيا ثم وقعته نحو 60 دولة بينها دول غير أعضاء في المجلس.

ويدعو القرار نظام الرئيس بشار الأسد إلى السماح «بوصول–بشكل حر ودون عائق–للأمم المتحدة والوكالات الإنسانية للقيام بتقييم كامل لاحتياجات حمص ومناطق أخرى».

وهذا الأمر من شأنه أيضا أن «يتيح للوكالات الإنسانية تسليم مواد ذات احتياجات أولية وتقديم خدمات لكل المدنيين المتضررين من جراء العنف لا سيما في حمص ودرعا والزبداني ومناطق أخرى محاصرة من قبل قوات الأمن السورية».

ويؤكد القرار «ضرورة تلبية الاحتياجات الإنسانية بشكل عاجل» للشعب، وتندد «بعدم وصول المواد الغذائية والأدوية الأساسية والمحروقات وكذلك التهديدات وأعمال العنف التي تطال الطواقم الطبية والمرضى والمنشآت» الصحية.

كما ندد المجلس بشدة «بالانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية المنتشرة على نطاق واسع التي تمارسها السلطات السورية».

وقاطع الوفد السوري المناقشات الطارئة بعد أن انسحب مندوبها في الأمم المتحدة الثلاثاء الماضي.

وقالت ايلين تشمبرلين دوناهو مندوبة الولايات المتحدة لـ«رويترز»: «أعتقد أن التصويت يتحدث عن نفسه. هناك توافق دولي واسع النطاق على وضع حقوق الإنسان في سوريا والأزمة الإنسانية التي سببها نظام الأسد».

وأضافت: «عزلة الصين وروسيا وكوبا مؤسفة لكنها كانت متوقعة. معنى هذا التصويت تقريبا يمثل لتلك الدول الثلاث نفس الأهمية التي يمثلها لنظام الأسد. وسيذكر التاريخ أنها أخطأت».

وهذه هي المرة الرابعة منذ أبريل (نيسان) من العام الماضي التي يدين فيها مجلس حقوق الإنسان سوريا. وامتنعت ثلاث دول عن التصويت على قرار أمس ولم تشارك أربعة وفود.

وفي كلمة ألقاها قبل الاقتراع مباشرة رفض الدبلوماسي الروسي فلاديمير جيجلوف النص باعتباره «مثالا آخر على المناهج السياسية الأحادية إزاء الوضع في سوريا التي تدفعها بعض الدول إلى الأمام».

وقال مجلس حقوق الإنسان إن الانتهاكات السورية شملت قصف مناطق مدنية أسفر عن مقتل «آلاف المدنيين الأبرياء» وعمليات إعدام وقتل واضطهاد محتجين وقتل صحافيين سوريين وأجانب واعتقالات تعسفية واعتراض محاولات الحصول على الرعاية الطبية.

كما عبر المجلس عن قلقه الشديد من تردي الأوضاع الإنسانية ودعا إلى توصيل الأغذية والأدوية والوقود إلى السكان المحاصرين.

كما أكد أهمية ضمان المحاسبة على الجرائم «بما في ذلك الانتهاكات التي قد تصل إلى حد الجرائم ضد الإنسانية».

ودافعت إيران عن حكومة دمشق وقالت إنه يجب أن يتاح لها «الوقت والمساحة» لتطبيق «الإصلاحات الشاملة» التي وعدت بها.

وقال مندوب بريطانيا بيتر غودرهام خلال المحادثات أمس: «سنعمل على ضمان استمرار جمع الأدلة على انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها كافة القوات في سوريا وتخزينها في مأمن حتى تتم محاسبة كل المسؤولين عن هذه الأعمال الوحشية».

ومن جهته، أعلن كوفي أنان، الموفد الجديد للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا، أول من أمس، أنه يأمل التوجه «قريبا» إلى دمشق وتسليمها «رسالة واضحة: أعمال العنف يجب أن تتوقف وأن تصل الوكالات الإنسانية» إلى السكان.

وردا على سؤال خلال مؤتمر صحافي هو الأول منذ تعيينه الأسبوع الماضي، حول الرسالة التي سينقلها إلى دمشق، أجاب أنان «الرسالة واضحة: المجازر وأعمال العنف يجب أن تتوقف وأن تصل الوكالات الإنسانية (إلى السكان) كي تقوم بعملها ومن المؤسف أن هذا الأمر لم يحصل».

وأشار الأمين العام السابق للأمم المتحدة أيضا إلى «ضرورة قيام حوار بين جميع الفاعلين» في الأزمة السورية «في أقرب وقت ممكن».

وبعد أن اعتبر أن مهمته هي «عمل صعب جدا وتحد شاق»، أكد أنه «من المهم جدا أن يوافق الجميع على أنه لا يوجد إلا عملية وساطة واحدة» في سوريا «هي التي طلبت من الأمم المتحدة والجامعة العربية القيام بها».

وأوضح أنه في حال عدم الموافقة قد يكون هناك وسيط ضد الآخر معتبرا أنه يتوجب على الأسرة الدولية أن «تتحدث بصوت واحد كي يكون صوتها قويا».

ولكنه لم يوضح الوسطاء الآخرين المحتملين الذين أشار إليهم، ولكن موفدين من روسيا والصين توجهوا مؤخرا إلى دمشق لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين السوريين.

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي شارك في المؤتمر الصحافي مع كوفي أنان عن «إحباطه الشديد» من هذا الرفض ودعا السلطات السورية إلى «احترام تعهداتها بموجب القوانين الدولية». كما طلب من السلطات السورية «التعاون كليا» مع كوفي أنان الذي سيتوجه إلى دمشق «في أقرب وقت ممكن». وقال دبلوماسيون إن أنان سيبقى يومين في نيويورك لإجراء مشاورات خصوصا حول مهمته وتشكيلة فريقه.

وسوف يغادر نيويورك بعد ظهر الغد متوجها إلى الشرق الأوسط، على أن تكون القاهرة محطته الأولى حيث سيلتقي الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي.