السفير الروسي في لقاء مثير مع مسؤول إسرائيلي: بقاء الأسد في الحكم لصالحكم

أيوب قرا لـ «الشرق الأوسط»: طلبنا منه أن يساعدنا في إدخال مواد غذائية للشعب السوري

TT

أثار لقاء سري بين السفير الروسي في تل أبيب، سيرجي يعقوبييف، ومسؤول إسرائيلي حول الأوضاع في سوريا، سربت تفاصيله المصورة إلى قناة المستوطنين التلفزيونية ومنها إلى موقع «يوتيوب» ضجة كبيرة. وأقحم فيه المسؤول الإسرائيلي وهو نائب وزير التعاون الإقليمي، أيوب قرا، من حزب الليكود الحاكم، عبر الهاتف أحد أقطاب المعارضة السورية، الذي وضع السفير في موضوع محرج، وكذلك قرا الذي كان يرمي من هذا اللقاء إلى نقل مساعدات إنسانية للمتضررين في المدن السورية، وذلك برفضه أي مساعدات إنسانية من إسرائيل.

وتوجه السفير يعقوبييف خلال هذا اللقاء برسالة شفوية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لإقناعه بأن بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم هو لصالح إسرائيل. وقال يعقوبييف: إن تجارب الثورات في العالم العربي دلت على أن سقوط الأنظمة الحالية يؤدي إلى صعود قوى الإسلام السياسي المعروفة بعدائها لإسرائيل، وأنه لا يفهم المصلحة من التصريحات الإسرائيلية التي تصدر ضد الأسد، وأضاف: «لو كنت إسرائيليا لما ترددت في تأييد بقاء الأسد».

وقال قرا في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن اللقاء تم بمبادرته الشخصية مع السفير الروسي، وأضاف: «لقد طلبت الاجتماع معه لكي تتدخل روسيا لدى القيادة السورية وتتيح لنا إدخال مساعدات غذائية إلى البلدات السورية المحاصرة، مثل حمص ودرعا وغيرهما. فقال: إن الأمر غير ممكن، لأن سوريا لن تقبل مساعدات من إسرائيل. فأجبته بأن هذه المساعدات ليست من الحكومة الإسرائيلية، بل من مواطنين عرب من إسرائيل. فأنا، (يتابع قرا) أحب إسرائيل أكثر مما يحبها اليهود ولكنني أبادر إلى هذه الخطوة لكوني عربيا وابنا للطائفة العربية المعروفة (الدروز)، وليس لكوني نائب وزير في الحكومة الإسرائيلية. ففي سوريا نقص هائل في الغذاء. وفي بعض الأماكن يأكل المواطنون أوراق الشجر بسبب هذا النقص». وقال قرا، ردا على سؤال، إنه ما زال ينتظر رد روسيا على طلبه، علما بأن لقاءه مع يعقوبييف تم يوم الاثنين الماضي.

وتسرب أمر هذا اللقاء عبر الموقع الإلكتروني للقناة السابعة، وهي إذاعة المستوطنين في الضفة الغربية. لكن الإذاعة لم تكشف هوية المسؤول الذي التقاه السفير الروسي. وكان في الغرفة عدد من الأشخاص غير المعروفين، إضافة إلى قرا ويعقوبييف. ورفض قرا أن يجيب إذا ما كان أحد الحاضرين من المعارضة السورية. لكنه عندما سألناه أجاب: «لا أستطيع أن أدخل في تفاصيل». بيد أن الشريط الذي بثته الإذاعة الإسرائيلية يوضح أن السفير لم يقتنع بوجود نقص في المواد الغذائية. فاتصل قرا بأحد معارفه السابقين من المعارضة وقد ناداه بكنيته «أبو بلال»، فقال هذا: إن المعارضة السورية غير معنية بالحصول على مواد غذائية من إسرائيل.

ودار حوار بين يعقوبييف ورجل المعارضة السورية، اهتم به السفير أن يعرف ماذا سيحصل ما بعد الأسد. وكيف ستتصرف المعارضة مع أركان النظام المحيطين بالأسد اليوم وهل سيقتلون؟.. وذكر اسم أحدهم، عاصف شوكت. فتدخل نائب الوزير الإسرائيلي أيوب قرا وقال للسفير: المهم الأسد. لقد كان رئيسك هنا وقال: إنه مستعد لأخذ الأسد ليعيش في روسيا. فأجاب السفير للمسؤول الإسرائيلي: ولماذا لا تتحدثون مع قطر على استضافته؟ ثم أضاف متسائلا: «أنتم تتحدثون باسم المعارضة، فأي معارضة هذه؟.. عندكم عدة مجموعات معارضة». فأجابه رجل المعارضة هاتفيا: هناك 3 مجموعات معارضة. فقال السفير: نحن نعرف أكثر منكم. توجد 5 أو 6 مجموعات معارضة. فقال المعارض السوري: لماذا تخشون على المحيطين بالسد؟.. ففي مصر وليبيا لم يقتلوا المحيطين برأس النظام. فأجاب السفير: عندما تكون غاضبا ومعك مسدس ستقتل، صدقني. فأجابه المعارض: المقربون من الأسد سيغادرون معه.

هنا اهتم السفير بماذا سيحصل بعد سقوط الأسد: «الأسد راح، فمن سيأتي إلى الحكم في سوريا؟». فتدخل قرا من جديد قائلا: الاحتمال الأول والأفضل هو إجراء انتخابات. فإذا لم يحسنوا ذلك، ستقسم سوريا إلى دولتين، واحدة للسنة وأخرى للعلويين والدروز. فقال السفير الروسي ساخرا: ودولة ثالثة في اللاذقية. لكن المعارض السوري لم يقبل هذا وقال: اتركوا السوريين يقررون. وقال السفير: احذروا، لقد تقاتل السودانيون 30 سنة حتى توصلوا إلى اتفاق بالانفصال. فقال المعارض السوري: الأسد سيذهب وهذا هو المهم. سيذهب.. فقاطعه السفير: لحظة... لحظة.. كيف سيذهب، قبل التوصل إلى تسوية؟.. من سيطلب منه الرحيل. ثم إنه يريد البقاء. وطلب السفير الروسي أن يوضح أن بلاد تعارض العنف وقتل المدنيين وتعارض قصف حمص وغيرها من سوريا ولكنها تريد حقن الدماء بواسطة الحوار، «لا نريد تحالفا عربيا أطلسيا في سوريا».

هنا انقطع الشريط لفترة، فأكمله لنا النائب أيوب قرا قائلا: السفير بدأ يتحدث عما بعد الأسد ليفحص ما هي الإمكانيات للتعاون بين روسيا وسوريا. فهنالك مصالح لبلاده في المنطقة ويريد الاطمئنان عليها. فقيمة الديون السورية لروسيا تبلغ 8 مليارات دولار، وهي تريد أن تعرف إن كانت القيادة المستقبلية لسوريا ستدفعها. ولذلك، حاول أن يحافظ على علاقة جيدة مع المعارضة أيضا. وعقب قرا على هذه المقابلة وما تضمنها من محادثات له وللمعارضة السورية مع السفير، فقال: «أنا كنت قد بادرت إلى عدة لقاءات وحوارات مع النظام السوري ومع المعارضة لكي أحاول التوفيق بين الطرفين. وما زلت أرى أن الأسد في الحكم مفيد لإسرائيل وللدروز أكثر من نظام آخر. ولكن ما يرتكبه نظام الأسد ضد شعبه، لا يتركك تبقى معه. فنحن في إسرائيل جزء من العالم الغربي الديمقراطي ولا نستطيع البقاء على الحياد، كما كنا حتى فترة قصيرة».

وقد حاولنا أخذ رد السفارة الروسية في تل أبيب على هذه القضية وما ورد فيها من تصريحات للسفير يعقوبييف، إلا أنهم طلبوا منا الانتظار حتى يوم الاثنين القادم.