الصحافيان الفرنسيان وصلا إلى باريس

ساركوزي: السلطات السورية ستحاسب أمام الجنائية الدولية

المصور ويليام دانييلز يتحدث للرئيس الفرنسي ساركوزي بعد وصوله إلى باريس أمس (رويترز)
TT

استقبل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الصحافيين الفرنسيين إيديت بوفييه وويليام دانييلز القادمين من لبنان بعد أن غادرا حمص الخميس إلى بيروت. ودعا إلى محاسبة السلطات السورية أمام محاكم دولية، وقال ساركوزي في كلمة مقتضبة ألقاها في مطار فيلاكوبليه العسكري قرب باريس حيث كان في استقبال الصحافيين العائدين «أريد أن أقول إن على السلطات السورية أن تحاسب أمام المحاكم الجنائية الدولية على جرائمها». ونقلت بوفييه فور وصولها إلى فرنسا إلى مستشفى عسكري للعلاج.

وقبل وصول الصحافيين إلى فرنسا أعلنت النيابة العامة في باريس أن القضاء الفرنسي فتح تحقيقا الجمعة لكشف ملابسات مقتل المصور الصحافي الفرنسي ريمي أوشليك ومحاولة قتل الصحافية الفرنسية إيديت بوفييه.

وأضاف المصدر نفسه أنه من الأهداف الأولى للتحقيق الأولي هو جمع المعلومات التي تتيح رسميا التعرف على جثمان أوشليك تمهيدا لنقله إلى فرنسا. وكلف «المكتب المركزي لقمع العنف بحق أفراد» بالتحقيق، حسب المصدر نفسه.

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أن الصحافية بوفييه «بصحة جيدة رغم الكسر في فخذها».

ومن جهتها نفت مصادر دبلوماسية فرنسية في بيروت أن تكون السفارة الفرنسية قد نسقت عملية إخراج الصحافيين من سوريا إلى لبنان. وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن الصحافيين الفرنسيين أدخلا إلى لبنان عبر نقطة عبور غير شرعية، وإن السفارة أُبلغت بوصولهما بعد دخولهما الأراضي اللبنانية؛ حيث تسلمتهما السلطات الرسمية اللبنانية ونقلتهما إلى مستشفى أوتيل ديو في بيروت. وبعدما شكر المصدر السلطات اللبنانية على «التعاون»، قال إن عملية نقلهما إلى فرنسا تمت بعد استشارة الأطباء الذين أجروا للصحافيين كشفا صحيا شاملا، موضحا أن أي معلومات لم يتم استقاؤها من الصحافيين بسبب وضعهما الصحي.

وأعلن الجيش السوري الحر، في بيان أصدره، مقتل عناصر منه خلال عملية إجلاء الصحافيين الأجانب الذين كانوا عالقين في حي بابا عمرو في حمص، إلى لبنان. وقالت «كتيبة الفاروق» التي تضم عناصر الجيش المنشق في حمص، في بيان، إنها «إيمانا منها بسمو رسالة الصحافة ونبل المهمة التي قام بها الإخوة الصحافيون (الأجانب) جندت مجموعات من خيرة الشباب لتولي عملية إجلائهم إلى لبنان»، موضحة أن «نخبة من رجال (الفاروق) الميامين استشهدوا خلال هذه المهمة». وقال مصدر في الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط»: «إن الجيش الحر بالتعاون مع الثوار من أبناء حمص تمكنوا من إخراج الصحافيين الأجانب من حي بابا عمرو ببسالة وشجاعة قل نظيرهما». وشدد على أن «هذا العمل الإنساني والبطولي أثبت للعالم كله أن الجيش الحر هو الجيش النظامي الحقيقي الذي حافظ على قسمه، والتزم بالمواثيق الدولية وبحقوق الإنسان، عبر حمايته أبناء شعبه وحماية الأجانب الموجودين على الأراضي السورية، في حين أثبت جيش الأسد أنه جيش مجرم متنكر لكل الأخلاق والعهود والمواثيق». وقال: «نحن كجيش حر وكثوار كنا حريصين على حماية الصحافيين الأحرار الذين حضروا إلى بابا عمرو وكانوا حريصين على نقل حقيقة ما يجري إلى العالم الخارجي، وكنا مستعدين للتضحية بأرواحنا جميعا من أجل الحفاظ على حياتهم»، مشيرا إلى أن «عملية إخراجهم كانت معقدة وعبر ممر دقيق، لكنه محفوف بالمخاطر، وأن شبابنا حملوهم على أكف الراحة وأخرجوهم بسلام من دائرة الخطر، بعدما شعروا أن جحافل الأسد ستدخل المنطقة وأن حياة هؤلاء الصحافيين باتت مهددة»، لافتا إلى أنه «خلال إخراج الصحافيين تعرض شبابنا لكمين مسلح من الشبيحة، وسقط منا شهداء ومصابون، لكن، والحمد لله، أدينا الأمانة وأخرجنا الأجانب سالمين، على الرغم من مشقة المهمة».

في الإطار نفسه، أبلغ جريح سوري، وصل إلى لبنان مصابا من بابا عمرو، أنه شاهد الصحافية الأميركية ماري كولفن، التي قُتلت الأسبوع الماضي، في ملجأ في الشارع الذي فيه المستشفى الميداني. وهو في الحقيقة ليس ملجأ وإنما مشغل للنجارة تحت الأرض كان يؤوي الهاربين. وأوضح الجريح، الذي رفض ذكر اسمه، أن «الأهالي يرددون بأن الصحافية كانت تستخدم (جي بي إس) وهو ما جعلها هدفا، وتسبب بمقتلها». إلى ذلك، أكد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية أنه تم العثور على جثتي الصحافيين الأميركية ماري كولفن والفرنسي ريمي أوشليك مدفونين في حمص.

وقال المصدر في تصريح نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا): «إن الجهات المختصة تمكنت، قبل ظهر اليوم (أمس) وبدوافع إنسانية وبعد جهد كبير من البحث والمتابعة من الوصول إلى جثتي الصحافيين الأميركية ماري كولفن والفرنسي ريمي أوشليك مدفونتين تحت التراب (...) في المنطقة التي كانت تسيطر عليها المجموعات الإرهابية المسلحة في بابا عمرو بحمص»، وسط سوريا.