وسط غياب الإصلاحيين.. الإيرانيون ينتخبون نوابهم في اقتراع نتائجه محسومة سلفا

خامنئي: الإقبال الضعيف قد يشجع القوى الأجنبية على شن ضربات عسكرية

المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي يدلي بصوته في الانتخابات التشريعية أمس (أ.ب)
TT

صوت الإيرانيون أمس لاختيار 290 نائبا في مجلس الشورى الذي يرجح أن يبقى تحت سيطرة المحافظين مع مقاطعة المعارضة الإصلاحية الاقتراع احتجاجا على القمع الذي تتعرض له منذ 2009.

وأفادت معظم التقديرات الرسمية الجزئية مساء أمس بأن نسبة المشاركة كانت أعلى من الانتخابات السابقة، وتجاوزت 60 في المائة في معظم المحافظات. وتحث السلطات الناخبين على التصويت بكثافة، محذرة من أن الإقبال الضعيف قد يشجع القوى الأجنبية على شن ضربات عسكرية على إيران. وتقاطع الحركة الخضراء هذه الانتخابات حيث يرزح قادتها تحت إقامة جبرية منذ أكثر من عام. وينحصر التنافس بين أقطاب التيار الأصولي المحافظ من أنصار المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي والرئيس أحمدي نجاد. لكن المراسلين يقولون إن بعضا من مؤيدي الرئيس أحمدي نجاد دعوا إلى مقاطعة الانتخابات.

وتم تمديد العمل في مراكز الاقتراع لتمكين أكبر عدد من الناخبين من الإدلاء بأصواتهم بعد موعد الإقفال المحدد عند السادسة مساء (14.30 بتوقيت غرينتش). ومع أن النتائج تبدو محسومة سلفا، فقد دعت السلطات نحو 48 مليون ناخب إلى التوجه بكثافة إلى مراكز التصويت تأكيدا لدعمهم للنظام الذي يواجه عقوبات دولية قاسية وتهديدات إسرائيلية بعمل عسكري إذا لم توقف إيران برنامجها النووي.

وصرح مرشد الجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي أمس بأن «الفترة الأخيرة شهدت حملة إعلامية كبيرة وضغوطا على إيران»، مؤكدا أنه «كلما ازداد عدد الذين يصوتون سيكون ذلك أفضل لمستقبل إيران ومكانتها وأمنها». وقال إن «الإقبال الضعيف قد يشجع القوى الأجنبية على شن ضربات عسكرية». وتخضع إيران، التي دانت الأمم المتحدة برنامجها النووي في ستة قرارات، منذ سنتين لحظر تجاري ومالي أضيف إليه مؤخرا حظر نفطي من قبل الغرب، بدأ يؤثر على اقتصاد البلاد.

وعلى الرغم من نفي طهران المتكرر، تشتبه الأسرة الدولية في أن إيران تسعى لامتلاك سلاح ذري، بينما ضاعفت إسرائيل، التي يؤكد النظام الإيراني أنه يريد زوالها، تهديداتها بتوجيه ضربات عسكرية للمواقع النووية الإيرانية.

وقبل الانتخابات، دعا الرئيس محمود أحمدي نجاد إلى التعبئة «لانتخاب مجلس شورى قوي ويحظى بشعبية». بينما شدد وزير الدفاع أحمد وحيدي على أنه «كلما ارتفعت نسبة المشاركة تعزز الأمن في البلاد».

وتتراوح نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية عادة بين 50 في المائة و70 في المائة، وبلغت 55.4 في المائة عام 2008 بحسب الأرقام الرسمية.

وكان تدفق الناخبين متفاوتا على مراكز الاقتراع التي زارتها الصحافة الفرنسية صباح أمس. وقال عدد كبير من الناخبين من مختلف الأعمار يؤيد معظمهم المحافظين إنهم جاءوا «للمشاركة في بناء بلدهم»، وعلى أمل أن يعالج البرلمان الجديد المشاكل الاقتصادية التي تعتبر أولوية للجميع.

وأكد عباس، الذي اكتفى بذكر اسمه الأول، أنه جاء ليقترع «من أجل بلدي ومن أجل شعبي». وأكد هذا الرجل الستيني الذي جاء ليؤدي واجبه الانتخابي مع زوجته وابنه في مسجد تم تحويله إلى مركز للتصويت «يجب حل المشاكل الاقتصادية.. التضخم والبطالة. ابني لا عمل لديه». أما جواهر إسلامي (77 عاما) فقالت «أصوت من أجل دم الشهداء ومن أجل بلد أفضل». لكن البرلمان الجديد في رأيها يجب أن يقوم «بتحسين الوضع الاقتصادي أولا وإيجاد وظائف»، موضحة أن «ابني عاطل عن العمل».

وتكتسي نسبة المشاركة أهمية كبرى للنظام مع قرار معظم الحركات الإصلاحية مقاطعة التصويت احتجاجا على القمع القاسي الذي تعرضت له منذ إعادة انتخاب أحمدي نجاد المثيرة للجدل في 2009.

وقد سجن عدد من الشخصيات الإصلاحية أو وضعوا تحت الإقامة الجبرية أو أسكتوا، بينما منعت الحركتان الإصلاحيتان الرئيسيتان بعد المظاهرات الاحتجاجية الكبيرة التي تلت الاقتراع الرئاسي في 2009 وأغرقت الجمهورية الإسلامية في واحدة من أخطر الأزمات السياسية في تاريخها.

ولم يسجل أي حادث أمس الجمعة، عدا عن توقيف نحو عشرة أشخاص في محافظة طهران قالت الشرطة إنهم كانوا يعدون للقيام بأعمال تخريب، من دون توضيحات. وجرت المعركة الانتخابية خصوصا بين المحافظين المنقسمين في مجموعة من التحالفات الظرفية التي تتبنى برامج غير واضحة. وأبرز كتلتين متنافستين في الاقتراع هما الجبهة المتحدة للمحافظين القريبة من رئيس مجلس الشورى الحالي علي لاريجاني الذي ينتقد أداء الرئيس أحمدي نجاد ويدعو إلى «واقعية سياسية» أكبر، وجبهة ثبات الثورة الإسلامية التجمع الذي يضم محافظين يدافعون عن الرئيس بدرجات متفاوتة ويدينون سياسة خصومه التي يعتبرونها «لينة». ورغم مقاطعة المعارضة، فقد أدلى الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي بصوته.

ومن جانبه، أعرب الرئيس المحافظ المعتدل السابق أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي ابتعد عن النظام منذ 2009، عن أمله في أن «يلبي المجلس الجديد تطلعات المواطنين، ويأتي منسجما مع البطاقات التي وضعوها في صناديق الاقتراع».

وبعدما ذكرت بالقيود المفروضة على الحريات السياسية في البلاد، دانت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الاقتراع، معتبرة أنه «ليس عادلا» خصوصا بسبب انتقاء المرشحين البالغ عددهم 3400 من قبل النظام. ويفترض أن تعلن النتائج خلال يومين أو ثلاثة أيام، بحسب وزارة الداخلية.