فرنسا تغلق سفارتها.. وكاميرون: الأسد سيواجه «يوم الحساب» وسيدفع ثمن جرائمه

قادة أوروبا يؤكدون عزمهم على «ضمان تحميل الذين يرتكبون الأعمال الوحشية في سوريا مسؤولية ما يقترفون»

سورية تحمل بندقية آلية خلال مظاهرة ضد بشار الأسد في بلدة شمال سوريا أمس (أ.ب)
TT

وجه قادة الاتحاد الأوروبي تهديدا أمس لكل من شارك في الحملة الدموية التي تشهدها سوريا، بالمثول يوما ما أمام القضاء، حيث تحدث رئيس الوزراء البريطاني عن حالة من «همجية القرون الوسطى» تسود سوريا. ودعا كاميرون إلى «يوم حساب» يحاكم فيه النظام السوري ويحمل المسؤولية عن العنف خلال الانتفاضة على حكم الرئيس بشار الأسد.

وقال كاميرون للصحافيين لدى وصوله للمشاركة في اليوم الثاني من قمة لزعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل «نحتاج للبدء في جمع الأدلة الآن لأنه سيجيء يوم - مهما طال الوقت - لحساب هذا النظام الفظيع». وأضاف: «أرى أن ما يهم هو بناء الأدلة والصورة حتى نحاسب هذا النظام الإجرامي ونتأكد من محاسبته على جرائمه التي يرتكبها ضد شعبه».

وأضاف رئيس الوزراء البريطاني أن نظام الرئيس بشار الأسد «يذبح شعبه» حيث يكتب تاريخ مدينة حمص «بدماء مواطنيها». حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

ومن جهته أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إثر قمة للاتحاد الأوروبي في بروكسل أن بلاده قررت إغلاق سفارتها في دمشق للتنديد بـ«فضيحة» القمع الذي يمارسه النظام السوري ضد شعبه. وصرح ساركوزي أمام الصحافيين «قررت مع وزير الخارجية ألان جوبيه إغلاق سفارتنا في سوريا». وقال ساركوزي: «حمص تمحى من الخريطة.. هذا أمر غير مقبول على الإطلاق». وأضاف أن «المجلس (الأوروبي) ندد بأشد العبارات بما يحصل في سوريا وليس فقط في مكان وجود أشقائكم (...) لكن هذا الرمز بالتحديد غير مقبول» في إشارة إلى اقتحام حي بابا عمرو في حمص.

وأكد ساركوزي «أبلغنا المجلس الوطني السوري بدعمنا وقد أشار إليه المجلس الأوروبي وسنواصل اتخاذ المبادرات في مجلس الأمن الدولي لإزالة عدد من العراقيل». وتابع: «أؤيد إقامة مناطق إنسانية على الحدود السورية على الأقل للسماح باستقبال الهاربين من اضطهاد النظام السوري الذي لا بد أن يرحل».

وردا على سؤال عن إمكانية تسليم أسلحة إلى المعارضة السورية، قال ساركوزي إنه «يؤيد تقديم جرعة إضافية من المساعدة إلى الديمقراطيين في سوريا».

وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن العنف الذي يمارسه النظام السوري ضد شعبه «غير مقبول على الإطلاق». وأكدت عقب اختتام قمة الاتحاد الأوروبي أن الاتحاد سيبذل ما بوسعه حتى «يتم مستقبلا محاكمة الذين ينتهكون حقوق الإنسان بأقصى درجة، اليوم».

وطالب رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي في بيان قمتهم بالسماح بدخول منظمات الإغاثة إلى سوريا لتوصيل المساعدات.

واختتم قادة الاتحاد الأوروبي أمس قمة في بروكسل استمرت يومين، بإعلان أكد على عزمهم «ضمان تحميل أولئك الذين يرتكبون تلك الأعمال الوحشية في سوريا، مسؤولية ما يقترفون من أعمال». وتعهدوا أيضا بـ«التنسيق عن كثب مع أولئك الذين يعملون على توثيق هذه الجرائم المفزعة وتقديم العون لهم».

أعيدت صياغة البيان قبيل ختام القمة، ليعكس الموقف الأوروبي القوي إزاء ما يجري في سوريا، بحسب رئيس الاتحاد هيرمان فان رومبوي.

وأضاف أن السلطات السورية لن تتحمل المسؤولية فحسب بل سيكون عليها أن «تبرر تصرفاتها أمام دائرة قضائية».

كما أصدر القادة توجيهات لوزراء خارجيتهم بإعداد المزيد من الإجراءات العقابية لممارسة مزيد من الضغوط على النظام السوري.

وفرض الاتحاد الأوروبي بالفعل عقوبات استهدفت قطاع النفط والبنك المركزي السوري والطيران والحكومة والمعادن النفيسة وتجارة الأسلحة.

وجدد الاتحاد الأوروبي مطلبه بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد والوقف الفوري للعنف المفرط وانتهاكات حقوق الإنسان ضد الشعب السوري. وأعلن الاتحاد استعداده لتمويل مساعدات إنسانية للسوريين حال توافر الظروف الضرورية.

ويطالب دول الاتحاد الأوروبي من جديد الأسد بالتنحي، ويعرضون مساعدتهم على سوريا فور بدء عملية انتقال ديمقراطية. كما يعتزم الاتحاد الأوروبي الاعتراف بالمجلس الوطني السوري «ممثلا شرعيا للسوريين»، على غرار ما قام به وزراء خارجية دول الاتحاد هذا الأسبوع. وبالتوازي مع ذلك، تعتزم دول الاتحاد الأوروبي مطالبة هؤلاء الذين يسعون نحو «سوريا جديدة» من خلال الطرق السلمية إلى مزيد من الاتحاد. كما عبر قادة أوروبا في مسودة بيانهم عن استعدادهم لتفعيل صناديق المساعدات الإنسانية لصالح سوريا، حينما تسمح الظروف على الأرض بدخول منظمات الإغاثة المختلفة إلى المناطق المتضررة.

ودعا زعماء أوروبا كافة الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، خاصة الصين وروسيا، للعمل معا من أجل وقف العنف في سوريا، كما أبدوا دعمهم للمعارضة السورية في سعيها للحصول على «الحرية والكرامة والديمقراطية».

وتحت عنوان «صفحة الحقائق»، صدر عن المجلس الأوروبي بيان على هامش القمة، جاء فيه، أن الاتحاد الأوروبي استجاب وبشكل خاص للاحتجاجات التي بدأت في سوريا في مارس (آذار) 2011 ضد الحكومة، وطالب التكتل الموحد بضرورة وضع حد للعنف «المروع وغير المقبول ضد المدنيين»، وضرورة انسحاب الجيش السوري من البلدات والمدن المحاصرة وتنفيذ إصلاحات ذات مصداقية، وديمقراطية حقيقية وحوار وطني حقيقي وشامل، كما أدان بأشد العبارات انتهاكات حقوق الإنسان.

إلى ذلك أعلنت متحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عن عقد «منتدى إنساني» حول الوضع في سوريا، تشارك فيه منظمات إنسانية ودول ومنظمات إقليمية، الخميس المقبل في الأمم المتحدة في جنيف.

وقالت إليزابيث بيرز أمس لوسائل الإعلام إن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وجهاز المفوضية الأوروبية للمساعدة الإنسانية تنظم هذا «المنتدى الإنساني» حول حاجات السكان في سوريا.

وأضافت أن الاجتماع سيعقد في الثامن من مارس في جنيف. وأوضحت المتحدثة أن «المنظمات الإقليمية والدول الأعضاء والمنظمات غير الحكومية ستدعى» إلى المشاركة في المؤتمر.

وذكرت المتحدثة أن المنتدى «اجتماع تقني وعملي» يهدف إلى «مناقشة الوضع الإنساني» في سوريا و«تقويم المساعدة الراهنة والتخطيط لما يمكن القيام به». حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

كما ناشد مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان السلطات السورية أمس إلى احترام القانون الدولي بعد أنباء غير مؤكدة عن إعدام 17 شخصا دون محاكمات بعد دخول القوات السورية إلى حي بابا عمرو في مدينة حمص.

وقال روبرت كولفيل المتحدث باسم مكتب المفوضة العليا لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة «نحن قلقون بشأن الأنباء التي بدأت تخرج من حي بابا عمرو في حمص بعد سيطرة القوات السورية عليه بالأمس».

وأضاف أن مجلس حقوق الإنسان وصلته معلومات «تشير إلى تنفيذ مجموعة من الإعدامات الرهيبة التي تمت دون محاكمات» بعد سيطرة القوات السورية على حي بابا عمرو أول من أمس.

وأضاف: «نود أن نذكر السلطات (السورية) بمسؤولياتها بموجب القانون الدولي.. ومن المهم عدم وقوع أي عمليات انتقامية غير قانونية أو إعدامات دون محاكمة أو عمليات تعذيب أو عمليات اعتقال تعسفية». وقال: «لقد ارتكب ما يكفي من الجرائم في سوريا خلال العام الماضي».

وكان المجلس الوطني السوري المعارض حذر من عمليات انتقامية ضد سكان حي بابا عمرو بعد اقتحام قوات الأسد له.

ومن جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس السلطات السورية إلى السماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا «من دون شروط مسبقة»، معتبرا أن الوضع في هذا البلد «غير مقبول ولا يمكن التساهل معه».

وقال بان كي مون في تصريح صحافي «أطلب منهم بإلحاح أن يضعوا حدا للعنف، وأن يسمحوا بإدخال المساعدات الإنسانية»، مضيفا «هذه المسألة في صدر أولوياتنا في الوقت الحاضر»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف «لكن ينبغي وقف كل أعمال العنف في الوقت نفسه».

وقال إن الأمم المتحدة تعمل جاهدة على تنظيم زيارة مسؤولة العمليات الإنسانية فاليري أموس إلى سوريا «في أقرب وقت ممكن»، لكي تجري تقييما للوضع الإنساني، معتبرا أن تصريحات المسؤولين السوريين الأخيرة «تشير على ما يبدو إلى أنهم يرغبون في استقبال فاليري أموس».

إلى ذلك قال الرئيس الأميركي باراك أوباما في مقابلة نشرت أمس إن أيام الرئيس السوري بشار الأسد «باتت معدودة»، مضيفا أن واشنطن تعمل على تسريع الانتقال الديمقراطي في سوريا.

وفي مقابلة مع مجلة «أتلانتك منثلي» قال أوباما «تقديراتنا تشير إلى أن أيام الأسد معدودة. ولم يعد الأمر يتعلق بإذا ولكن بمتى» سيسقط نظام الأسد. وأضاف: «والآن، هل نستطيع تسريع ذلك؟ نحن نعمل مع المجتمع الدولي لمحاولة القيام بذلك».

وأقر أوباما أن سوريا أكبر وأكثر تعقيدا من ليبيا، وأن دولا كروسيا تعرقل اتخاذ أي عمل في الأمم المتحدة.

إلا أنه أشار إلى الجهود التي تقوم بها الولايات المتحدة من خلال مجموعة «أصدقاء سوريا» لإيصال المعونات الإنسانية إلى المدن التي تتعرض لهجمات القوات السورية.