القصير بلدة محاصرة من دون إمدادات تنتظر هجوم قوات النظام

عجوز: اضطررت لإحراق أحذيتي من أجل التدفئة

TT

في تقرير ميداني تصف «رويترز» حالة بلدة سورية تحت الحصار وتقول: عندما يتوقف القتال في بلدة القصير السورية يسود إحساس بأن البلدة خالية من البشر، وتشق دراجة نارية غريبة الصمت محدثة ضجيجا أثناء عبورها، رجال جالسون أمام المتاجر يتبادلون الهمسات. طفلة تضحك وتختبئ في زقاق.

ولكن عندما يبدأ إطلاق نيران المدفعية والبنادق يسيطر ضجيج الحرب على البلدة، ويطوي الرجال مقاعدهم والأطفال يختبئون في داخل البيوت. ويتصاعد دخان أسود في السماء.

وتفرض الدبابات والقوات السورية حصارا على هذه البلدة التي يقطنها نحو 40 ألفا لما يقرب من 6 أشهر مما قطع الإمدادات العادية للغذاء والوقود، ويجري تهريب الدواء من لبنان المجاور الذي تبعد حدوده 12 كيلومترا إلى الجنوب من البلدة حسب رويترز.

وتعطي القصير لمحة عن تحول حركة احتجاج على حكم الرئيس السوري بشار الأسد بدأت سلمية ثم أصبحت أكثر عنفا وطائفية وتكلفة بالنسبة للأوضاع الإنسانية.

وأصبح الخبز، وهو سلعة أساسية في سوريا، أكثر شحا في بلدة القصير. وبات وصول زيت التدفئة الذي تشتد الحاجة إليه لدرء برد الشتاء أكثر صعوبة والمكاتب الحكومية مغلقة مما يصيب الحياة في البلدة بالشلل حيث يعمل كثيرون موظفين لدى الحكومة، وقال رجل أعمال معروف في البلدة عرف نفسه باسم الدكتور عباس: في القصير اليوم يمكنك القول بأن الغني والفقير أصبحا سواء، يأكلون الطعام نفسه ويرتدون الملابس ذاتها، واستطرد الرجل الذي كان يجلس في غرفة تقليدية لاستقبال الضيوف: لا توجد بنوك ولا رواتب، لا مستشفيات لا مدارس، كل شيء متوقف.

ويصعب على السكان الوصول إلى وسط بلدة القصير، ويحتل مئات الجنود المستشفى الرئيسي، واحتل قناصة أسطح مباني المدارس القريبة يطلقون الرصاص على أي شخص يقترب، وتطوق البلدة نقاط تفتيش تحرسها دبابات.

وكل صباح يصطف الناس خارج المخبز الوحيد الذي لا يزال مفتوحا ويتجمعون تحت سقف خرساني هربا من برد الشتاء القارس.

قال ميكانيكي سيارات عمره 25 عاما: إن اسمه وائل وهو يشير إلى أطفال يضعون على رؤوسهم قبعات سميكة من الصوف ودسوا أياديهم في معاطفهم: لا يمكنك العيش في تلك السترات، ماذا يفعل هؤلاء الصغار، واستطرد قائلا: بشار الأسد أخذ البنزين والديزل ووضعهما في الدبابات، لم يصل أي منهما إلى الناس، وقاطعه رجل عجوز وصرخ قائلا: اضطررت إلى إحراق أحذيتي في الموقد لتدفئة أطفالي، والمتاجر أغلقت أبوابها. فلم يعد هناك الكثير لتبيعه، وقليل من الناس لديهم نقود لينفقوها.

وقال أبو علي، وهو صاحب متجر: إن الحصار الذي فرضه الجيش منعه من الوصول إلى الموردين المحليين مما أدى إلى ارتفاع الأسعار، فسعر كيلو الأرز بلغ 75 ليرة سورية بعد أن كان 50 ليرة، وارتفعت أسعار السلع والبضائع بدءا من العدس حتى حفاضات الأطفال بمعدلات مماثلة، وقال وهو يقف في متجره المعتم الذي توجد على أرففه علب البسكويت والتونة المعلبة وأكياس المعكرونة: كل شيء يصنع هنا حولنا.

وفي الخارج علت بسمة حزينة وجه نجار عجوز عند سؤاله عن أحوال عمله وقال وهو يصب كوبا من القهوة الغامقة لضيفه: لا يوجد عمل... نعيش ساعة بساعة.

وتعتمد القصير في غياب الشرطة والمستشفيات والمدارس وأي علامة أخرى على الحكومة الرسمية أكثر فأكثر على أناس مثل عباس رجل الأعمال الذي يترأس عادة الاجتماعات المحلية لبحث كيفية الحفاظ على سبل الحياة في البلدة، ويعمل عباس أيضا على إصلاح العلاقات بين الطوائف التي يوجد فيها كبقية الأنحاء في سوريا أقلية من العلويين والمسيحيين يعيشون وسط أغلبية من السنة.

ويعتقد كثير من السنة أن هاتين الأقليتين استفادتا من حكم حزب البعث الذي يتزعمه الأسد، ويقول السكان إن العلاقات بين السنة والمسيحيين مستقرة إلى الآن، بينما القليل من المئات من العلويين منغلقون غالبا على أنفسهم.