البرلمان المصري يبدأ إجراءات اختيار «تأسيسية» الدستور ويعلنها في 24 مارس

غاب المشير عن الجلسة.. وخلافات هادئة بشأن تشكيلها

مصرية تمر بجانب رسم جداري ازدان بآيات قرآنية كريمة ورسم يوضح الشيخ عماد عفت الذي لقي حتفه في اشتباكات ميدان التحرير في ديسمبر الماضي (أ.ب)
TT

وسط تساؤلات حول أسباب غياب المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم في مصر، اجتمع أمس الأعضاء المنتخبون في البرلمان بغرفتيه («الشعب» و«الشورى») لوضع قواعد اختيار مائة عضو لتشكيل الجمعية التأسيسية لكتابة دستور جديد للبلاد، وانتهت الجلسة المشتركة أمس بتحديد جدول زمني ينتهي باختيار أعضاء تأسيسية الدستور في 24 مارس (آذار) الحالي.

وكشفت مقترحات رؤساء الكتل البرلمانية وبعض المستقلين خلال الجلسة الإجرائية عن تباين في الرؤى قد تزيد من صعوبة الانتهاء من كتابة الدستور قبل انتخاب رئيس الجمهورية في 23 مايو (أيار) المقبل.

وخلال العام الماضي أطيح بنائبين لرئيس الوزراء حاولا وضع قواعد لاختيار أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور، حيث تمسكت الأحزاب الإسلامية بنص الإعلان الدستوري الصادر نهاية مارس الماضي، الذي أناط بالبرلمان اختيار الجمعية، وهو ما زاد من شكوك القوى الليبرالية حول رغبة الإسلاميين في الهيمنة على الجمعية لإصباغ الدستور الجديد بصبغة إسلامية.

وغاب المشير طنطاوي عن حضور الجلسة المشتركة التي كان مقررا أن يلقي فيها كلمة كما جرت العادة. وترددت أنباء عن أن المشير قرر في آخر لحظة الغياب عن الاجتماع المشترك لأسباب أمنية وعلى ضوء التطورات التي جرت مؤخرا في القضية المعروفة باسم «قضية التمويل الأجنبي»، بعد سماح السلطات بسفر متهمين أجانب فيها.

وبدا لافتا إصرار الدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب على أنه من طلب بعقد الجلسة في قاعة المؤتمرات بمدينة نصر، شرق القاهرة، وهو أمر يخالف نص دستور 1971 الذي حكم البلاد خلال العقود الأربعة الماضية وتم تعطيله منذ سقوط الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير (شباط) من العام الماضي.

ولم يعكس الهدوء الذي ساد الجلسة المشتركة للمجلسين أمس التعقيدات التي تنتظر البرلمان في ضوء الاختلافات التي أظهرتها مقترحات رؤساء الكتل البرلمانية وعدد من المستقلين، لكن مراقبين قالوا إن حزبي الحرية والعدالة والنور الإسلاميين سوف يحسمان الأمر عبر التفاوض بشأن نسبة أعضاء البرلمان داخل الجمعية التأسيسية.

واقترح حزب الحرية والعدالة (حزب جماعة الإخوان المسلمين) الذي يملك الأغلبية في غرفتي البرلمان أن تتشكل الجمعية التأسيسية من 40 في المائة من أعضاء البرلمان و30 في المائة من النقابات والهيئات و30 في المائة من الرموز الوطنية والفكرية.

في المقابل، لا يزال حزب النور السلفي الأكثر تشددا، بحسب المراقبين، يحاول تعديل النسبة ليحظى أعضاء البرلمان بنسبة 60 في المائة من عضوية الجمعية التأسيسية، فيما تضغط أحزاب إسلامية أخرى في تحالف مع حزب النور لأن تقتصر عضوية الجمعية على أعضاء البرلمان.

وطالب نواب ليبراليون بأن يتم خفض مشاركة أعضاء البرلمان إلى 30 في المائة، لكن كتلتهم في غرفتي البرلمان لن تسمح بتمرير مقترحهم أو الحيلولة دون تمرير مقترحات الأغلبية الإسلامية.

ولمح عدد من المستقلين الليبراليين إلى ضرورة معالجة أزمة غياب تمثيل المسيحيين المصريين والمرأة في البرلمان، خاصة في ظل أزمات طائفية متلاحقة.

وانتهى اجتماع مجلسي الشعب والشورى إلى تشكيل لجنة تختارها اللجنتان العامتان للمجلسين، لتبويب المقترحات المقدمة من أعضاء البرلمان ومن خارجه، حتى يوم الخميس المقبل، على أن تقدم المقترحات جميعها للبرلمان يوم الثلاثاء 13 من الشهر نفسه، ليعقد المجلسان جلسة مشتركة في 17 الحالي للاتفاق على المعايير التي سيتم اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية بموجبها بشكل نهائي في 24 مارس.

ويقول مراقبون إن إشكالية وضع المؤسسة العسكرية في الدستور الجديد ربما تكون أبرز العقبات أمام الجمعية التأسيسية. وكانت حكومة الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء السابق قد تقدمت بمقترحات لمبادئ حاكمة للدستور الجديد احتوت على نصين يحصنان المؤسسة العسكرية ويمنحانها سلطات لم تحزها في دساتير مصر السابقة، وهو ما دفع قوى سياسية لتنظيم مظاهرة احتجاجية حاشدة في ميدان التحرير منتصف العام الماضي.

ويفترض أن تنتهي الجمعية التأسيسية من كتابة الدستور الجديد وتجري استفتاء شعبيا لإقراره قبل مطلع يوليو (تموز) المقبل، حيث من المقرر أن يتسلم رئيس البلاد الجديد مهام منصبه، التي لم تتحدد بعد، في انتظار الانتهاء من إعداد الدستور.