المجلس البلدي اليهودي للقدس يستخدم كاميرات جوية لرصد أي بناء فلسطيني جديد

الضرائب تقصم ظهر المقدسيين.. سكنوا المدينة أم لا

جبل الزيتون وقبة الصخرة المشرفة في القدس المحتلة (رويترز)
TT

يطارد المجلس البلدي اليهودي في القدس المحتلة، مواطني المدينة من الفلسطينيين، بشكل مستمر، في مناح مختلفة، ويضيق عليهم سبل الحياة.. لا يمنحهم التراخيص اللازمة للبناء، ولا يسمح لهم بالبناء من دون تراخيص، وتهدم المنازل التي تبنى بهذه الطريقة، وفي المقابل فإنه يطالبهم بعنوان منزل في القدس، وبضرائبه المعروفة باسم «الأرنونا»، وإلا فإن الثمن سيكون سحب الهوية والطرد من المدينة.

ويخوض هذا المجلس حربا لا هوادة فيها على المقدسيين، واستعان مؤخرا بخبرات رجال الاستخبارات العسكرية في الكشف عن أبنية غير مرخصة أو لا تدفع ضرائبها. وجندت البلدية رجال الاستخبارات وكاميراتهم الجوية في هذه الحرب.

وقالت أسبوعية «يروشاليم» الناطقة باللغة العبرية، إن المجلس البلدي اليهودي في القدس بدأ مؤخرا في الاستعانة برجال سلاح الاستخبارات العسكرية وبرامجهم التقنية المتطورة بهدف كشف النقاب عن الأبنية الجديدة في القدس الشرقية وتحديد ملكيتها. والهدف الأخير، إما هدم المنازل التي بنيت من دون ترخيص، وإما إجبار السكان على دفع ضريبة الأملاك «الأرنونا».

واستخدم المجلس البلدي برنامج تصوير جوي متطور تستخدمه شعبة الاستخبارات، بهدف معرفة عدد المنازل والوحدات السكنية القائمة في القدس الشرقية، وعمل على البرنامج عدد لا بأس به من خريجي شعبة الاستخبارات العسكرية، الذين قاموا بتصوير جوي ثلاثي الأبعاد، ورسموا خرائط للمدينة وأحيائها، ونقلوا نتائج دراستهم إلى كبار المسؤولين في البلدية الأسبوع الماضي. وجاءت النتيجة، كما يريد المجلس البلدي، الكشف عن وجود نحو خمسة آلاف وحدة سكنية غير مدرجة على قوائمه. وكانت معطيات المجلس البلدي تشير قبل التصوير الأخير إلى وجود نحو 51 ألف وحدة سكنية في القدس الشرقية، وبواسطة التصوير التكنولوجي الجديد تم تحديد نحو 23 ألف منزل بأكثر من 56 ألف وحدة سكنية. وقالت مصادر في المجلس البلدي «يتضح من هذه الأرقام أن نحو 5 آلاف وحدة سكنية في القدس الشرقية لا تدفع عنها رسوم أرنونا». وأضافت المصادر «المرحلة القادمة هي العثور على أصحاب هذه الوحدات السكنية».

ويقول المجلس البلدي إنه تتوفر لديه معطيات أولية عن أصحاب هذه الوحدات وأماكن وجودهم، ويؤكد أنه سيبدأ في فترة قريبة عمليات مطابقة بين العقار ومالكه. وبحسب المصادر فإن هدف هذا المشروع هو ربط السكان بعقاراتهم من أجل توفير الخدمات البلدية، لكن الفلسطينيين ينظرون للأمر من زاوية أخرى.

وقال فخري أبو دياب، رئيس لجنة الدفاع عن حي سلوان، لـ«الشرق الأوسط»: «إنهم يريدون فرض الأرنونا التي تعتبر وسيلة أخرى لتطفيش الفلسطينيين». وأضاف أن «الهدف الحقيقي هو الضغط على الفلسطينيين عبر زيادة الضرائب». ورغم أن البلدية تفرض «الأرنونا» على الفلسطينيين والإسرائيليين أيضا، فإن أبو دياب يتحدث عن فروق مهمة. وأوضح أن «الإسرائيليين يمكن أن يسكنوا في أي مكان وفي أي منزل مستولى عليه حتى، وليسوا مضطرين للسكن في منطقة محددة ضمن حدود البلدية مثل الفلسطينيين، بالإضافة إلى أنهم يحصلون على محفزات كبيرة من الحكومة، كما أن الضرائب عليهم أقل ومربوطة بنوعية الخدمات، بينما الضرائب على الفلسطينيين أعلى وعليهم أن يدفعوها بغض النظر حصلوا على الخدمات أم لا. أضف على ذلك كله أن متوسط الدخل للفرد الإسرائيلي أعلى بكثير».

ويستند الإسرائيليون إلى قانون «مركز الحياة» الذي سن في أواخر عام 1998، وينص على أن تتحول القدس إلى مركز حياة أي مواطن فلسطيني.. فمثلا إذا كان عمل شخص ما في القدس وكان يبيت في منطقة الرام القريبة أو رام الله فإن مركز حياته لا يعتبر القدس ويتم سحب المواطنة منه، والعكس صحيح. وقال فلسطينيون يعملون أو يبيتون في الضفة الغربية بسبب ارتباطهم بعائلاتهم أو أماكن عملهم، إنهم مضطرون لاستئجار منازل في القدس ودفع الأرنونا من دون أن يسكنوها، حتى لا يفقدوا حق الإقامة هناك وهذا يكلفهم الكثير والكثير. وشرح ضياء لـ«الشرق الأوسط» كيف يضطر لاستئجار منزل في القدس من أجل الحفاظ على هويته وعائلته. وقال «أعيش في الضفة مع عائلتي وأعمل هنا، غير أني مضطر كل صباح لإرسال الأولاد إلى مدارس القدس ومضطر لدفع مبالغ كبيرة سنويا بدل إيجار منزل وأرنونا، حتى أرسل رسالة مفادها أني هنا (في القدس)». وأردف «هذا مرهق ومتعب للغاية لكني لا أنوي التنازل عن حق الإقامة في القدس».

ومثل ضياء هناك المئات، بعضهم نجح وبعضهم اكتشف أمره وسحبت هويته. وقال أبو دياب «هؤلاء مضطرون لدفع بدل إيجار على الرغم من غلاء المساكن في القدس، ومضطرون لدفع الأرنونا عن خدمات لا يتلقونها، هذا جزء من اللعبة الإسرائيلية ودفع الناس لترك المدينة». وأضاف «إنه عبء إضافي لا يقدر عليه كثيرون». واستطرد «أضف إلى ذلك الضرائب التي تدفع مقابل أي خدمات اجتماعية أو صحية، الضرائب تقصم ظهر الناس، لكنهم سيظلون صامدين. لا خيارات أخرى».