سكرتير عام حزب كومله الإيراني الكردستاني: النظام يتخبط.. ويدرك أن نهايته بعد الأسد

مهتدي لـ «الشرق الأوسط»: نريد من الجامعة العربية والسعودية مساعدتنا.. والغرب لم يدعم الحركة الخضراء كما فعل مع ربيع العرب

عبد الله مهتدي (تصوير: حاتم عويضة)
TT

تتطلع المعارضة الإيرانية قدما إلى سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذي أخذت قبضته تهتز في إدارة دفة الحكم مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية المطالبة برحليه. وتسعى المعارضة في هذه المرحلة إلى تجاوز خلافاتها ورص صفوفها استعدادا للأيام القادمة، حيث تعتقد أن انهيار نظام الجمهورية الإسلامية في إيران واقع لا محالة، عاجلا أو آجلا، بعد سقوط نظام دمشق. ووصل إلى العاصمة البريطانية لندن السكرتير العام لحزب كومله الإيراني الكردستاني المعارض عبد الله مهتدي لإجراء لقاءات مع بقية أطراف المعارضة، وقال إن النظام يعمل ما باستطاعته لإنقاذ حليفه الأسد، وإنه يدعمه ماديا ومعنويا وبالأسلحة والخبرات، حتى إن قاسم سليمان رئيس فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني زار دمشق مؤخرا.

ويرى مهتدي، الذي التقته «الشرق الأوسط» خلال زيارته إلى لندن، أن قوة النظام في طهران تتزعزع هي الأخرى، وأنها ليست كما كانت عليه قبل عامين، وأن الخلافات الداخلية في تصاعد لدرجة أن المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي أرسل نجله مجتبى للقاء زعيم المعارضة الإصلاحية في إيران مير حسين موسوي لحثه على العدول عن مواقفه لإنقاذ الأوضاع في البلاد.

ودعا المسؤول الكردي، الذي يتخذ من مدينة السليمانية، في إقليم كردستان العراق، مقرا دائما له، المجتمع الدولي والجامعة العربية إلى مد يد العون للمعارضة الإيرانية لمساعدتها في تحقيق أهدافها المنشودة بالقضاء على النظام، مؤكدا أن التغيير يجب أن يكون من الداخل بدعم خارجي، وألا تترك المعارضة الإيرانية بمفردها مثلما حصل عام 2009 عندما تردد الغرب في دعم الحركة الخضراء المعارضة التي انطلقت في أعقاب إعادة انتخاب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في ذلك العام.

كما أشار مهتدي إلى أن إيران تغلي، وأن الشعب الإيراني يعاني من البطالة وانهيار العملة والتضخم، وأن هناك حالة استياء عامة. وفي ما يلي نص المقابلة:

* أرى المعارضة الإيرانية متحمسة لإسقاط النظام السوري، لماذا ذلك برأيك؟

- أريد أولا أن أذكر أن عشرات الأطراف من المعارضة الإيرانية بعثت برسالة إلى المعارضة السورية والمجلس الوطني السوري، أعلنّا من خلالها تضامننا مع الحركة الديمقراطية في سوريا والانتفاضة ضد النظام السوري، وفي هذه الرسالة ذكرنا أنه بينما النظامان الإيراني والسوري «إخوة في السلاح»، فإن موقف الشعب الإيراني مغاير تماما لموقف النظام، فنحن ندعم الشعب السوري والحركة الديمقراطية لإسقاط نظام الأسد. ونحن نعتقد أن إسقاط الأسد ليس مهما للشعب السوري فقط، بل سيكون له تأثير مباشر على الإيرانيين أيضا، فالجميع يعلم أن نظام الأسد يعتبر أشد حلفاء طهران، ولهذا فإن سقوطه سيشكل ضربة قاصمة للنظام الإيراني. وفي حال انتصار الحركة الديمقراطية في سوريا فإننا متأكدون أنها ستتحالف في ما بعد مع الشعب الإيراني وليس مع الديكتاتورية في إيران. والأمر الآخر أن سقوط نظام الأسد سيقطع الاتصال المباشر بين إيران وحزب الله في لبنان. إن سوريا تتمتع بأهمية استراتيجية في المنطقة بأجمعها، ونحن كأكراد وكحزب كومله وبقية أحزاب المعارضة الإيرانية نتطلع قدما إلى التغيير في سوريا، ونحن ندعم خطة الجامعة العربة للإطاحة ببشار الأسد، وهي خطة حكيمة لإحداث تغيير في سوريا من دون وقوع حرب أهلية، لكنني أعتقد أن الأسد سيقاتل حتى اللحظة الأخيرة، ولهذا على الجامعة العربية والمجتمع الدولي أن يتخذا خطوات جادة أخرى في هذا الصدد.

* ما الفائدة التي ستجنيها المعارضة الإيرانية بشكل مباشر من سقوط الأسد؟

- الخطوة ستشكل دعما معنويا قويا للإيرانيين في نضالهم ضد الديكتاتورية في إيران من أجل الديمقراطية، كما أنها ستزعزع معنويات النظام الإيراني، حتى إنها ستجعل الخلافات الداخلية بين القادة الإيرانيين أنفسهم أكثر حدة، فعندما يسقط النظام السوري فإن ثقة النظام الإيراني بنفسه ستتراجع، وسيتساءل قادته ما الخطوة التالية؟.. فهم يعلمون أنه لا مفر من أن النظام الإيراني سيكون التالي بعد انهيار نظام الأسد، وأنه لا مستقبل له، وأن الديكتاتورية القادمة التي ستنهار هي ديكتاتورية خامنئي وأحمدي نجاد، ولهذا فإنهم سيتخبطون وستهبط معنوياتهم، وستزداد خلافاتهم حول ما يجب فعله. وهذا بدوره سيعزز المعارضة الإيرانية ويقوي عزيمتها في قتالها ضد خامنئي ورجاله.

* هل تعتقد أن الخيار الثاني لدى النظام الإيراني بعد الإطاحة بالأسد سيكون العراق لتنفيذ مخططاته في المنطقة؟

- التأثير الإيراني موجود فعلا في العراق، وفي الحقيقة أن خسارتهم في سوريا ستجعل العراقيين يفكرون مرتين ويتساءلون: هل من الحكمة أن نكون حلفاء الآن للنظام الإيراني؟ إن سقوط الأسد سيشكل ضربة للوجود الإيراني في العراق الذي عندئذ سيفهم أن إيران لم تعد بقوتها السابقة كما أنها معزولة، ولهذا سيعمد (العراق) إلى النأي بنفسه عن النظام الإيراني.

* هل لديكم معلومات عن دعم إيراني مباشر للنظام في سوريا لمواجهة الانتفاضة؟

- ليست لدي معلومات دقيقة، لكن من المعروف أن النظام الإيراني يدعم الأسد ماديا وعسكريا وأمنيا ومن خلال الأسلحة والتجهيزات العسكرية وتقديم نصائح أمنية وعسكرية، كما أن قاسم سليماني زار سوريا أيضا. وهم يقولون دائما إن دمشق بالنسبة لنا مثل طهران، ولهذا يفعلون ما بوسعهم لإنقاذ النظام.

* التقينا قبل نحو عام من الآن وعبرتم عن اعتقادكم أن النظام الإيراني سينهار لا محالة.. لكن الجميع يرى أن الإيرانيين لم يحركوا ساكنا ولم يلحقوا بالربيع العربي.. لماذا هذا برأيك؟

- هناك استياء كبير في إيران من النظام، أولا هناك مشاكل اقتصادية عميقة، ناهيك عن التضخم والبطالة المتفشية، كما أن العملة الإيرانية تفقد قمتها، ثانيا أن إيران معزولة الآن أكثر من أي وقت مضى إقليميا ودوليا بسبب العقوبات الاقتصادية والسياسية. والعالم العربي شبه معارض كليا للنظام الإيراني. وهناك أيضا صراع داخلي حقيقي وتنافس بين القادة الإيرانيين أنفسهم، بين أحمدي نجاد وخامنئي وشرائح ومكونات أخرى وجماعات. والحقيقة أن النظام بدأ يتفتت، فالجميع يقاتل بعضهم بعضا الآن، والوضع ليس كما كان عليه الحال قبل عامين، حتى إن بعض كبار القادة العسكريين السابقين والحاليين يكتبون رسائل صريحة لخامنئي ينتقدونه خلالها، وهذا أمر جديد تماما في إيران يبين أن قوة خامنئي أخذت في التلاشي. وأود أن أشير هنا إلى أن خامنئي أرسل نجله مجتبى إلى منزل موسوي في محاولة لإقناعه بالعدول عن مواقفه. إيران تغلي في الداخل، والنظام يتحلل، وأنظار الجميع تتجه للمستقبل. ولهذا من المهم مراقبة الأوضاع في إيران وتطوراتها والاستعداد حتى تحين اللحظة المناسبة.

والعنصر المهم أن المعارضة الإيرانية تقترب من بعضها بعضا بشكل أكبر بكثير، وهناك فرصة أنه خلال الأشهر القليلة القادمة أو ربما خلال العام ربما نشكل تحالفا لقوات إيرانية مسلحة. ونحن كأكراد عموما وحزب كومله خصوصا نلعب دورا محوريا في توحيد صفوف المعارضة.

* من هي المعارضة الإيرانية التي تتحدثون عنها؟

- هناك أطراف عدة، ونحن لدينا علاقات مع الحركة الخضراء وناشطيها، وكذلك مع الجمهوريين الديمقراطيين وشخصيات تؤيد الملكية في إيران، كما أننا قريبون جدا من بقية الأقليات الإثنية مثل البلوش والعرب والأذربيجانيين. وكان لدينا مؤخرا اجتماع ناجح في استوكهولم نعتبره خطوة إلى الأمام. فقد حضرته نحو 50 جهة من أطراف المعارضة، وتوصلنا إلى توقيع ورقة حول الهدف الرئيسي للمعارضة ألا وهو رص الصفوف. وسيكون هناك مؤتمر آخر في واشنطن في أبريل (نيسان) المقبل يجمع المعارضة. كما أن هناك العديد من اللقاءات والحوارات حاليا، وبإمكان الأكراد لعب دور محوري في هذا الصدد، لأن لديهم قاعدة شعبية كبيرة في إيران، ولأنهم ليسوا مجرد معارضة في الخارج.

* ما مشكلة المعارضة الإيرانية، أي لماذا تواجه مشاكل في أن تتعاون لمواجهة النظام؟

- أغلب مشاكل المعارضة الإيرانية تعود إلى خلافات في الماضي، لكن المزاج يتغير، والكل الآن مؤمن بمشاركة الجميع في الحوار الوطني في إيران، فالكل يعلم أنه حان وقت التعاون بدءا بالحركة الخضراء مرورا بالجمهوريين والأكراد وأنصار الملكية والملكة الدستورية، فالكل يريد تغيير النظام. والسبب الآخر، هو أننا لم تتوافر لنا الفرصة لممارسة الديمقراطية في بلادنا وعرض برامجنا السياسية. وبالتأكيد هناك خلافات آيديولوجية بين البعض، لكني أعتقد أنه يجب أن نضع خلافاتنا جانبا من أجل إيران ديمقراطية.

* إذا كان سقوط النظام الإيراني واقعا لا محالة فما هو السيناريو الذي تتوقعونه، هل هو مشابه لما حصل في ليبيا أو مصر مثلا؟

- نحن لا نريد ضربة عسكرية، لكننا نطلب من المجتمع الدولي دعم الإيرانيين والمعارضة في نضالها ضد النظام. وإذا تم ذلك بدعم حقيقي سياسيا ومعنويا وإعلاميا فإن هذا سيكون سبيلا محتملا للتغيير في إيران، من خلال تغيير النظام لا إجراء إصلاحات عليه. ونحن كأكراد وحزب كومله نعتقد أن أغلب العمل يجب أن يتم من قبل العالم العربي، فنحن لدينا مشتركات كثيرة، وحسب فهمنا يجب أن يولي العرب اهتماما للمعارضة عموما والكردية كذلك في إيران.

* هل طلبتم مساعدة عربية؟

- حسنا، ربما طلبنا بصورة غير مباشرة، ولكن ربما في المستقبل سنفعل.

* من تقصدون بالعرب.. هل الجامعة العربة أم السعودية أم دولة أخرى؟

- نعم الجامعة العربية والسعودية، فالنظام الإيراني تهديد لشعبه والإقليم والعالم، ولهذا يجب على العالم التعاون لمواجهته، ووضع إسقاط النظام الإيراني على أجندته، ودعم المعارضة.

* ما نوع الدعم الذي تريدونه من المجتمع الدولي؟

- ما نريده أولا وسيلة إعلامية مستقلة مؤثرة جدا تتحدث باسم المعارضة، هذه خطوة مهمة جدا نحن غير قادرين على تحمل تكاليفها، ولدينا وسائل إعلامية حاليا لكن هذا غير كاف. نحن بحاجة إلى قناة فضائية فاعلة كقناة العربية مثلا، جميعنا يعلم كم كانت العربية والجزيرة مؤثرتين في الثورة في ليبيا ومصر وحتى سوريا. ونحتاج ثانيا اعترافا ودعما سياسيا مثلما يحصل مع المعارضة السورية، فالجامعة العربية وأميركا والدول الأوروبية تقترب من المعارضة السورية شيئا فشيئا، وبطريقة ما تعترف بها وتحاول إقناعها بالتوحد وبالاقتراب من بعضها بعضا ودعمها سياسيا وماديا. نحن لسنا بحاجة لضربة عسكرية. لو أن الغرب كان قد دعم الحركة الخضراء قبل عامين كما يدعم الآن الثورات العربية لكان الأمر مختلفا. لكن الغرب لم يدعم الحركة الديمقراطية في إيران قبل عامين لأن الاعتقاد السائد آنذاك كان أن التفاوض ما زال ممكنا مع إيران، لكن الأيام أثبتت أن هذه السياسة خاطئة. دعونا نترك الأماني جانبا، فالنظام الآن يعمل على كسب الوقت، وهو ليس صادقا في أقواله، وخير دليل الهجمات الإرهابية في جورجيا والهند وتايلاند، وحتى في الولايات المتحدة عندما حاولوا اغتيال السفير السعودي في واشنطن (عادل الجبير). وهذا يعني أنهم ما زالوا يعتقدون أن بإمكانهم الإفلات من العقاب كما فعلوا لعقود مضت، وهذا يجب أن يتوقف، وعلى العالم أن يظهر حزما مع إيران، ولا يمكن التسامح معها مرة أخرى.

* لكن احتجاجات الحركة الخضراء في إيران لم تستمر زمنا طويلا كي تلوموا الغرب لعدم دعمها، فهي سرعان ما تلاشت؟

- احتجاجات الحركة الخضراء لديها نقاط ضعف، وأنا لا ألوم الغرب في كل الأمر. فقد كان هناك تقصير من قادة حركة الاحتجاجات، إذ إنهم لم يكونوا حازمين، ولم يضعوا قضية التحول نحو الديمقراطية في أجندتهم ولا تغيير النظام. وما أريد قوله الآن أنه على الغرب ألا يتردد في دعم التحركات المعارضة في إيران.

* يكثر الحديث هذه الأيام عن تكهنات حول ضربة عسكرية إسرائيلية ضد البرنامج النووي الإيراني، هل تدعمون توجيه مثل هذه الضربة؟

- لا.. لكن لنكن واقعيين. إنهم (الإسرائيليين) ينظرون بجدية للتهديدات الإيرانية، وإنهم يعتقدون أن قنبلة ذرية في إيران تهديد لوجودهم. وبرأيي أفضل طريقة لتفادي هذه المواقف تشجيع تغيير داخلي في إيران مثلما يحصل مع الربيع العربي وإحاطته بدعم من الخارج.

* لنتكلم عن الانتخابات الإيرانية.. ما المتوقع منها بغياب المعارضة والإصلاحيين؟

- الجميع قاطعها بدءا بالإصلاحيين والمعارضة وحتى السنة والأكراد، وهذه هي أول انتخابات في إيران يقاطعها الجميع تقريبا، حتى السيد (محمد) خاتمي الرئيس الإيراني السابق. بالطبع هو لم يقل بلسانه إنه سيقاطعها، لأن ذلك ممنوع قانونيا، لكنه قال «لن أشارك فيها»، وهذا يعني أنه يقاطعها. وحتى السيد هاشمي رفسنجاني (الرئيس الإيراني الأسبق) قال إنه ليس لديه حزب أو مرشح معين يدعمه، وهو ما يعني بطريق غير مباشرة أنه لن يشارك أيضا. وهذا مؤشر كيف أن القاعدة الشعبية للنظام ضاقت وتتقلص وهذا مؤشر إيجابي على التغيير. أنا أعرف النظام منذ 33 عاما، وهو لم يمر أبدا بما يمر به الآن، وهذا أمر جديد تماما وبين كيف أن خامنئي وأتباعه معزولون، ناهيك عن المنافسة الشديدة بين خامنئي وأحمدي نجاد وأتباعهما فهم لا يثقون ببعضهم بعضا.

* وما مقدار تأثير نتيجة الانتخابات البرلمانية هذه على الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل؟

- نعم سيكون هناك تأثير.. فقد قال خامنئي مرة إنه ليس بالضرورة أن يكون هناك رئيس للبلاد. ولهذا هناك خطط للمستقبل، فالبعض يتحدث عن إلغاء منصب الرئيس في الدستور واستحداث منصب رئيس للوزراء يعين من البرلمان وخامنئي نفسه. ولهذا ليس من المؤكد أنه ستكون هناك انتخابات رئاسية أصلا.