سفير بكين في الرياض: الموقف الصيني لا يعني تأييدا أو احتضانا للنظام السوري وكانت لنا لقاءات مع المعارضة

أعرب لـ «الشرق الأوسط» عن قلق بلاده من تصعيد عمليات العنف والقتل

السفير الصيني لدى المملكة
TT

كشف مسؤول صيني لـ«الشرق الأوسط» عن قيام بلاده باتصالات مكثفة مع المعارضة السورية, من خلال لقاءات ثنائية مع المعارضة تمت في الصين, مشيرا إلى غياب تجمع المعارضة السورية وتوحد موقفها, حيث يرفض معظمها، على حد زعمه، أي «تدخل خارجي, مع دعم الإصلاح السياسي بعيدا عن العنف». وشدد لي تشينغ، السفير الصيني لدى السعودية، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» على حث الصين الحكومة السورية من خلال مبعوثيها على ضرورة وقف العنف فورا ضد المدنيين, والبدء بعملية السلام والإصلاح السياسي, ودعوتها للنظام السوري إلى التعاون مع الجامعة العربية, بغرض إيجاد حل عربي, وتقديم المساعدات الإنسانية بأسرع وقت.

وأوضح أن الموقف الصيني لا يعني تأييدا أو احتضانا للنظام السوري الحالي, أو تحيزا إلى جانبه, وإنما لتجنب تعقيد الأمور أكثر, وإيقاف نزف الدم, لفتح باب الحوار السياسي, منوها باستمرار الصين في البحث عن حلول مشتركة في محاولة للتخفيف من حالة التوتر, إلا أنه، في الوقت ذاته، يجب ألا تكون الضغوط على طرف واحد، حسبما أفاد, فالضغوط يجب أن تمارس على كل الأطراف.

ووصف الملف السوري بالمعقد والحساس, داعيا إلى الاتزان والعمل المشترك لتحقيق أهداف مشتركة بوقف العنف والدفع لحل سياسي, وأن يضم الحوار جميع الأطراف لتحقيق مصالحة وطنية, مشددا على ضرورة احترام السيادة السورية, ومعارضتهم تغيير النظام من الخارج إلى جانب التدخل العسكري فيها, وجهود من الجامعة العربية لتقديم المساعدات الإنسانية.

وأعرب السفير الصيني عن قلق بلاده من تصعيد عمليات العنف والقتل في سوريا, قائلا «ندعو جميع الأطراف إلى وقف العنف, وعدم تصعيد الوضع الأمني», منوها بالجهود الصينية التي تبذل في الوقت الراهن لوقف العنف بشكل فوري, مع مطالبته المجتمع الدولي بضرورة ممارسة الضغوط على جميع الأطراف في داخل سوريا وخارجها للتمكن من إيجاد حل سياسي.

وأضاف قائلا إن على الأطراف كافة إعطاء السلام فرصة، حيث «لا تزال هناك فرصة ومجال للجهود المشتركة للوصول إلى السلام, تجنبا لمزيد من نزف الدماء والتدخل العسكري في سوريا».

وحول مقترح الجامعة العربية إرسال قوات حفظ سلام عربية – أممية مشتركة، أوضح السفير الصيني أنه، حتى اللحظة، ليست هناك مشاورات إضافية بهذا الخصوص وخطوات ملموسة, منوها بأن دفع هذا المقترح بحاجة إلى المزيد من المشاورات وتوفر بعض الشروط من قبل الأمم المتحدة, أبرزها موافقة سوريا على مثل هذا المقترح أولا وأخيرا.

أما بخصوص الموقف الصيني من إدخال قوات حفظ السلام الأممية، فأكد أن الصين ستؤيد أي خطوة أو إجراء يدفع إلى تحسين الأوضاع بسوريا, مشددا، بحسب ما صرح به، على أن الصين «لا ترفض أو تؤيد» قوات حفظ السلام, وهي حاليا تدرس بجدية الفكرة والإجراءات المطروحة لذلك على الطاولة.

وحول تكرار التجربة اليمنية في سوريا بتسليم بشار الأسد السلطة لنائبه، فقال إن المصالحة الوطنية اليمنية التي آتت نتاج جهود عربية وخليجية جبارة، بالأخص من قبل السعودية، إنما كانت بسبب توافق كلا الطرفين, داعيا إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار اختلاف ظروف الدول الداخلية.

ورأى أنه في حال كان الهدف من تسليم السلطة بسوريا تخفيف حدة التوتر والعنف وإبداء خطوات إيجابية, أو المساهمة في التخفيف من عمليات العنف - فهو أمر مقبول, مؤكدا أنه كلما زاد نزف الدم فإن المسألة السورية ستزداد تعقيدا, آملا بذل المزيد من الجهود الداخلية بسوريا إلى جانب التعاون الدولي لدفع عملية السلام بتقديم النصائح لكل الأطراف. وأفاد لي تشينغ بتقديم الجامعة العربية للنظام السوري نصائح متعددة، كان من بينها تفويض صلاحياته لنائب له، إلا أن لبشار الأسد، بحسب ما ذكر, حرية الاختيار من بين هذه النصائح أو عدمه, وليس فرض تغيير النظام بالقوة. وبرر السفير الصيني موقف بلاده في الاجتماع الأخير الخاص الذي يمثل حقوق الإنسان, بأن حماية حقوق الإنسان للشعب السوري لن تكون إلا من خلال وقف العنف، وبالأخص ضد المدنيين, الأمر الذي سيساعد وحده في عودة الاستقرار, معتبرا ذلك شرط مسبقا وأساسيا لضمان تحقيق حقوق الإنسان للسوريين, إلا أن سياسة فرض الضغط على طرف معين، بحسبه, غير مفيدة في التخفيض من حدة التوتر, أو تحقيق حماية حقوق الإنسان, مطالبا مجلس حقوق الإنسان بضرورة العمل بصورة عادلة وموضوعية, لا أن تكون اختيارية «منحازة».

وحول الصفقات البينية (الصينية – السورية) بشأن التسلح, فأفاد بأن التبادل العسكري بين الدولتين بدأ منذ سنوات كثيرة, وتأتي منسجمة مع القواعد الدولية, في إطار الدفاع عن سيادة الدولة السورية ووحدتها وليس ضد الشعب, مشيرا إلى أنه إن كانت هذه الصفقات لا تزال موجودة مع الجانب السوري فهي ضئيلة جدا.

وأضاف أن الصين ستقف دون تسليح الحكومة والمعارضة, أو ما يشجع وقوع أي فوضى داخلية، قائلا «الصين لن تدعم ذلك», مستشهدا بالتصريح الروسي الأخير من أن روسيا لن تقدم أي سلاح للحكومة السورية في حال وقوع حرب داخلية.

وفي ما يتعلق بتقديم المساعدات الإنسانية الصينية إلى الأهالي في سوريا، أكد عدم وجود قرار صيني محدد في هذا الشأن, منوها باتخاذ بلاده القرار تبعا لمدى تطور الأوضاع وحسب الحاجة لذلك.