حيرة مراسلة صحافية في سوريا الأسد

المؤلفة روت كثيرا من النوادر التي تلقي الضوء على الجانب الأشد إظلاما من الحياة

TT

سل أي مراسل صحافي ناجح أين يحب أن يكون الآن، وسيجيبك على الفور «في سوريا»، حيث يدرك الصحافيون أنه يتعين عليهم التعامل مع نوعين من الأشياء هما الأحداث والاتجاهات الخفية. وتعني الأحداث تلك الأشياء التي تحدث في لحظة ما (إذا جاز التعبير) في إطار معين، مثل الانتخابات أو نشوب حريق هائل أو تنظيم حفل موسيقي كبير، أما الاتجاهات الخفية فهي عبارة عن تسلسل الأحداث التي تشكل، على المدى المتوسط والمدى البعيد، نمطا متماسكا ومترابطا. وبخلاف الأحداث التي تكون واضحة لكل ناظر لديه ما يكفي من الفضول، فإن الاتجاهات الخفية تمر غالبا من دون أن يلحظها أحد، إلى أن تؤدي إلى حدث كبير. وتتزامن الأحداث والاتجاهات الخفية في بعض الحالات النادرة، مما يعطي للمراسل الجريء كنزا من الفرص الصحافية. وفي الحقيقة، تعد سوريا، التي تمر بحالة خاصة من الربيع العربي، واحدة من هذه المناسبات النادرة في الوقت الراهن. إن سوريا تصنع التاريخ الآن كبلد يحارب من أجل بناء مستقبله، وهذا هو الاتجاه الخفي. لكن هناك أيضا سيلا من الأحداث، مع محاولة الجماعات المسلحة الخاصة والتابعة للرئيس بشار الأسد غزو معاقل الثورة مثل حمص وحماه وإدلب ودرعا وغيرها. والمحزن في الأمر أن سوريا ما زالت مغلقة أمام معظم الصحافيين القادمين من العالم الخارجي، في حين أن الصحافيين المحليين إما يرددون، كالببغاء، ما تقوله آلة الدعاية الرسمية، أو يعانون الإهمال داخل سجون بشار الأسد.

وقد تمكن السفير السوري في لندن من منح اثنين من مراسلي «بي بي سي» تأشيرتي دخول لبضعة أيام، ولكن بمجرد دخول سوريا تم احتجاز أحدهما في دمشق، بينما اضطر الآخر للاختباء في إحدى البنايات في حمص تحت نيران القصف المستمر من القوات الموالية لبشار الأسد.