ابن كيران: «جيوب المقاومة» لا تريد النجاح لتجربتنا السياسية

وزير النقل يرد على منتقديه: هيبة الدولة تُفقد بسيطرة لصوص المال العام

TT

أقر عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي، بوجود ما سماها «جيوب المقاومة» التي لا تريد، برأيه، النجاح للتجربة السياسية الحالية، وقال: «تجربتنا غير مرحَّب بها من الجميع، بيد أن الشعب معنا».

في غضون ذلك، رد عزيز رباح، وزير النقل، على منتقديه بسبب إقدامه على نشر لائحة المستفيدين من رخص النقل، وقال: «إن هيبة الدولة تُفقد بسيطرة لصوص المال العام». واعتبرها مبادرة بسيطة للحد من اقتصاد الريع.

وأوضح ابن كيران، الذي كان يتحدث أمس في اجتماع للجنة المركزية لشباب الحزب، أن هناك تأييدا واسعا لوصول الإسلاميين إلى الحكم، ليس في المغرب فحسب، بل في العالم، الذي يريد أن يتعرف على هؤلاء الناس المتميزين بسمعتهم الحسنة، ونجاحهم يمثل أملا للحركات الإسلامية.

ويعتبر اجتماع اللجنة المركزية لشباب الحزب هو الأول بعد الحراك الشعبي والانتخابات التشريعية التي أوصلت «العدالة والتنمية» إلى رئاسة الحكومة، وكانت أول مواجهة بين قيادة الحزب وشبابه قد حدثت عندما قرر شباب الحزب المشاركة في المظاهرات الاحتجاجية التي دعت إليها حركة «20 فبراير» العام الماضي، إلا أن قرارا صادرا عن ابن كيران منعها من النزول إلى الشارع.

وخاطب ابن كيران شباب حزبه أمس بلغة يغلب عليها الطابع الديني والعاطفي، وحثهم على اعتبار العمل السياسي تقربا من الله قبل كل شيء وليس طمعا في مناصب، كما طالبهم بالاستعداد الجيد لتحمل المسؤولية في المستقبل خلفا للقيادات الحالية وتغيير الصورة المتداولة عن السياسيين في البلاد.

وأكد ابن كيران أهمية توافر الكفاءة في من يطمح إلى تقلد أي منصب أو وظيفة في الدولة، وجدد رفضه توظيف العاطلين عن العمل لمجرد أنهم يحتجون أمام البرلمان، وقال إن ذلك لا يختلف عمَّن يوفر وظائف لأقاربه فقط، وأضاف أنه يفضل أن يوظف يهوديا مغربيا لديه كفاءة وغيرة على بلده، على أن يوظف أشخاصا منتمين إلى «العدالة والتنمية» غير مؤهلين؛ لأن ذلك سيترتب عليه وجود «مسؤولين ضعفاء وعاجزين في تسيير الشأن العام».

كان عزيز رباح، وزير التجهيز والنقل، الأمين العام السابق لشباب الحزب، قد استقبل بتصفيق كبير عند حضوره اجتماع أمس، تنويها بمبادرته المتمثلة في كشف وزارته عن أسماء المستفيدين من رخص النقل التي أثارت جدلا واسعا، خصوصا أن شباب الحزب اختاروا لاجتماعهم شعار «على العهد ضد الفساد والاستبداد»، بيد أن رباح اعتبرها «مبادرة بسيطة تندرج في إطار الإصلاح المتدرج والعاقل والذي لا يرغب في إحداث القطيعة».

ورد رباح على الخصوم السياسيين الذين يعتبرون سلوك وزراء «العدالة والتنمية» وحفاظهم على مظاهر العيش البسيط التي كانوا عليها قبل توليهم مناصبهم الوزارية، مثل استعمال سيارتهم الخاصة، وإقامتهم في منازلهم بدلا من الانتقال إلى سكن الوزراء الذي توفره الدولة، وتناول المأكولات الشعبية، بكونه يفقد الدولة هيبتها، ويدخل في إطار «المزايدات الشعبوية»، بالقول: «إن هيبة الدولة تُفقد عندما يسيطر لصوص المال العام». وأضاف: «نحاول العمل وفق التوجيهات الملكية للحد من اقتصاد الريع تنفيذا للدستور ومطالب الشعب».

وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كانت الوزارة تعتزم سحب رخص النقل من غير مستحقيها، قال رباح إن ذلك لن يحدث، بل سيوضع قانون يحدد الاستفادة من هذه الرخص وفق دفتر تحملات يضمن حق الدولة ويضع في عين الاعتبار مصلحة الاقتصاد المغربي، وذلك كله سيتم في إطار من التدرج، على حد قوله.

كان ابن كيران قد أوضح، بدوره، أمس، أنه هو من طلب من رباح نشر لائحة المستفيدين من رخص النقل، بعد أن كثر الحديث عنها، واعتبر الحصول عليها من قبل لاعب كرة قدم أو فنان أو داعية ليس عارا، لكن من حق الناس أن تعرف من هم المستفيدون، قبل أن يوضح أنه علم أن هناك من لديه 17 رخصة.

أما مصطفى بابا، أمين عام منظمة شباب الحزب، فقال إن المنظمة «ملزمة أكثر بدعم اختيارات وقرارات الحزب ومساندته في إنجاح تجربة تسيير الشأن العام». وأضاف أن المنظمة معنية بضرورة «ترشيد النضال الشبابي، والسلوك به نحو السبل القاصدة والواعية والمتزنة، بعيدا عن توجهات النضال العدمي أو العبثي، أو عن استغلال بعض الحركات التي لا تتعفف عن توظيف آلام الناس ومشاكلهم في مزايدات سياسية وحزبية ضيقة» من دون أن نعرف إن كان يقصد بحديثه حركة «20 فبراير» أو غيرها.

ودفعا لأي التباس أوضح بابا أن منظمة شباب «العدالة والتنمية» أكدت، منذ تأسيسها، منهج الوسطية والاعتدال «كقيمتين مركزيتين في مشروعها»، وزاد قائلا: «إن الوسطية التي ندعو إليها ونجسدها ليست ترقيعا أو استسلاما أو انبطاحا أو تزكية للباطل، أو سكوتا عن الفساد، أو تطبيعا مع الظلم وأهله، أو وقوفا بين طرفي الاختيارات السائدة؛ فالوسطية منهج فكري وموقف أخلاقي يحكم نظرتنا لأنفسنا وللعالم من حولنا»، على حد تعبيره.