الفيصل: نظام الأسد عبء على شعبه.. والعاهل السعودي أبلغ الأسد 3 مرات بترك الفرصة لغيره

وزير الخارجية السعودي: مسألة انتهاء الحوار الدبلوماسي مع دمشق تعتمد بالدرجة الأساسية على نظام الأسد

الأمير سعود الفيصل خلال كلمته الافتتاحية في أعمال الدورة 122 للمجلس الوزاري لوزراء الخارجية بدول مجلس التعاون (رويترز)
TT

قال الأمير سعود الفيصل إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز اتصل بالرئيس السوري بشار الأسد ما يقارب 3 مرات، وأكد عليه بالقول: «أنت تسير في المسار الخاطئ، وعليك أن تصحح مسارك، وإن لم تكن لديك خطة لتصحيح المسار اترك الفرصة لغيرك».

أتى حديث وزير الخارجية السعودي خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد عقب الاجتماع الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أمس في الرياض، فيما بين الأمير سعود الفيصل خلال رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» أنه إذا وقف القتال ووقف نزيف العدوان الناتج عن وجود الآليات العسكرية، إضافة إلى إطلاق صراح المحتجزين، هناك إمكانية كبيرة لإجراء حوار مع نظام بشار الأسد ووضع حل سياسي للوضع في دمشق. واستشهد في هذا الخصوص بما حدث في اليمن خلال أزمته، مؤكدا أن الرياض تعرض المساعدة الممكنة ومسألة الوقت لوجود حل دبلوماسي دون تدخل عسكري معتمد بالأساس على الجانب السوري.

وشدد وزير الخارجية السعودي على أن الأحداث في سوريا بدأت بشكل مختلف عما جرى في ليبيا، إذ ظهرت الإصلاحات التي قدمت من حكومة بشار الأسد التي سرعان ما تحولت مع مرور الوقت إلى أحداث دموية. وأمل من الجانب الروسي المساهمة بشكل صادق في تصحيح الأوضاع في سوريا، مشيرا إلى أن الرياض تريد حماية الشعب السوري. وذكر وزير الخارجية أن السعودية أصيبت بخيبة أمل حول الموقف الروسي الصيني القاضي باستخدام الفيتو في مجلس الأمن. وردا على تساؤلات تسليح المعارضة السورية، قال وزير الخارجية إنه من الصعب في الوقت الراهن منع أي فرد سوري من الدفاع عن نفسه، منوها إلى أن الشعب هناك لا يريد النظام، متسائلا عن الدافع من قتل الشعب السوري.

وحول القمة العربية المقبلة المقررة في بغداد، قال الأمير سعود الفيصل إن الرياض لم تطلب من العراق عدم مشاركة سوريا، منوها إلى أن الجامعة العربية في الأساس علقت عضوية سوريا.

وربط الأمير سعود الفيصل مستوى التمثيل لبلاده بما يتوفر من أجواء ملائمة لعقد القمة العربية في العراق، فيما أشار إلى أن مشكلة القمة المقبلة ليست في المجال الأمني كما يصور الإعلام في الوقت الراهن، فيما لفت إلى وجود قضايا ذات خلاف هي التي تعرقل القمة المقبلة. وفيما أكد الأمير سعود الفيصل أن الرياض لن تقاطع القمة العربية المقبلة، بين أن من أبرز الملفات الرئيسية تدخل إيران بشكل علني في الجانب العراقي، آملا عقد القمة المقبلة وفق ما تراه الرياض من مستوى طموح.

وعلى الجانب الإيراني، قال الأمير سعود الفيصل إن طهران سرعان ما تحول موقفها وصولا إلى تجمع دول منظمة الدول الإسلامية، منوها بأن ذلك يعد القاسم المشترك مع الجانب الإيراني، فيما أوضح بأن طهران تمارس حملات تشويه على المملكة والخليج بصفة العموم أمام الرأي العام الإيراني.

وشدد الأمير سعود الفيصل على أن بلاده لا تفرق بين أبنائها، مشيرا إلى أن ما جرى من أحداث شغب في العوامية (شرق السعودية) لا يمثلون إلى جزءا من أبناء القطيف، وأن المملكة لم تقصر في توفير ما يلزم المنطقة.

وقال سعود الفيصل كلمته، وجاء خلالها أن الاجتماع الوزاري تطرق إلى تقرير الهيئة المختصة ببحث مقترح خادم الحرمين الشريفين بالانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وذلك في ضوء تقرير الاجتماع الأول للهيئة المتخصصة المشكلة من دول المجلس لدراسة المقترح من كافة الجوانب.

وأشار الأمير سعود الفيصل إلى حرصه على الاستفادة من تجارب الأمم الأخرى، إضافة إلى عدم الإخلال بالأسس والثوابت التي قامت عليها دول المجلس، أو المساس بالخصوصية الوطنية لكل دولة ومظاهر سيادتها واستقلالها، منوها بأن الهيئة المعنية سوف تستمر في أعمالها التشاورية لبلورة الرؤى والأفكار الخاصة بالاتحاد ورفعها إلى قادة دول المجلس. ولفت الأمير سعود الفيصل إلى أن الاجتماع تدارس تطورات الأزمة السورية، وذلك عبر الجهود العربية والدولية القائمة، مرحبا بجميع النوايا الحسنة لتلك الجهود.

وأسف وزير الخارجية السعودي لأن تلك الجهود لم تسفر عن نتائج ملموسة تجاه وقف سفك الدماء بسوريا المتنامي، فيما ذكر أن الاجتماع بحث جانب القمة العربية المقبلة في بغداد، مؤكدا حرص دول الخليج المشاركة التزاما منها بقرار الجامعة العربية بدورية القمة.

وحول التمثيل الخليجي في قمة بغداد المقبلة، أوضح وزير الخارجية السعودي أن هذا الملف سيتوقف على مدى تهيئة الظروف الملائمة لمعالجة القمة لقضايا رئيسية بشكل جدي. وأبدى الأمير سعود الفيصل استياءه من مواقف بعض الأطراف العراقية المحسوبة على الحكومة التي تشكل تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون، وخروجا عن الأعراف الدبلوماسية والاتفاقات المسبقة، إضافة إلى التدخل في شؤون البحرين والكويت. وأكد الأمير سعود الفيصل أن الاجتماع بحث موضوع اليمن، في ظل انتقال السلطة، مؤكدا أن المداولات أملت استقرار الأوضاع في اليمن والذي من شأنه تشجيع المجتمع الدولي لمساعدته وتمكينه تجاوز محنته الحالية.

من جانبه، قال الدكتور عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي بأن دول الخليج ملتزمة فيما يتعلق بتقديم مساعدات إلى اليمن بما في ذلك تقديم مساعدات مالية، مشيرا إلى أن الهبة المنتظر تقديمها هي ضمن المشاريع الاقتصادية التي سوف تقدمها الدول.

وجاء في نص البيان الصحافي الصادر عن الدورة الـ122 للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، والذي جرى في العاصمة الرياض أمس، أن المجلس الوزاري استمع إلى التقرير الذي قدمه الدكتور مساعد العيبان، رئيس الهيئة المتخصصة والمكلفة بدراسة المقترحات المعنية بشأن الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وأشاد المجلس الوزاري بجهود الهيئة، ووجه بأن تستمر في أعمالها، وإعداد توصياتها النهائية لعرضها على المجلس الوزاري في اجتماع يُعقد قبل اللقاء التشاوري المقبل.

وفي مجال الشؤون الاقتصادية، اطلع المجلس الوزاري على محضر الاجتماع الحادي والتسعين للجنة التعاون المالي والاقتصادي، أكتوبر (تشرين الأول) 2011 وناقش ما تضمنه من توصيات بشأن مقترح الكويت، بوضع آلية موحدة للإشراف والرقابة على موازنات المنظمات المتخصصة في إطار مجلس التعاون، ومقترح الإمارات العربية المتحدة، بوضع نظام لحوكمة المنظمات والهيئات المالية والنقدية الإقليمية، وأصدر المجلس توجيهاته حول ذلك.

وفي مجال شؤون الإنسان والبيئة، اطلع المجلس الوزاري على جهود المؤتمر الثاني والسبعين لمجلس وزراء الصحة بدول مجلس التعاون (مسقط) يناير (كانون الثاني) 2012م، الخاص بمعاملة مواطني دول المجلس المقيمين والزائرين لأي دولة عضو معاملة مواطني الدولة نفسها، والاستفادة من المراكز الصحية والمستوصفات والمستشفيات العامة التابعة لوزارات الصحة.

وفي مجال الشؤون القانونية، بحث المجلس الوزاري مقترح السعودية، المتعلق بتنسيق الجهود، وتبادل الخبرات، والتجارب بين الجهات القائمة على شؤون الأوقاف في دول مجلس التعاون، وقرر الموافقة على عقد اجتماعات دورية للوزراء المسؤولين عن شؤون الأوقاف في دول المجلس. وعن الأوضاع العربية الراهنة، اطلع المجلس على الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، وتطورات النزاع العربي - الإسرائيلي، واستعرض المجلس الوزاري تطورات القضية الفلسطينية، ومستجدات الوضع الراهن، مؤكدا أن السلام الشامل والعادل والدائم لا يتحقق إلا بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية المحتلة إلى حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967م، في فلسطين والجولان العربية السورية المحتلة، والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.