مسؤولون مصريون يتبرأون من قرار سفر المتهمين الأجانب في قضية «التمويل الأجنبي»

مصدر حكومي لـ«الشرق الأوسط»: كنا نسعى لـ«صفقة قومية» والقرار فاجأنا

المتهمون المصريون في القضية المعروفة إعلاميا بقضية «التمويل الأجنبي» لدى مثولهم أمام محكمة الجنايات الأسبوع الماضي (أ.ب)
TT

قال مسؤول حكومي مصري أمس إن قرار السماح بسفر المتهمين الأجانب في القضية المعروفة إعلاميا بقضية «التمويل الأجنبي»، ضد 5 من منظمات المجتمع المدني، اتخذ بمعزل عن الجهات المعنية داخل الحكومة، مشيرا إلى أن الحكومة كانت تسعى لعقد «صفقة قومية»، تتضمن تعديل شروط المعونة وتبادل سجناء مع الجانب الأميركي.

وزادت أمس تداعيات أزمة سفر المتهمين الأجانب بعد أن وصلت إلى مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان المصري)، حيث شنت عدة لجان برلمانية هجوما حادا على الحكومة، وعلى رأسها وزيرة التعاون الدولي، فايزة أبو النجا، التي حضرت جلسة اللجنة الاقتصادية أمس، بعد اشتراط عدم حضور الصحافيين.

يأتي هذا فيما قال مسؤول مصري مطلع على القضية إن القاهرة أدارت الأزمة بسوء بالغ، وإن قرار السماح بالسفر اتخذ بعيدا عن كل الجهات المسؤولة عن هذا الملف.

وتابع المسؤول أن مصر أدارت الأزمة بسوء بالغ وبنفس طريقة تعامل نظام مبارك مع الأزمات السياسية ودون أي شفافية.. «قرار رفع حظر السفر اتخذ بعيدا عن كل الجهات المعنية بالقضية، لو لم يكن هناك صفقة تمت فإن الأمر يكون عبثيا وكارثيا».

وكشف المسؤول أن القائمين على الأزمة في الحكومة كانوا يدركون أن الأزمة «ستنتهي في كل الأحوال بسفر المتهمين الأجانب»، لافتا إلى أن الحكومة كانت تسعى لما قال إنه «صفقة قومية»، موضحا أن الصفقة كان لا بد أن تتضمن تبادل السجناء، وتعديل شروط المعونة.. «من غير المعقول أن تكون الصفقة مبلغ الكفالة».

وقالت مصادر قضائية إن المتهمين الأجانب دفعوا كفالة مادية قدرها مليونا جنيه (نحو 330 ألف دولار أميركي) لكل منهم للسماح لهم بالسفر خارج البلاد.

وتابع المسؤول: «ليس عيبا أن نعلن أن هناك صفقة حدثت.. تلك هي السياسة.. الحروب يتم حلها على طاولة المفاوضات في النهاية لكن الثمن يجب أن يكون معقولا».

وشهدت جلسات اللجان المختلفة بمجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) أمس توجيه هجوم حاد على سماح الحكومة المصرية بسفر المتهمين الأجانب، وشنت لجنة الدفاع والأمن القومي هجوما شديدا على الحكومة بسبب موقفها من قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني والسماح للمتهمين بالسفر بعد حظر سفرهم وطالبوا بمحاسبة كل من تورط في القضية.

وقال وكيل اللجنة، فريد إسماعيل، إنه سيتم استدعاء وزير الطيران لتوجيه اللوم له لسماحه للطائرة الخاصة أن تهبط بمطار القاهرة دون إذن بالإضافة إلى استدعاء وزير الداخلية وممثل عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، كما طالب بإقالة وزيرة التعاون الدولي.

وبعد إصرارها على عدم حضور الصحافيين لاجتماعها باللجنة الاقتصادية، كشف عباس عبد العزيز، وكيل اللجنة، عن أن فايزة أبو النجا، وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، قالت لهم إنها فوجئت في أثناء قراءتها للصحف، بقرار رفع حظر السفر عن المتهمين الأميركان في قضية التمويل الأجنبي مثلها مثل أي مواطن عادي.

وأدانت لجنة العلاقات الخارجية، خلال اجتماع لها أمس، أداء الحكومة وسياستها الخارجية وقال النواب خلال اجتماع اللجنة الذي عقد لمناقشة بيان رئيس الوزراء: «الحكومة قالت إنها لن تركع ولن توافق على الإملاءات لكنها ركعت وسجدت وقبلت الإملاءات والشروط وسمحت للأميركان بمغادرة البلاد».

وطالب النائب محمد أنور السادات، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب، المجلس العسكري والحكومة بإقالة أبو النجا، وذلك بعد ما سماه «مسرحية قضية المنظمات الأجنبية بسفر المتهمين الأجانب واقتصار العقوبة المتوقعة على الغرامة فقط».

وأثار تعليق لمجلس العلاقات الخارجية الأميركي على الأزمة المزيد من الغضب، حيث أوضح جيمس ليندسي، نائب رئيس المجلس، الذي يعد أحد أهم مراكز الأبحاث المقربة من دوائر صنع القرار في واشنطن، أن المواطنين الأميركيين لم يعودوا إلى بلادهم نتيجة للأعمال العادية للنظام القانوني المصري، بل لأن إدارة باراك أوباما مارست ضغوطا «مبررة» على القاهرة مع تهديد ضمني بمنع مساعدات صندوق النقد الدولي عن مصر حتى يتم الإفراج عن الأميركيين.

ويعتقد السفير السيد أمين شلبي، المدير التنفيذي للمجلس المصري للشؤون الخارجية، أن المجلس العسكري قام بتقدير الموقف من حيث حسابات المكسب والخسارة، وما يمكن أن تشكله محاكمة مواطنين أميركيين للعلاقات والمصالح المصرية الأميركية.

وشدد وزير العدل المصري المستشار، عادل عبد الحميد، على أن كافة الإجراءات التي تمت مؤخرا بشأن القضية وخاصة فيما يتعلق برفع الحظر عن المتهمين الأميركيين في القضية والسماح لهم بالعودة إلى بلادهم كانت قضائية وجرت وفقا للقانون.