مسؤول عام «إخوان ليبيا»: ندعو إلى دولة مدنية.. مرجعيتها الإسلام

بشير الكبتي لـ «الشرق الأوسط»: الدولة قصرت في استيعاب الثوار المسلحين.. و«الانتقالي» يتدخل في أعمال الحكومة

TT

قال بشير الكبتي، المسؤول العام لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا: إن الحزب الذي تم تأسيسه قبل يومين باسم حزب «العدالة والبناء» تشارك فيه جماعة الإخوان، لكنه ليس تابعا لها؛ حيث ينخرط فيه عدد آخر «من الإخوان وغير الإخوان»، مشددا على أن جماعته ليس لديها حرج يتعلق بالمرجعية الإسلامية للعمل السياسي بسبب خلو ليبيا تقريبا من أي طوائف غير الإسلام السني والمالكي، مضيفا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف من ليبيا، أمس، أن كثيرين يرون أن المجلس «الانتقالي» يتدخل في أعمال الحكومة، وقلل من خطر الميليشيات المسلحة.

وعما إذا كانت ليبيا مقبلة على تجربة مماثلة لتجربتي مصر وتونس، بأن يكون للإخوان نصيب الأسد في العملية السياسية الليبية، قال: «إن طبيعة العمل في ليبيا أكبر بحكم أنه لا يوجد حرج في ليبيا يتعلق بالمرجعية الإسلامية؛ حيث لا توجد طوائف في ليبيا، ونحن جميعا من أهل السنة والجماعة، وكلنا على مذهب الإمام مالك، إلا القليل»، مشيرا إلى أن الوحدة الوطنية موجودة عند الشعب الليبي الذي كانت راياته منذ اليوم الأول للثورة «الله أكبر ولله الحمد».

وردا على سؤال بشأن التيارات السياسية الأخرى التي تختلف في منهجها عن منهج جماعة الإخوان، وتتوجس من صعود التيار الديني، أوضح الكبتي متسائلا: «ما تعريف التيار الديني؟ نحن كإخوان ندعو إلى تكوين دولة مدنية، إنما مرجعيتها الإسلام».

وعن مخاوف بعض التيارات الليبرالية واليسارية من أن يتم استغلال المساجد في الدعاية السياسية لجماعة معينة كجماعة الإخوان، أوضح الكبتي: «نحن لا نريد أن تتحول المساجد للخلافات السياسية، ولا ندعو إلى ذلك، ولم نمارس ذلك.. المساجد للجميع. وهذه التيارات اليسارية الليبرالية ليست لها قاعدة شعبية، لكن العبرة الآن، في المرحلة المقبلة، هي مدى قدرة الأحزاب بمختلف مسمياتها وتوجهاتها على تقديم برنامج يخدم المواطن، خاصة أن البلاد خرجت من 40 سنة من التخلف والبنية التحتية المدمرة في المدن وتهميش القرى.

وعما إذا كان الحزب الذي تم الإعلان عن تأسيسه مؤخرا، وهو حزب العدالة والبناء، سيكون الذراع السياسية لجماعة الإخوان في ليبيا، أوضح الكبتي أن الحزب ليس هو حزب جماعة الإخوان، مشيرا إلى أن الإخوان في مؤتمرهم التاسع الذي عقد في بنغازي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، توصل إلى أنه انطلاقا من طبيعة الواقع في ليبيا، وطموحات الحركة في ليبيا، إلى أن تنشئ، بشراكة مع آخرين، حزبا يكون مستقلا عن الجماعة يكون «مستقلا في إدارته ومستقلا في قيادته، وفي كل السياسات التي يضعها»، وأن يكون وطنيا يتوخى مصلحة الوطن أولا، ولا يتعارض مع الدين الإسلامي، وهذا ما وافق عليه الذين شاركوا في تأسيس الحزب في طرابلس من الإخوان ومن غير الإخوان، وخلصوا إلى تكوين هذا الحزب (العدالة والبناء)، واختاروا لقيادة الحزب رئيس مجلس شورى الإخوان الذي استقال من منصبه ليكون رئيسا للحزب.

وعن الاتهامات التي يوجهها البعض لجماعة الإخوان في ليبيا بقربها من النظام السابق في أيامه الأخيرة من خلال حركة الإصلاح التي كان يقودها سيف الإسلام، نجل القذافي، قال الكبتي إن هذا غير صحيح «لأننا، كجماعة إخوان، كان مبدؤنا الإصلاح، وكانت دعوتنا سلمية، ولم تدعُ للعنف ولم تمارسه»، وتابع أن القذافي حاول أن «يلعب لتوريث ابنه في الفترة الأخيرة من حكمه، وعرض مشروعا عُرف باسم المشروع الإصلاحي»، وأضاف: لكن نحن عرضنا عليه أنه إذا كانوا جادين في الإصلاح فلا بد أن يشمل الإصلاح السياسي، لكن تناول موضوع الإصلاح تناولا سطحيا، ولم تكن هناك لديه نية في التغيير، وهذا ما قرره الإخوان، بالابتعاد عن محاولة التوريث.

وعن موقف جماعة الإخوان من المخاوف الدولية من استفحال مكانة الميليشيات المسلحة في ليبيا، قال الكبتي: «إن الثوار الحقيقيين الذين خاضوا الثورة وأسقطوا النظام، من اليوم الأول يعلنون استعدادهم لتسليم الأسلحة للدولة، لكن التقصير في الحقيقة كان من الدولة، في أن تستوعب وزارتا الدفاع والداخلية هؤلاء»، مشيرا إلى أنه لم تُتخذ خطوات تنفيذية لا من المكتب التنفيذي (الحكومة) السابق برئاسة الدكتور محمود جبريل، ولا من الحكومة الجديدة التي لها الآن بضعة أشهر، لكن ليس هناك خطر من الميليشيات، قائلا إن ما يتردد عن خطرها ما هو إلا فزاعة استخدمها بعض السياسيين لأغراض أو طموحات سياسية معينة.

ووقعت الكثير من الاشتباكات المسلحة في عدة مناطق في البلاد منذ سقوط نظام القذافي، كان آخرها بين مسلحين قبليين بمنطقة الكفرة في شرق البلاد، لكن بشير الكبتي قال إن الحوادث التي وقعت، مقارنة بالكم الهائل من الأسلحة والمسلحين، لا تُذكر، وما هي إلا حالات فردية يضخمها الإعلام، إلا أنه أضاف أن «هناك بعض الإشكاليات القبلية وهناك قبائل بعضها كان مع النظام وبعضها كان ضد النظام، والآن صارت هناك بعض المناوشات، كما أنه يوجد طابور خامس ما زال يعمل في البلد، وهم من جماعة القذافي ويحاولون القيام ببعض العمليات ليثبتوا للعالم أن الوضع في ليبيا غير مستقر».

وعن علاقة جماعة الإخوان بالحركات الإسلامية المتشددة في ليبيا، أوضح الكبتي قائلا: خطنا واضح.. نحن جماعة وسطية تدعو إلى فتح الأبواب للنقاش، ونعتقد أن الأصوات المتطرفة والمتشنجة ستخفت في جو الحرية، وأعتقد أن كثيرا من الشباب الذين خدعوا بالفكر المتطرف سيعودون، مشيرا إلى أن «النظام السابق حرم الناس من العلماء الوسطيين، وجاء بالعلماء الذين يطالبون بطاعة ولي الأمر.. ومثل هؤلاء الشباب ليسوا بالعلماء، وكانوا يدعون لعدم الخروج عن الحاكم.. لكن هذه التوجهات كلها ستختفي إذا أضيئت أنوار المعرفة بفتح الأبواب للعلماء الحقيقيين وفتحت الجامعات الإسلامية في البلاد». وعن انتقادات بعض المراقبين لدور المجلس الانتقالي ممن يرون أنه يتخذ إجراءات تنفيذية كان ينبغي أن تكون من اختصاص الحكومة، أوضح بشير الكبتي قائلا: «طالما نادينا المجلس الانتقالي بأن يصبح هيئة تشريعية لا تنفيذية، والكثير من المواطنين يرون أن المجلس الانتقالي يتدخل في كل كبيرة وصغيرة. وكنا نتمنى أن ينأى رئيس المجلس الانتقالي وأعضاء المجلس عن المسائل التنفيذية، وهذا التدخل أحدث إرباكا في العمل وأدى إلى زعزعة الثقة»، مشيرا إلى أن ذلك يرجع إلى أن المجلس الانتقالي «الذي يُشكر على ما قام به من دور بطولي من أجل الثورة والدولة، لكنه تكون بصورة عفوية من البداية».