بوتين يعود إلى عرش الكرملين لـ6 سنوات أخرى بأصوات تزيد على أصوات منافسيه

فتيات عاريات مكتوب على صدورهن «اسرق لصالح بوتين» يداهمن صندوق اقتراع الرئيس العائد

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزوجته ليودميلا يدليان بصوتيهما في أحد مراكز الاقتراع في موسكو أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلنت اللجنة الانتخابية الروسية فوز رئيس الوزراء فلاديمير بوتين في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت أمس بحصوله على 061.8 في المائة من الأصوات، وذلك بعد فرز 14.5 في المائة من صناديق الاقتراع. وحل الشيوعي غينادي زيوغانوف في المركز الثاني مع 17.8 في المائة من الأصوات. وكان استطلاع للرأي جرى لدى الخروج من مكاتب التصويت أشار إلى حصول رجل روسيا القوي على 58.3 في المائة من الأصوات.

وكانت انتخابات أمس قد جرت تحت رقابة كاميرات فيديو زودت بها ما يزيد على 94 ألفا من مراكز الاقتراع، إلى جانب فرق الرقابة الدولية والمحلية التي لم تكشف عن تجاوزات تُذكر خلال العملية الانتخابية. وكانت الحكومة الروسية قد أقرت لأول مرة في تاريخ البلاد تزويد مراكز الاقتراع بهذه الكاميرات بناء على اقتراح من جانب فلاديمير بوتين في أعقاب الانتخابات البرلمانية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي من أجل تفادي احتجاجات قوى المعارضة التي طالما عزت فشلها في الانتخابات إلى التزوير وتسلط الجهاز الإداري وتدخله لصالح الحزب الحاكم وممثليه. كان الناخبون البالغ عددهم ما يزيد قليلا على 108 ملايين ناخب، إلى جانب مليونين من المواطنين الروس في الخارج، قد اقترعوا على انتخاب رئيسهم من بين 5 مرشحين يمثلون الحزب الحاكم «الوحدة الروسية» والأحزاب الثلاثة الأخرى الممثلة في مجلس الدوما، إلى جانب الملياردير ميخائيل بروخوروف الذي يخوض الانتخابات الرئاسية لأول مرة عن المستقلين. ومن المعروف أن فلاديمير بوتين ممثل الحزب الحاكم «الوحدة الروسية» خاض انتخابات أمس على منصب «رئيس الدولة» للمرة الثالثة بعد فوزه في المرتين السابقتين عامي 2000 و2004 بأغلبية حملته إلى عرش الكرملين من الجولة الأولى في الوقت نفسه الذي فشل فيه منافساه غينادي زيوغانوف، عن الحزب الشيوعي، وفلاديمير جيرينوفسكي، عن الحزب الليبرالي الديمقراطي، في المرات الأربع السابقة التي خاضا فيها الانتخابات أمام كل من الرؤساء بوريس يلتسين وبوتين وديمتري ميدفيديف. أما سيرغي ميرونوف، ممثل حزب «روسيا العادلة»، فقد شارك في الانتخابات السابقة مرتين وخسرهما أيضا أمام كل من بوتين في عام 2004 وميدفيديف في عام 2008.

وقد جرت الانتخابات تحت حراسة مشددة من جانب قوات الأمن والشرطة، التي بلغ عددها ما يقرب من 440 ألفا جرى حشدها تحسبا لاحتمالات شغب أو خروج عن النظام. وأشار الجنرال فلاديمير كولوكولتسيف، قائد شرطة العاصمة، إلى أن قوات الأمن استعدت لمواجهة أي استفزاز أو شغب من جانب أي أحد يحاول التعدي على القانون، بينما نصح المتظاهرين بألا يسمحوا لأنفسهم «باختبار مدى قدرة الشرطة على الصبر» على حد قوله. وحذر كولوكولتسيف من مغبة تجاوز بعض القوى التي تنادت عبر شبكات الإنترنت للخروج إلى شوارع العاصمة بهدف التشكيك في شرعية الانتخابات والمطالبة برحيل بوتين. وقال إن قواته سوف ترد بكل حسم على أي خروج على القانون.

وكشف ألكسندر غوربينكو، نائب عمدة العاصمة، عن أن السلطات المحلية صرحت بعدد من الظاهرات في ساحتي مانيجنايا، على مقربة من الكرملين، وبوشكين، في قلب العاصمة، إلى جانب عدد من التجمعات الأخرى في أماكن متفرقة أخرى. كان زيوغانوف، زعيم الشيوعيين، قد بادر بالتشكيك في فعالية كاميرات المراقبة بقوله إنها لا تكشف عن عدد الاستمارات التي يلقيها الناخبون في صناديق الاقتراع، في إشارة غير مباشرة إلى احتمالات خروج أنصاره إلى الشارع الروسي إعلانا عن الاحتجاج على نتائج الانتخابات التي لم تكن كل استطلاعات الرأي التي أجريت قبل الانتخابات تقول بحصوله على أكثر من 15 - 18% من أصوات الناخبين، وهي نسبة تقترب مما حصل عليه الحزب الشيوعي الروسي في انتخابات مجلس الدوما في ديسمبر الماضي. وقد فعل الشيء نفسه فلاديمير جيرينوفسكي، القومي المتشدد، حين أشار إلى شفافية كابينات الاقتراع وأنها لا تتفق مع المعايير القانونية.

كان بوتين قد ظهر أمس للإدلاء بصوته في مركز الاقتراع في مقر أكاديمية العلوم الروسية، غير بعيد عن قلب العاصمة، برفقة قرينته لودميلا لأول مرة بعد طول غيابها عن كل المناسبات العامة، الأمر الذي طالما أثار دهشة وأقاويل الكثيرين من المراقبين. وقد تطرق بوتين إلى غياب قرينته وتعمده عدم الحديث عن حياته الخاصة في معرض حديثه مع رؤساء تحرير الصحف الغربية واليابانية الأسبوع الماضي، مشيرا إلى أنه يفضل الابتعاد بحياته الشخصية لأسباب خاصة لم يفصح عن جوانبها. كان ديمتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسمه، قد أشار أيضا، في مناسبة سابقة خلال حديثه مع قناة «دوجد»، إلى المسألة نفسها، مؤكدا ضرورة احترام الخيار الشخصي لرئيس الحكومة ومراعاة حرصه على خصوصياته، لا سيما في ما يتعلق بقرينته لودميلا وابنتيه ماريا وكاترينا، وهو ما تلتزم به كل الأجهزة الإعلامية في روسيا بموجب اتفاق غير معلن. من الطريف أن فتيات عاريات الصدور التي كُتب عليها «اسرق لصالح بوتين» داهمن صندوق الاقتراع الذي وضع فيه بوتين استمارتيه مع قرينته بعد دقائق من مغادرته مركز الاقتراع وهن يهتفن: «بوتين حرامي» وبكلمات أخرى يعاقب عليها القانون. وقد سارع رجال الأمن بخلع ستراتهم لتغطية صدور الفتيات وجرجرتهن إلى خارج القاعة تمهيدا لنقلهن إلى قسم الشرطة. وقالت المصادر إن الفتيات ينتمين إلى حركة «فيمينيستيكي» النسائية المعروفة بخروجهن على القانون من خلال اقتحام الأماكن العامة عاريات الصدور لترديد الشعارات والأغنيات الاحتجاجية.

ومن المقرر الإعلان عن النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية الروسية في 18 مارس (آذار) الحالي، بينما تجرى مراسم تنصيب الرئيس في مطلع مايو (أيار) المقبل.