الصحافيون الغربيون الفارون يؤكدون شكوكهم في الهلال الأحمر السوري

وصول جثماني كولفن وأوشليك إلى باريس.. والناجون: تم استهدافنا عمدا

متطوعون سوريون يحاولون إخلاء مصاب بأحد منازل حي الحميدية في حمص (أ.ف.ب)
TT

في حين أعلنت فرنسا عن وصول جثماني الصحافيين الغربيين؛ الأميركية ماري كولفن، والفرنسي ريمي أوشليك، إلى أراضيها، ظهر أمس، استمر الصحافيون الناجون في ذكر تفاصيل جديدة لرواية احتجازهما في حي بابا عمرو ومغامرة هروبهما إلى لبنان.

وذكرت إذاعة «فرانس إنفو» ووكالة الصحافة الفرنسية، ظهر أمس، أن طائرة تحمل جثماني كولفن، مراسلة صحيفة «صنداي تايمز»، والمصور أوشليك، اللذين قتلا في قصف عنيف لحي بابا عمرو بمدينة حمص السورية، الشهر الماضي، وصلت إلى باريس.. وذلك بعد أن تسلمهما سفيرا فرنسا وبولندا (التي تمثل المصالح الأميركية في سوريا) في دمشق، أول من أمس.

وعلى الرغم من قيام أهالي بابا عمرو وعناصر الجيش الحر بدفن جثماني كولفن وأوشليك في مدينة حمص بعد أيام من مقتلهما، وبعد فشل عدة محاولات لتهريب الجثمانين إلى لبنان، فإن القوات السورية قامت باستخراج الجثمانين بعد اقتحامها الحي وسيطرتها عليه، قبل تسليمهما إلى سفراء فرنسا وبولندا في دمشق. وذكرت تقارير إخبارية أن ذوي أوشليك استقبلوا جثمانه بالمطار، وأنهم يعتزمون دفنه في باريس، بينما لم يتضح بعد وجهة جثمان الأميركية كولفن، التي عملت لسنوات في لندن.

وعلى الرغم من مرور عدة أيام على نجاح عدد من الصحافيين الغربيين في الهروب من حي بابا عمرو، فإن محتوى قصصهم عن مأساة الحي الحمصي، إضافة إلى مغامرات رحلة الهروب، لم تنته بعد.

وقال بول كونروي، المصور البريطاني في صحيفة «صنداي تايمز»، إنه كانت لدى الصحافيين الغربيين مخاوف عامة من التعامل مع الهلال الأحمر السوري، خشية تسليمهم إلى السلطات بعد ذلك، مشيرا إلى أن أحد العاملين بالمساعدات الطبية في حي بابا عمرو أخبرهم بوضوح أن هناك مخططا لنقلهم بسيارات الهلال الأحمر إلى مكان منعزل، ثم قتلهم، واتهام عناصر الجيش السوري الحر بقتلهم بعد ذلك.

وأوضح كونروي، الذي كان جنديا سابقا بسلاح المدفعية الملكية البريطانية، أن مخطط استهداف مبنى إقامة الصحافيين في بابا عمرو لم يكن عشوائيا، إذ أكد من خلال خبرته العسكرية أن ذلك الاستهداف كان ممنهجا.

ولمح كونروي، في روايته لصحيفة «صنداي تايمز» كذلك إلى وجود اختراق بين صفوف المتمردين، موضحا أن قوات الأسد شددت من ضرباتها عقب نشر بعض التغطيات الإعلامية من داخل الحي، خاصة التقرير الأخير الذي أعدته ماري كولفن لصحيفتها.

وبدورهما، أكد كلا الصحافيين الفرنسيين؛ إديث بوافييه وويليام دانيلز مخاوف كونري حول وجود أعين لنظام الأسد بين صفوف المعارضة، خاصة في الهلال الأحمر السوري، مشيرين إلى أن تركيز الضربات الصاروخية ودرجة دقتها ازدادت بعد زيارة لأحد السيارات العاملة مع الهلال الأحمر السوري إلى المبنى الذي يختبئون بداخله. وأسفرت تلك المخاوف عن رفض الصحافيين المتكرر لعروض إخلائهم عبر الهلال الأحمر، وإصرارهم على الخروج في سيارات تابعة لإشراف مباشر من الصليب الأحمر الدولي، وعلق بول كونروي قائلا: «لو تأخر خروجي أكثر من ذلك، لفضلت أن أزحف خارجا على مسؤوليتي الخاصة، متحملا إصابة ساقي، أكثر من الخروج في حماية الهلال الأحمر أو انتظار سماع أصوات الأحذية الرسمية للجنود السوريين تدخل علينا المبنى».

في حين يشير خافيير اسبينوزا، مراسل صحيفة «إل موندو» الإسبانية، إلى مغامرة هروبه الأليمة، مستخدما عبارات الكوميديا السوداء، حيث يصف وضعه وبعض مرافقيه أثناء الهرب، ولكنه يتذكر لحظة أن فتحت قوات الأسد النيران عليهم، وكيف اضطر أحد مرافقيه المصاب بإصابة بالغة في قدمه إلى الجري بسرعة فائقة، على الرغم من أنه لا يستطيع المشي بالأساس منذ إصابته.

ويستكمل اسبينوزا سخريته اللاذعة من النظام السوري، فيقول على حسابه الشخصي على موقع «تويتر»، بعد ورود أنباء عن عثور السلطات السورية على جثمان وادعائها أنه يخصه: «لو كانت لديهم القدرة على تسليم جثتي، فأتمنى أن تكون لديهم الإرادة والمصداقية كذلك لتسليم متعلقاتي؛ حاسوبي الشخصي وعدة آلاف من الدولارات».

وإذ يقول كونروي إن أهالي ومقاتلي بابا عمرو من أشجع من قابلهم في حياته بأسرها، موضحا استعدادهم للتضحية بحياتهم من أجل إنقاذ حياة الصحافيين، يؤكد اسبينوزا أن من بين أكثر من مائة مقاتل بالجيش السوري الحر، تعرف عليهم شخصيا، لم يكن أكثر من اثنين من «الجهاديين» الذين سبق أن قاتلوا في العراق، أما الباقون فهم من أهالي حمص، نافيا ما يحاول النظام السوري بثه من أخبار حول ضلوع أجانب أو أياد خارجية أو إرهابيين في الأزمة السورية.