سوريا تسمح بدخول آموس إلى دمشق.. بعد «تنظيف» بابا عمرو

المساعدات تصل إلى بعض أحياء حمص.. والصليب الأحمر ينتظر السماح له بدخول الحي

عمال سوريون أثناء تنظيف أحد شوارع بابا عمرو من آثار الخراب والدمار أمس (إ.ب.أ)
TT

بعد نحو أسبوع من الرفض والمماطلة، سمحت السلطات السورية أمس لمسؤولة العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة فاليري آموس بالدخول إلى سوريا، فيما تتواصل المعوقات أمام جهود الصليب الأحمر الدولي في محاولته الوصول إلى حي بابا عمرو، إحدى أكثر المناطق تأثرا في مدينة حمص السورية.

وبينما أكد عدد من الناشطون وشهود العيان أن الوضع الإنساني متردٍ للغاية في حمص، وبالأخص بابا عمرو، وأن ثمة «مجازر» ارتكبت بحق عدد كبير من الناشطين والأسر في الحي الذي أظهر مقاومة كبيرة لقوات الجيش السوري لأكثر من 3 أسابيع.. نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن «الجهات المعنية في حمص تزيل آثار الخراب والدمار التي خلفتها المجموعات الإرهابية المسلحة في حيي الإنشاءات وبابا عمرو والجهات المختصة تضبط مزيدا من مخابئ الإرهابيين في حي بابا عمرو». وهو ما فسره مراقبون ومحللون بكونه «محاولة مكشوفة لإخفاء الأدلة على المذابح المرتكبة في الحي، قبل وصول مبعوثة الأمم المتحدة والصليب الأحمر».

وأعلنت مسؤولة العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة فاليري آموس في بيان لها أمس أنها ستتوجه إلى سوريا الأربعاء في محاولة لتأمين وصول المساعدات الإنسانية «من دون معوقات»، وقالت آموس إن «السلطات السورية أكدت أنه يمكنني زيارة سوريا هذا الأسبوع.. سأصل إلى دمشق الأربعاء في السابع من مارس (آذار) وسأغادرها الجمعة في التاسع منه».

وأوضحت آموس «كما طلب مني الأمين العام (للأمم المتحدة بان كي مون)، فإن هدفي هو الطلب بإلحاح من كل الأطراف المعنيين السماح للفرق الإنسانية بالدخول من دون معوقات لكي يجلوا الجرحى ويسلموا اللوازم الأساسية».

لكن البيان لم يوضح ما إذا كان السماح لآموس بدخول سوريا يقتصر على زيارة دمشق فقط، أم يمكن لها التوجه إلى مناطق أخرى يشتبه في ارتكاب «جرائم ضد الإنسانية» بها، بحسب وصف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

ويرى ناشطون أن ما ذكرته السلطات السورية حول تنظيف حي بابا عمرو يعد اعترافا «ضمنيا» من نظام الأسد بارتكاب تلك الجرائم، مشيرين إلى ارتكاب الجيش السوري لعدد من المذابح والإعدامات الجماعية لسكان الحي بعد اقتحامه يوم الخميس الماضي، وقال أحد السكان لـ«الشرق الأوسط» إن «جنود الأسد قاموا بذبح شبان الحي بالسكاكين، ولم ينجُ إلا من تمكن من الفرار».

وروت إحدى الهاربات لمراسل «بي بي سي» على الحدود السورية اللبنانية أن جنودا ذبحوا ابنها البالغ من العمر 12 عاما أمام عينيها، فيما أكد عدد من الجنود المنشقين عن نظام الأسد تلقيهم أوامر «بقتل كل شخص يرونه يتحرك فوق الأرض.. سواء كان مدنيا أو عسكريا» دون تمييز.

فيما أكد حقوقيون أن الحكومة السورية انتهكت أبسط قواعد التحقيقات، وقال الدكتور محمود عبد العزيز، أستاذ القانون الدولي، لـ«الشرق الأوسط» إن «الأسد انتهك بذلك مسرح جريمة محل تحقيق دولي.. وبما أنه سمح بصورة رسمية بزيارة مبعوثين أمميين، وهيئات دولية مثل الصليب الأحمر، فكان يتوجب عليه انتظار وصولهم؛ قبل المساس بالحي». وتابع: «ولكن تصرف السلطات السورية يدل وحده على سوء النية، وعلى تعمد تأخر دخول الهيئات الدولية إلى المكان لعدم تسجيل الوقائع».

وفي غضون ذلك، لا تزال المفاوضات مستمرة بين اللجنة الدولية للصليب الأحمر والسلطات السورية للدخول إلى بابا عمرو، بينما تمكّنت يوم أمس فرق مؤلفة من الصليب الأحمر ومنظمة الهلال الأحمر العربي السوري من إرسال قافلة مؤلفة من 4 شاحنات محملة بالمواد الغذائية والطبية من دمشق إلى بعض أحياء مدينة حمص، تكفي لآلاف الأشخاص بحسب هشام حسن، المتحدث الرسمي باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط.

وأكّد حسن لـ«الشرق الأوسط» أنّ فريقا مؤلفا من الصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري دخل صباح أمس إلى حي «التوزيع الإجباري» وإلى «حي الإنشاءات» الملاصق لحي بابا عمرو والذي نزحت إليه العائلات من بابا عمرو.

وفي حين أكّد أنّهم حصلوا على الضوء الأخضر بالدخول إلى بابا عمرو يوم الخميس الماضي من طرفي النزاع، لفت حسن إلى أنّ السلطات السورية عادت ومنعت دخولهم بسبب وجود الألغام وما قالت إنه «للمحافظة على سلامة المتطوعين»، مضيفا «المفاوضات لا تزال مستمرة مع السلطات السورية، بهدف الدخول في أقرب وقت ممكن إلى بابا عمرو، لتقديم المساعدات إلى العائلات وإجلاء المرضى والجرحى، والاطلاع على الوضع الإنساني للأهالي في هذا الحي».. موضحا أن السلطات السورية كانت قد سمحت فقط للهلال الأحمر للوصول إلى بابا عمرو، وكان الدخول الأخير له إلى هذا الحي منذ أسبوع ولم يتعدَّ حينها فترة الساعتين، تمكّن خلال من إجلاء ثلاثة جرحى وإيصال بعض المواد الطبية الطارئة، وأضاف «مع العلم أنّ دخولنا إلى المناطق لم يكن آمنا بشكل كامل، نظرا إلى عدم توقّف إطلاق النار بشكل نهائي، وقد توفّي منذ شهرين تقريبا، أحد المتطوعين وأمين عام منظمة الهلال الأحمر السوري العربي، خلال قيامهما بواجبهما، إثر تعرضهما لإطلاق نار».

كذلك، أكد حسن أنّ «عمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا لا يقتصر فقط على مدينة حمص، لأنّ الوضع الإنساني للعائلات في عدد كبير من المناطق ولا سيّما حماه ودرعا وإدلب، يتطلّب دخولنا لإسعاف المرضى والجرحى وإيصال المساعدات، ونبذل جهودنا كي نتمكن من القيام بمهمتنا». كما أشار إلى أنّ المبادرة التي أطلقتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر منذ أسبوعين والتي ارتكزت على وقف إطلاق النار لمدة ساعتين يوميا تشمل كلّ المناطق السورية وليس فقط بابا عمرو، وذلك كي يتمكّن فريق عمل المتطوعين من الدخول إلى المناطق السورية وإيصال المساعدات، لكن هذه المبادرة لم تطبّق لغاية اليوم رغم أنّ اللجنة حصلت على أشارات إيجابية من السلطات السورية منذ أربعة أيام.

أما فيما يتعلق بالوضع الإنساني للعائلات النازحة وتلك الموجودة في بابا عمرو، فقال حسن «العائلات السورية النازحة التي نتواصل معها ونقدّم لها المساعدات، تعكس صورة واضحة عن الوضع الإنساني المأساوي الذي تعاني منه، إن لناحية الاحتياجات الطبية والغذائية أو لناحية الوضع النفسي والخوف والقلق على منازلهم وأولادهم».