اليمن: أكثر من 100 قتيل في صفوف الجيش على يد «القاعدة»

مسؤول بريطاني يجري مباحثات مع الرئيس اليمني تتعلق بالتطورات السياسية ومكافحة الإرهاب

عناصر من «القاعدة» يجلسون أمس في عربة عليها مدفع مضاد للطائرات ورفع عليها العلم الخاص بالتنظيم في احد جبال زنجبار جنوب مدينة أبين (إ.ب.أ)
TT

تتواصل المواجهات في محافظة أبين بين قوات الجيش النظامية ومسلحي تنظيم «أنصار الشريعة» المقرب من «القاعدة»، وتحدثت مصادر محلية عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في هجمات انتحارية لعناصر التنظيم ومواجهات بين الجانبين.

وقالت المصادر إن عناصر «القاعدة» حاولت، خلال الساعات القليلة الماضية، الاستيلاء على عدد من المعسكرات في أبين، وقامت بعمليات انتحارية بواسطة سيارات مفخخة، ثم المواجهة المباشرة مع قوات الجيش اليمني المنتشرة في عدد من تلك المناطق، وأشارت المصادر إلى قيام المسلحين المتشددين بالسطو على عتاد تابع لبعض ألوية الجيش اليمني في أبين. وتحدثت مصادر طبية في عدن، القريبة من أبين، عن حصر جثث ما لا يقل عن 100 ضابط وجندي في الهجمات الأخيرة لـ«القاعدة» في محافظة أبين.

ووصف الكاتب المتخصص في شؤون الإرهاب وتنظيم «القاعدة»، سعيد عبيد الجمحي، ما يجري من عمليات للتنظيم في اليمن بأنه «موسم شواء ساخن»، وذكّر بتصريحات سابقة له نشرتها «الشرق الأوسط»، الشهر الماضي، أشار فيها إلى أن «القاعدة» ستلجأ إلى أعمال جنونية.

وقال الجمحي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن النظام السابق يتحمل مسؤولية «جزء كبير مما يجري حاليا، لأن هذه الجماعات هي إحدى تركاته»، لكنه يؤكد أن «القاعدة» تنطلق في هذه الفترة «بصورة ذاتية، وإن كانت هناك مساعدات بشكل غير مباشر»، وأنها تنطلق من نظرة التنظيم إلى المستقبل، ويقول إنه منذ عام 2009، لم يتم تنفيذ مثل هذه العمليات ولم يسقط هذا العدد الكبير من القتلى في صفوف قوات الجيش والأمن.

ويؤكد الجمحي لـ«الشرق الأوسط» أن مقبل الأيام سيكون صعبا في اليمن، خاصة مع تطبيق بقية بنود المبادرة الخليجية، وهي المتعلقة بإعادة هيكلة الجيش والأمن، وأن «(القاعدة) معنية بهذا الموضوع، لأن التنظيم سوف يتضرر من وجود جيش وطني ومحترف في اليمن».

وتنقل قوات الجيش اليمني المرابطة في محافظة أبين، قتلاها وجرحاها إلى مستشفيات مدينة عدن، حيث يستولي مسلحو «القاعدة» على معظم مدن المحافظة ويبسطون سيطرتهم، أيضا، على المستشفيات التي يقومون بمعالجة جراحهم فيها.

ويدور جدل في الساحة اليمنية بشأن قدرة هؤلاء المسلحين على السيطرة على بعض المعسكرات من دون مقاومة، وهناك اتهامات لبعض القادة العسكريين بالتورط والتواطؤ في تسليم المعسكرات والعتاد العسكري لمسلحي «القاعدة».

على صعيد آخر، أجرى مسؤول بريطاني، أمس، مباحثات في العاصمة صنعاء مع الرئيس عبد ربه منصور هادي، تتعلق بالتطورات على الساحة السياسية، وكذا قضية مكافحة الإرهاب، والتقى هادي وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المملكة المتحدة، أليستر بيرت، وقال هادي: «نحن حققنا حتى الآن الوفاق السياسي بإقامة حكومة الوفاق الوطني، ونحن بحاجة إلى استكمال مستلزمات الأمن والاقتصاد بكل جوانبها وأبعادها ومعانيها، وتلك قضايا مكملة لأسس المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة»، مؤكدا أن المملكة المتحدة البريطانية على اطلاع بأوضاع اليمن والمنطقة وطبيعتها، متناولا مستجدات المواجهة مع تنظيم القاعدة الإرهابي وطبيعته العدوانية الغادرة، وآخرها العدوان الغادر الذي نفذه مؤخرا ضد أحد مواقع الجيش في أبين.

وجدد الرئيس اليمني للزائر البريطاني تأكيده على الاستمرار في محاربة الإرهاب بقوله: «إننا عازمون على مواجهة الإرهاب بكل قوة ومهما كان الأمر، وسنواصل ملاحقته حتى آخر مخبأ»، واستعرض «طبيعة المواجهات التي جرت مع هذا التنظيم الإرهابي التي احتدمت بصورة أكبر خلال العام الماضي 2011 وأوال العام الحالي 2012، عندما استغل هذا التنظيم الأوضاع المتأزمة في اليمن ودفع بقيادات وعناصر من مختلف الدول العربية والإسلامية إلى بعض المناطق في اليمن، وخصوصا محافظة أبين، بهدف إعلان إمارة إسلامية هناك، وتمت مواجهته بكل قوة من قبل الجيش واللجان الشعبية والمواطنين الشرفاء، ومُني بخسارات فادحة». وأضاف هادي أن «المواجهة القوية ستستمر حتى دحر آخر إرهابي، سواء من محافظة أبين أو غيرها»، مشيرا إلى المشكلات الاقتصادية التي تعتبر من أبرز أسباب انخراط بعض المغرر بهم في تنظيم القاعدة.

وتدفع الحكومة البريطانية باتجاه ترتيب عقد اجتماع لمجموعة «أصدقاء اليمن» هذا الشهر، في العاصمة السعودية الرياض، بهدف تقديم دعم مالي عاجل للحكومة اليمنية لمواجهة المشكلات الاقتصادية التي تواجهها، ولتذليل الصعوبات التي تقف أمام التسوية السياسية في اليمن، والتي تأتي في إطار تنفيذ المبادرة الخليجية، والتي بموجبها تنحى الرئيس السابق علي عبد الله صالح وجرى تشكيل حكومة الوفاق الوطني، وأيضا الانتخابات الرئاسية في الـ21 من فبراير (شباط) الماضي.

وفي عدن احتفل متشددون مرتبطون بـ«القاعدة» أمس بواحدة من أشد هجماتهم دموية على الجيش اليمني، واستعرضوا العتاد العسكري الذي استولوا عليه بعدما قتلوا أكثر من 110 جنود، في حين تعهد الرئيس اليمني بملاحقة التنظيم بكل قوة. وقال المتشددون إنهم أسروا أيضا 70 جنديا في غارة بعد هجومين انتحاريين على موقعين عسكريين خارج مدينة زنجبار الجنوبية، أول من أمس الأحد.