عملية تجميل لأنف نائب سلفي تطيح به من مجلس الشعب

مراقبون: مصداقية السلفيين تهتز في الشارع المصري

أنور البلكيمي، النائب عن حزب النور السلفي، في مداخلة له بمجلس الشعب المصري قبل إعلان استقالته أمس (إ.ب.أ)
TT

بعد أن جاء حزب النور السلفي في المرتبة الثانية بعد جماعة الإخوان المسلمين، في الانتخابات التشريعية المصرية، التي أجريت نهاية العام الماضي، وحصل على 25 في المائة من مقاعد البرلمان المصري، يشعر اليوم بحرج من أحداث أدت آخرها إلى استقالة أحد نوابه من مجلس الشعب ومن الحزب، بعد أن ادعى إصابته في اعتداء للتغطية على إجراء جراحة تجميل في أنفه. وقال حزب النور على صفحته الرسمية على موقع «فيس بوك»: «نظرا للحادثة المؤسفة التي افتعلها النائب أنور البلكيمي، فقد انتقل رئيس حزب النور عماد عبد الغفور إلى مستشفى الشيخ زايد مع لجنة مشكلة من أعضاء الحزب للتحقيق مع النائب، وتبين من التحقيقات ثبوت عدم صحة ادعاء الاعتداء عليه، وثبوت إجراء عملية جراحية له». وأضاف الحزب أنه «بناء على توجيه الهيئة العليا لحزب النور، تقدم النائب أنور البلكيمي باستقالته من عضوية حزب النور واستقالته من عضوية مجلس الشعب. وأعرب الحزب عن أسفه «لهذه الحادثة، وإننا نعاهد الشعب المصري على الحرص على تحقيق العدل والشفافية في جميع إجراءاتنا وخطواتنا».

وكان أنور البلكيمي أكد هذا الأسبوع أنه تعرض لهجوم أثناء قيادته سيارته عائدا إلى منزله، حيث قام مسلحون بضربه وسرقة مائة ألف جنيه منه. وقد حظيت هذه القضية باهتمام إعلامي واسع. إلا أن أطباء في مستشفى الشيخ زايد أكدوا أن هذا النائب عن حزب النور السلفي خضع لجراحة تجميل للأنف. وتجري النيابة العامة من جهتها تحقيقات في ادعاءات النائب السلفي.

وبين دعوة الشيخ عبد المنعم الشحات، المتحدث الرسمي باسم «الدعوة السلفية بالإسكندرية» لتغطية التماثيل الفرعونية بالشمع، وواقعة نائب حزب النور (السلفي) الذي ادعى تحطم أنفه في حادث سطو وظهر بعدها أنه كان يخضع لجراحة تجميل في الأنف.. بين هذه وتلك، وقائع عديدة لنواب وقادة سلفيين تورطوا في تصريحات وتصرفات أثارت واستفزت الرأي العام المصري على شاكلة المطالبة بإلغاء تدريس اللغة الإنجليزية، أو رفع الأذان تحت قبة البرلمان.

وبينما يقول محللون إن الأمر يعود إلى افتقار الأحزاب السلفية للخبرة والحنكة السياسية، توضح الدكتورة هالة مصطفى، رئيس تحرير مجلة «الديمقراطية»، أن الأحزاب السلفية تعمد إلى التصريحات الصادمة لاكتساب تمييز في ظل افتقارها للبرامج السياسية الواضحة.

وحاز ائتلاف «قائمة النور» الانتخابية التي ضمت حزبي «النور» و«الأصالة» السلفيين، و«البناء والتنمية» التابع للجماعة الإسلامية، على 125 مقعدا من أصل 508 من مقاعد مجلس الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان). كما حازت القائمة على 25 في المائة من مقاعد مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) بعد أن جرى الانتخاب على 180 مقعدا، لكن مراقبين يقولون إن مصداقية الحزب في الشارع المصري تهتز مع تصريحات نوابه التي تعكس قلة خبرة سياسية. وقبل أربعة أيام، قال أنور البلكيمي، النائب عن حزب النور (السلفي)، إنه تعرض لحادث سطو مسلح على طريق القاهرة - الإسكندرية شهد سرقة 100 ألف جنيه (نحو 33 ألف دولار أميركي)، موضحا تعرضه لكسر في أنفه، لكن طبيب تجميل كذب رواية البلكيمي، مشددا بالمستندات على أن النائب السلفي أجرى جراحة تجميل في أنفه قبل ساعات من الحادث، وهو ما فتح باب الجدل حول النائب الذي طلبت النيابة العامة في مصر الإذن من البرلمان لسماع أقواله في الواقعة.

وقال نادر بكار، المتحدث الرسمي باسم حزب النور (السلفي)، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن حزب النور قرر فصل البلكيمي لمخالفته مبادئ الحزب، ولاحقا قال عماد عبد الغفور، رئيس حزب النور، في تصريحات لـ«CNN» بالعربية، إن الحزب تلقى استقالة مكتوبة من النائب البلكيمي من الحزب ومن مجلس الشعب، لافتا إلى أن عددا من الأعضاء يطالبون باتخاذ إجراءات أخرى ضد النائب، وعدم الاكتفاء بالاستقالة فقط.

ومنذ قرار السلفيين بالمشاركة في الحياة السياسية بعد ثورة 25 يناير 2011، أثارت تصريحات الشيخ عبد المنعم الشحات، المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية بالإسكندرية، الكثير من الجدل واللغط، بقوله قبل ترشحه لعضوية مجلس الشعب إن الديمقراطية كفر، ثم قوله إن «الحضارة الفرعونية عفنة»، إضافة إلى اتهامه أدب نجيب محفوظ بالحض على الرذيلة والفجور، لكنه استفز الكثير من المصريين بشكل غير مسبوق حين صرح بأن الضحايا الـ74 في أحداث بورسعيد الشهر الماضي سقطوا في سبيل اللهو الحرام.

ويقول أحمد عبد ربه، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن التيار السلفي يعيبه عدم الوعي بالسياسة، وأضاف «السلفيون مصممون على أن السياسة لعبة مقدسة.. وتصريحاتهم السياسية تفتقد إدراك أن السياسة لعبة واقعية وبشرية»، مشيرا إلى أن النواب السلفيين تعاملوا مع الأضواء والإعلام بانبهار ومن دون خبرة أو حنكة سياسية.. وتوقع أنه في حالة استمرار الأداء السلفي على نفس المنوال، «فسيخرجهم خارج اللعبة السياسية خلال أربع أو خمس سنوات». ومع بدء جلسات البرلمان قبل ستة أسابيع، طالب نائب سلفي بإلغاء اللغة الإنجليزية باعتبارها مخططا ضد مصر، كما اتهم نائب آخر من حزب النور متظاهرين أمام مبنى وزارة الداخلية بالقاهرة بتعاطي عقار «الترمادول» المخدر، مذكرا المصريين باتهامات القذافي للثوار بأنهم «يتعاطون حبوب هلوسة»، بينما رفع نائب آخر من حزب الأصالة (السلفي) الأذان أثناء جلسة للبرلمان قبل أسبوعين، وهو أمر غير مسبوق لا في البرلمان ولا في المجتمع المصري.

وشدد نائب النور السلفي، أحمد عبد الله، على أن واقعة البلكيمي، إن صحت، فإنها لا تؤثر على الحزب وسمعته، قائلا لـ«الشرق الأوسط»، إن المجتمع لا يخلو من الأخطاء، مستدركا أن ما يزيد الحزب مصداقية هو اتخاذه موقفا رادعا بحق البلكيمي. وشدد عبد الله على أن تصريحات نواب الحزب دوما ما يساء فهمها.

وتعتقد الدكتورة هالة مصطفى، أن التيار السلفي يعتمد على التصريحات الصادمة لاكتساب تميز في المشهد السياسي المصري، خاصة مع افتقاره للبرنامج السياسي الواضح، وقالت مصطفى «البديل هو اللجوء للأحكام المختلفة والمتشددة لاكتساب شعبية وتميزا»، مؤكدة أن تلك البلبلة تعود إلى حداثة التيار السلفي في ممارسة السياسة مباشرة، لكنها تظل متعمدة وغير عفوية، وقالت مصطفى إن تصريحات نواب النور خارج السياق العام ستفقده مصداقيته وثقة ناخبيه.