إسلاميون مصريون يسعون لتشكيل لجنة قومية لكشف 30 عاما من «جرائم النظام السابق»

رشدي: الهدف كشف حقيقة حوادث الإرهاب الشهيرة.. والزمر: العفو عن المحكوم عليهم أولا

TT

يسعى إسلاميون بمصر لتشكيل لجنة قومية لكشف حقيقة الأحداث الإرهابية، وأحكام الإعدام والسجن، ووقائع التعذيب التي قالوا إنها جرت بحق ألوف من الناشطين، غالبيتهم إسلاميون، طيلة الثلاثين عاما التي تولى فيها الرئيس السابق حسني مبارك الحكم. وقال الشيخ أسامة رشدي، المؤسس السابق لجبهة إنقاذ مصر في لندن، إن اللجنة ستكون على غرار اللجان الوطنية التي تشكلت في عشرات الدول، خلال القرن الماضي، بعد سقوط الأنظمة الديكتاتورية التي حكمتها بالحديد والنار.

إلا أن قيادات إسلامية أخرى تسعى لأن يكون على أولوية عملها في المرحلة الحالية العفو عن نحو أربعين من الإسلاميين المحكوم عليهم بالإعدام والسجن منذ عهد الرئيس السابق، وفقا لما أفاد به الشيخ عبود الزمر، القيادي في الجماعة الإسلامية، الذي خرج من السجن بعد سقوط مبارك، وارتبط اسمه بقضية اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات.

ونالت جماعات إسلامية بمصر أكبر قسط من التعذيب والتنكيل من النظام السابق الذي كان يصفهم بالإرهابيين، ونسب إليهم تنفيذ عمليات مسلحة ضد مصريين وأجانب، وحكم على بعض قادتها بالإعدام، وأصبح لهذه الجماعات الآن الأغلبية في البرلمان لأول مرة في تاريخه. وطالب الشيخ رشدي، الموجود حاليا في القاهرة، البرلمان المصري ذا الأغلبية الإسلامية، بإصدار قانون خاص لتشكيل لجنة التحقيق الشاملة، وتحصين عملها، وكذا حماية الشهود الذين عملوا في ظل النظام السابق.

ويبدو البرلمان في الوقت الحالي أكثر انشغالا بالمرحلة التي تمر بها البلاد التي تستعد لتأسيس دستور جديد وانتخاب رئيس للبلاد. وقال الشيخ رشدي لـ«الشرق الأوسط» إن الدعوة لتشكيل لجنة وطنية للتحقيق في جرائم النظام السابق تراعي ظروف البرلمان حاليا، لكن هذا لا يعني أن يتم تجاهل هذا المشروع السياسي الحقوقي لـ«تحقيق العدالة الانتقالية وكشف ملابسات الكثير من الأمور التي لم يكن الرأي العام المصري محيطا بها في عهد مبارك».

وأضاف رشدي، الذي سجن وجرت عدة محاولات لاغتياله في عهد مبارك، أن الهدف من تشكيل لجنة التحقيق القومية «أن يعترف من ارتكبوا جرائم بجرائمهم حتى نعرف كيف كانت تدار الأمور في عهد النظام السابق». وقال إن محاكمة الرئيس السابق وعددا من أعوانه، على قضية جرت وقائعها في الأيام الأخيرة لحكم مبارك، وهي قضية قتل المتظاهرين، أمر لا يكفي، حتى لو صدر فيها حكم بالإعدام، لأنها لا تكشف عما جرى طيلة عهد الرئيس السابق.

وأضاف موضحا: «نريد أن نعرف كيف كانت تدار الأمور في البلد، وينبغي أن تكون الأولوية للجرائم الإرهابية التي سجلت في مصر ضد مجهول، مثل قضية تفجير مقهى وادي النيل وسط القاهرة، وحادثة معبد الأقصر في منتصف التسعينات، وغيرها». ويستحوذ موضوع «لجنة التحقيق القومية» على اهتمام عدة قيادات إسلامية من جماعة الإخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية، بالإضافة إلى عدة تيارات يسارية وليبرالية عانت من العسف والظلم من النظام السابق، أبرزهم الدكتور أيمن نور، المنافس السابق لمبارك في انتخابات الرئاسة عام 2005.

ومن جانبه قال الزمر إن عمل اللجنة في الوقت الراهن سوف يقابل بعراقيل من قبل أنصار النظام السابق في بعض المؤسسات، منها وزارة الداخلية، وإن اللجنة الوطنية يمكن أن تبدأ العمل بعد أن تتمكن الأغلبية البرلمانية من تشكيل حكومة ائتلافية وتطهير الوزارات الحكومية من تأثير العهد البائد.

ويعتبر الزمر من مؤيدي فكرة تشكيل لجنة التحقيق القومية، وقال: «هناك أناس حكم عليهم بالإعدام تحت عنوان رجل عائد من باكستان أو أفغانستان، لمجرد خلافهم مع نظام الحكم الذي كان يتبع تكتيكات توحي بأن التيار الإسلامي إرهابي».

وأوضح الزمر أنه يؤيد انضمام تيارات أخرى لعمل لجنة التحقيق القومية، لكنه أضاف أن «الأجهزة الأمنية (الحالية) ما زالت تحتفظ بأسرار وبنيان معين. أما الآن فما زال هناك بعض الشخصيات لا تزال تقبض على زمام الأمور. ولن تبدأ اللجنة عملها هذا إلا بعد أن تتكون الحكومة الانتقالية، بعد انتخاب رئيس الجمهورية منتصف هذا العام.. حكومة تضم حزب الجماعة الإسلامية و(الإخوان) وحزب النور وتيارات أخرى».

وأضاف الزمر قائلا إن نحو أربعين من الإسلاميين ما زالوا في السجون منذ عهد مبارك، محكوم على بعضهم بالإعدام وآخرين بالسجن، وجميعهم في سجن العقرب، مشيرا إلى أن المطلوب الآن الضغط من أجل العفو عن هؤلاء، وكذا إلغاء البند القانوني الذي يحرم من خرج من السجن، أيا كانت توجهاته، من العمل السياسي لمدة ست سنوات، لأن هؤلاء المساجين كانوا من معارضي النظام السابق.